اجتماعات أديس.. بوابة جديدة لوحدة القوى المدنية السودانية!!
يعول كثيرون على اجتماعات أديس أبابا التي تزمع القوى المدنية السودانية عقدها الاسبوع المقبل، في توحيد صفها وتحقيق هدف إنهاء الحرب، حال تجنبت الأخطاء السابقة!!.
الخرطوم: التغيير
ينتظر أن تنطلق بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، السبت المقبل “21 اكتوبر”، اجتماعات اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام للجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية في السودان.
وتأتي الدعوة في سياق جهود إسكات أزير الطائرات وقصف المدافع العشوائي الذي حصد أرواح السودانيين، بعد عجز الجيش والدعم السريع عن حمايتهم نتيجة عدم التزامهما بقواعد الاشتباك في حربهما المندلعة بالخرطوم ومناطق أخرى منذ 15 ابريل الماضي.
واتخذت القوى المدنية شعار “أوسع جبهة لإنهاء الحرب واستعادة المسار الديمقراطي” للمؤتمر التحضيري في أديس أبابا خلال 21 25 أكتوبر الحالي، لوضع حد لمعاناة الشعب جراء الحرب، فهل تنجح في توحيد صفها وتحقيق هدفها عبر بوابة أديس؟
التحضير للمؤتمر
وأدت الحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع منذ 15 ابريل لمقتل نحو 9 آلاف من المدنيين بجانب آلاف المصابين، فضلاً عن مقتل وإصابة آلاف العسكريين، بجانب الخسائر المالية والأضرار الجسيمة، فيما أجبر أكثر من 5 ملايين شخص على ترك منازلهم والنزوح داخل السودان واللجوء لدول الجوار.
ويعد المؤتمر فرصة لنجاح القوى المدنية المناهضة للحرب في توحيد صفوفها، بعد أن أصابها داء الانقسام والتشظي ما أدى لإضعافها نتيجة تعنت بعض القوى مما ساعد في سيطرة العسكر على مجريات الأحداث في السودان حتى لحظة الصدام فيما بينهم.
وقالت اللجنة التحضيرية للمؤتمر في تصريحات صحفية، إن الهدف من الاجتماعات هو التحضير للمؤتمر العام للجبهة المدنية الذي سينعقد بعد فترة قصيرة من الاجتماع التحضيري، وستتناول القضية الأساسية المتمثلة في وضع استراتيجية لوقف الحرب وإحلال السلام.
وكشفت اللجنة أن الاجتماع سينعقد بمشاركة 60 ممثلاً وممثلة من بينهم ممثلين لقوى المجتمع المدني ولجان المقاومة والحرية والتغيير وتنظيمات المهنيين وكيانات ولائية بجانب مشاركة شخصيات لها وجود كبير في الساحة السودانية وممثلين للمجتمع الدولي والإقليمي.
ووصفت اللجنة الاجتماع بأنه نقطة انطلاق جديدة للقوى المدنية نحو إعادة تأسيس الدولة السودانية بما يحقق العدالة والشمول للسودانيين.
وتنشط الجبهة في التواصل مع طرفي الصراع والأطراف الإقليمية والدولية من أجل وقف الحرب.
وكانت هيئة التنسيق والاتصال للجبهة المدنية لإيقاف الحرب عقدت اجتماعاً في أديس أبابا سبتمبر الماضي قرّرت فيه تشكيل لجنة تحضيرية تمهيداً لعقد مؤتمر موسع.
وتسعى القوى المدنية لإيجاد دور في الصراع الدائر بالبلاد، وتستهدف بشكل أساسي وقف الحرب، والضغط من أجل ضمان المساعدات الإنسانية كهدف أولي، يعقبه الحديث عن شروط، ورؤى السلام، وضمان توقيع اتفاق سلام شامل، بعد أن أخفق الاتفاق الإطاري في توحيد الصف.
اشتراك في المفاوضات
وبرزت مساعٍ لإشراك المدنيين في مفاوضات السلام بمنبر محادثات جدة، بعدما اخفقت في حمل طرفي الصراع على الالتزام ببنود الاتفاق.
وتعالت أصوات أمريكية بضرورة توسيع الاتفاق، وضم القوى المدنية لاتفاق سياسي شامل فيما بعد الحرب، حتى لا تستأثر القوى العسكرية بصناعة القرار، وتنفرد القوى المسيطرة ميدانياً باتجاهات ما بعد الحرب.
تشكيل أوسع جبهة
واعتبر المتحدث باسم الحرية والتغيير المجلس المركزي شهاب إبراهيم، أن القوى المدنية لا تملك خيارات متعددة سوى أن تنجح في تشكيل أوسع جبهة تمثل طيفاً واسعاً من السودانيين، وتملك الجبهة وضع خارطة طريق إلى إنهاء الحرب ومن ثم مرحلة ما بعد ايقاف الحرب.
وقال لـ«التغيير»: في اعتقادنا أن الاجتماعات التي سوف تنعقد في 21 أكتوبر في أديس أبابا تجمع عدداً كبيراً من السودانيين. واستدرك: “نعم قد لا تمثل كل السودانيين في الوقت الراهن لكنها اجتماعات خاصة باللجنة التحضيرية للاجتماع الذي يجمع أكبر طيف من السودانيين لمناقشة قضايا ايقاف الحرب”.
منبر جدة
وأكد إبراهيم استئناف مفاوضات منبر جدة في القريب العاجل، وأنه قد يتزامن مع انعقاد اجتماعات التحضير للجبهة المدنية الواسعة لإيقاف إطلاق النار ومن ثم فتح المسارات لمساعدة المدنيين في تشكيل الجبهة.
ولفت إلى أن “الجبهة المدنية تمتلك رؤية وخارطة طريق لإيقاف إطلاق النار ومن ثم مناقشة القضايا السودانية بصورة عامة”.
وطالبت الحرية والتغيير في الأيام الماضية، الجيش والدعم السريع بالعودة للمفاوضات في منبر جدة، وأكدت أنه الطريق الأقدر على وقف الحرب ووضع خارطة طريق للمرحلة المقبلة.
فيما جددت الولايات المتحدة الأمريكية، دعوتها للطرفين بسرعة العودة إلى مسار التفاوض، وشددت على أنه لا حل عسكرياً للأزمة، وحذرت من عواقب انتصار أي من الجانبين في الحرب على مستقبل السودانيين.
تجنب أخطاء الماضي
من جانبه، قال المحلل السياسي عبد الباسط الحاج، إن الظرف التاريخي الذي يمر به السودان يفرض على القوى السياسية المدنية أن تتوحد وفق الأجندة الوطنية المطروحة لإيقاف الحرب وإحلال السلام ومعالجة الأخطاء التاريخية التي أدت إلى استمرار الحرب في الست عقود الماضية.
وأضاف لـ«التغيير»: “لكن على القوى السياسية التي تسعى إلى توحيد نفسها في منصة واحدة أن تعلم جيداً أن هذه المرة يجب أن تكون الوحدة قائمة على أساس الأجندة الوطنية وليس على المصالح الحزبية الضيقة وكذلك يجب عليها عدم تكرار التجارب السابقة مثل تجربة الإطاري وتجربة إعلان الحرية والتغيير الذين كان محصوراً على قوى سياسية محددة وأخرى كانت خارج هذه التحالفات”.
وتابع: “ما أعنيه هنا أن هذه المرة كل القوى السياسية المدنية وغير المدنية كذلك تتفق على مسألة إيقاف الحرب وعدم استمرارها وأن يتم إسكات صوت الرصاص”.
وزاد الحاج: “وهنا أود أن أقول إن برنامج القوى المدينة في أديس أبابا إلى الآن قاصر وعليها أن توسع دائرة التمثيل السياسي والجغرافي والمجتمعي وكذلك يجب أن تدفع هذه القوى بوجوه جديدة ودماء جديدة منعاً لاستنساخ التجارب السابقة”.
إشراك المدنيين
وبشأن الإرهاصات التي تشير إلى استئناف مفاوضات منبر جدة قال الحاج: “أعتقد أنه يجب اشتراك المدنيين في هذه العملية التفاوضية وأي عملية أخرى لاعتبار أن الحرب ستتنتهي في كل حال من الأحوال بعملية سلام ويجب أن تكون شاملة من حيث التمثيل ومن حيث القضايا الوطنية التي لم تلق نصيبها من طرح أو من الحل”.
ونبه إلى أنه لا يتفق مع الصيغة التفاوضية التي تكون محصورة فقط على العسكريين أو على تمثيل قوى الحرية والتغيير فقط لأنها ليست الجهة الوحيدة التي تمثل المدنيين وإنما هنالك العديد من الأجسام المدنية الفعالة الأخرى والتي لها حضور ويجب أن تمثل.
ونادى بضرورة مراعاة التمثيل الجغرافي والنوعي، وقال: “أعتقد إذا حاولت هذه القوى احتكار المنبر فإنها سوف تكرر ذات التجارب السابقة مما يقود إلى تعقيد الأزمة أكثر”.
عموماً، يتفق معظم المراقبين بشأن ضرورة توسيع وتوحيد الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية، وتثبيت حقيقة أنه لم تعد هناك قوى معينة تحتكر تمثيل الحراك المدني الديمقراطي، وأن كل الداعمين للديمقراطية ووقف الحرب يجب أن يكونوا جزءاً حقيقاً من هذه الجبهة، وإلا فإن تجارب الماضي القريب والبعيد ماثلة ونتائجها بائنة في واقع اليوم!!
المصدر: صحيفة التغيير