اخبار المغرب

مغاربة وأجانب يتوافدون على الجديدة لحضور “عروض التبوريدة” والفنون الفرجوية

على وقع زغاريد النساء وصياح الأطفال وتصفيقات الجماهير، انطلقت بالجديدة فعاليات الجائزة الكبرى للملك محمد السادس للتبوريدة، على هامش الدورة الرابعة عشرة من معرض الفرس الذي يقام خلال الفترة الممتدة من 17 إلى 22 من الشهر الجاري، بمشاركة 17 “سربة” تمثل مختلف جهات المملكة، وتتكون كل منها من 15 فارسا يتوسطهم “المقدم” الذي يرتدي لباسا مميزا عن باقي الفرسان.

وعرف اليوم الأول من المعرض الذي نظمته جمعية معرض الفرس في نسخته الحالية، تحت شعار “الخيل والتنمية المستدامة”، توافد عشرات الأشخاص مغاربة وأجانب على الفضاء الذي احتضن فعاليات الجائزة، من أجل الاستمتاع بهذا الفن الفرجوي والطقس الفلكلوري الذي يشكل جزءا لا يتجزأ من الثقافة المغربية والتراث المغربي الأصيل.

عند مدخل الباب المخصص للزوار التقينا بشيخ بدا سعيدا وهو يستمع إلى طلقات البارود التي دوت أصواتها في الأرجاء، سألناه عن سر قدومه إلى هذا المكان، فلم يتردد في الجواب قائلا إن “المغاربة مدمنون على تربية الخيل والاستمتاع بطلقات البارود التي لهم معها حكايات ضاربة في عمق التاريخ”. وأضاف الرجل الذي قال إن عمره 71 سنة، والقادم من عمالة تازة، في تصريحه لهسبريس، أنه جاء خصيصا لمشاهدة عروض التبوريدة التي تُذكره بالزمن الخالي، مُبديا إعجابه بالتنظيم المحكم لهذا المعرض.

من جهته أثنى الحاج معطى الله، البالغ من العمر 90 سنة والقادم من تاونات، على المستوى الكبير للتنظيم الذي حظيت به هذه التظاهرة، قائلا إنه رغم مروره بفترة نقاهة إثر عملية جراحية أجراها قبل أسابيع إلا أنه أبى إلا أن يسجل حضوره في نسخة هذه السنة، على غرار باقي نسخ السنوات السابقة، مردفا: “أنا مولع بالخيل ومن مربي الأحصنة، وقد حرصت على توريث هذه العادة إلى أبنائي بحكم أن حالتي الصحية لم تعد تسمح لي بامتطاء الحصان، لكن عشقي له وللبارود مازال قائما”.

ولمغاربة العالم أيضا نصيب من فرجة التبوريدة، إذ أكد شعيب، مواطن مغربي مقيم بالديار الألمانية، وجاء رفقة ابنه لمشاهدة العروض، أنه حرص على إحضار ابنه لهذه التظاهرة “من أجل التعرف على روافد الثقافة المغربية وتعميق ارتباطه بوطنه الأم”.

وكان لافتا أيضا حضور عدد من السياح الأجانب الذين أعجبوا بعروض الفرسان، وبالخيول وهي تتراقص في تناغم على أرضية الحلبة قبل أن ترسم طلقات البنادق، أو “المكلحة” بالدارجة، لوحة فنية من الدخان في سماء المعرض، تزيدها أزياء الفرسان جمالا ورونقا.

في هذا الصدد، قال داريو، سائح من جنسية إيطالية، في تصريح لهسبريس، إنه جاء لمشاهدة عروض التبوريدة بعدما نصحه صديق له بذلك، كان هو الآخر حضر إلى هذا المكان قبل ست سنوات، مضيفا: “أعتقد أن هذا الفن وهذه المشاهد فريدة من نوعها في العالم”.

من جهته قال راشد المنصوري، إماراتي الجنسية: “إنها أول مرة أحضر إلى هذا المهرجان، ولم أتوقع أن يكون بهذه الجمالية وبهذه المشاهد الجميلة التي تحيلنا على تراثنا القديم”، مضيفا في تصريح لهسبريس أن “الزائر لا يمكن إلا أن يكون مبتهجا وهو يتجول في أروقة المعرض الذي يجب حقا على العالم أن يأتي لزيارته”.

ولاحظت جريدة هسبريس أن تصفيقات الجمهور تتعالى كلما نجح فرسان “سربة” ما في توحيد طلقات بنادقهم التي يتحكم “مقدم السربة” في توقيتها، مُصدرا صوتا بلهجة تعكس الانتماء الجغرافي للفرسان، قبل أن تتوجه بالسؤال لمعرفة المزيد حول هذا الموضوع إلى محمد رضا عبد الصادقي، عضو لجنة تحكيم النسخة الحالية من جائزة محمد السادس للتبوريدة، الذي قال إن “تحكيم التبوريدة يمر عبر عدة مراحل”.

وأوضح عبد الصادقي أن أول مرحلة هي التحية أو “الهدة” التي لا يتم استعمال البارود فيها، حيث تُقيم لجنة التحكيم “تناغم السربة ولباس الفرنسان وسروج الأحصنة، إضافة إلى الحالة الصحية للخيول”. أما المراحل الأخرى، يضيف المتحدث عينه، فتهم “طلقات البارود، حيث يجب أن تكون انطلاقة الفرسان أولا موحدة، كما يُنظر إلى مجموعة من العناصر، على غرار كيفية قدوم السربة في اتجاه خط الطلقة، وطريقة التلاعب بالبنادق، وطريقة الاصطفاف والانصياع لأوامر ‘المقدم’، وصولا إلى الطلقة الموحدة”.

في هذا الصدد لفت عضو لجنة التحكيم، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أنه “كلما كانت ‘القرصة’ أو الطلقة موحدة وقوية كلما حصلت السربة ومعها المقدم على نقطة عالية من لجنة التحكيم”.

لـ”مقدم السربة” إذا دور حاسم ورئيسي في عروض التبوريدة؛ ولمعرفة المزيد في هذا الصدد توجهت هسبريس بالسؤال إلى “المقدم” دحمان الحسناوي عن الجهة الشرقية، الذي فازت “سربته” بالنسخة الماضية من الجائزة الكبرى للملك محمد السادس، فأوضح أن “قيادة ‘السربة’ تتطلب أولا الصبر والطيبوبة، إضافة إلى التوفر على تجربة طويلة في التعامل مع الخيول والبارود، وبالتالي فإن ‘المقدم’ الجيد هو الذي يستطيع بناء علاقة جيدة مع الفرسان والخيول على حد سواء”، مشيرا إلى أن “أغلب المقدمين توارثوا هذا الميدان عن آبائهم وأجدادهم “.

ولفت المتحدث عينه، في تصريح لهسبريس، إلى أن “السربات” المشاركة في المهرجان خاضت أولا مباريات إقصائية على الصعيدين المحلي والجهوي، مشيرا إلى أن “هذه التظاهرة تزداد إشعاعا عاما بعد آخر، سواء من حيث التنظيم أو من حيث الزوار الذين يتوافدون من كل حدب وصوب لمشاهدة العروض الفلكلورية للسربات المشاركة”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *