هل يشكل تقرير الأمين العام للأمم المتحدة نقطة تحول في ملف الصحراء المغربية؟

تضمّن التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى مجلس الأمن حول قضية الصحراء، إشارات وصفها مراقبون بـ”الواضحة” إلى جدّية تعاطي المغرب مع جميع المبادرات التي تروم وقف تطور النزاع المفتعل في المنطقة، مقابل مواصلة جبهة البوليساريو وحاضنتها الجزائر الدفع نحو مزيد من التعقيد.
ولفت التقرير ذاته الانتباه إلى أن لدى المغرب “نية معلنة من أجل مواصلة احترام وقف إطلاق النار والاتفاقات العسكرية، وكذا الإبقاء على تعاونه الوثيق مع المينورسو على جميع المستويات”، كما ذكّر غوتيريش بمواصلة نهج الملك محمد السادس سياسة اليد الممدودة من أجل إعادة العلاقات مع الجزائر إلى الوضع الطبيعي.
ويرى عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، أن “تقرير الأمين العام للأمم المتحدة وقف على حقيقة ما تروج له جبهة البوليساريو والجزائر بشأن مزاعم تصاعد التوتر العسكري في المنطقة، وأكد (التقرير) أن المنطقة تعرف توترا عسكريا منخفضا”، مسجّلاً عرقلة البوليساريو لعمل المينورسو، ثم الوضعية الكارثية لمحتجزي مخيمات تندوف.
وأضاف بنلياس ضمن تصريح لهسبريس: “يجب أن نقر بأن منذ أن تقدم المغرب بمقترح الحكم الذاتي لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل وقرارات مجلس الأمن وتقارير الأمين العام للأمم المتحدة تؤكد أن الحل والسياسي والتوافقي والواقعي بين الأطراف هو السبيل لطي هذا الملف”، مبرزاً أن المغرب “انخرط بكل إيجابية في هذا المسار من خلال مبادرة الحكم الذاتي ومن خلال احترامه لمختلف الآليات التي نصت عليها قرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها آلية الموائد المستديرة باعتبارها الإطار السياسي الذي يمكن أن يدفع بالعملية السياسية نحو توافقات ترضي جميع الأطراف”.
وأشار إلى أنه مقابل ذلك، “نجد الجزائر، الطرف المباشر في هذا النزاع، تتملص من قرارات مجلس الأمن من خلال رفضها المشاركة في الموائد المستديرة، ودفع صنيعتها البوليساريو إلى الانسحاب من اتفاق وقف إطلاق النار والترويج لتصاعد التوتر العسكري في المنطقة”.
وخلص الخبير في العلاقات الدولية إلى أن “هذه النقط وغيرها تضع الجزائر والبوليساريو في زاوية المساءلة من طرف منظمة الأمم المتحدة التي تحث الجزائر على الانخراط بحسن نية في العملية السياسية، ما يوحي بأن الأمم المتحدة بدأت تتبلور لديها القناعة بأن الجهة التي تعرقل جهود حل هذا الملف هي الجارة الشرقية”.
من جانبه، قال الحسين كنون، محام رئيس المرصد المغاربي للدراسات السياسية الدولية، إن تقرير غوتيريش الذي جاء على ذكر الجزائر 20 مرّة، “جاء ليؤكد على دورها في النزاع، ولتكذيب مئات البلاغات التي تدعي من خلالها جبهة البوليساريو وجود حرب في الصحراء المغربية”.
وأضاف كنون، في تصريح لهسبريس، أن تأكيد التقرير سالف الذكر على تهرّب الجزائر من “الموائد المستديرة” من شأنه أن “يضعها في مواجهة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ويقبر أسطوانتها المشروخة والمتجاوزة المرتبطة بتقرير المصير والاستفتاء في الصحراء المغربية”.
وبالنسبة للخبير في السياسات الدولية، فإن هذا التقرير من شأنه أن يشكّل “نقطة تحوّل في هذا الملف، لاسيما في ظل الموثوقية التي يحظى بها المغرب على الصعيد القاري والدولي، والريادة في البرامج التنموية والعلاقات الدولية”.
المصدر: هسبريس