الضبط «النظامي» المطلوب وبعض المسكوت عنه
الضبط «النظامي» المطلوب وبعض المسكوت عنه
محمد كبسور
فيما تبدو حملات مكافحة المخدرات حميدة في ظاهرها مثلها مثل حملات المرور ودوريات الليل و”كشّات” البلديات، تتدفق العديد من الروايات في مدينتنا الصغيرة الحصاحيصا في الملمّات وفي بيوت الأفراح والأتراح، لتحكي قصصاً عجيبة عن استيلاء عناصر نظامية من تلك الحملات علي هواتف ومقتنيات لشباب عديدين تعرضوا تباعاً لابتزاز ولتهديدات من تلك العناصر بتوجيه التهم لهم بالتعاطي أو الإتجار بالمخدرات إن لم يهبوا مقتنياتهم أو بعضها لتلك العناصر، مستغلين ضعف موقف الذين تم أو يتم ابتزازهم والغرامات الكبيرة المحتملة في حالة ثبوت تلك التُهَم عليهم، ومستغلين الإدانة المجتمعية في حالتي ثبوت التهم أو عدمها..!!
وعلي ذات النسق رشحت قصص ايضاً عن ممارسات شبيهة لعناصر من الدوريات المشتركة الليلية والتي تطلب من دون حياء بعض إن لم يكن كل مما ليس من حقها من المواطنين المارين عبر الشوارع، راكبين كانوا أم راجلين، مع اختلاف بسيط في تفصيلة التُهم المحتملة الوارد توجيهها، فالتهمة الأبرز التي يمكن ان توجّه للمواطن المغلوب علي أمره في المشهد الليلي هي “الاشتباه”..!
وتتصدّر قصص وفضائح الصراعات علي الوقود في طرمبات البنزين بين بعض النظاميين، أيضاً تِرِند لونسات تلك الملمّات السعيدة والحزينة، ويتصدّر معها سؤال إن كانت لها علاقة بتجارة الوقود في السوق السوداء أو علاقة بالاستثمار في أزمات البلد المكلوم وشعبه المسكين الصابر علي غي الأطراف جميعها..!!
نعلم عفّة وأدب ونزاهة العديد من العناصر النظامية من أبناء مدينتنا علي اختلاف رتبهم، بحكم إلتصاقنا الإجتماعي بهم وبحكم انتمائهم للمدينة الصغيرة وللأُسَر المعروفة الموجودة فيها وبحكم وجودهم في ذات الملمات، فهم بطبيعة الحال يسمعون ما نسمع..
إلا أن تكاثر تلك الروايات المنتشرة يتطلب النظر بعمق لتلك الممارسات المحتملة، من منطلق المصلحة العامة ومن منطلق أن الطمأنية يبثها النظاميون في أزمنة السلم، فما بالك بالحرب وأزمنته، فالظرف حرج بحق..!
الكثافة الواضحة للقصص المنتشرة بشكل غير مسبوق ليست مؤشراً جيداً لما نحن فيه بكل تأكيد، لذلك يظل التعويل قائم علي العناصر النظيفة بين النظاميين وعلي ذات القانون الذي يحكم الجميع وعلي الجهات النظامية المعنية بضبط سلوك النظاميين من شرطة أمنية وعسكرية ورتب عليا ومسئولين، فالنظاميون بشر مثل غيرهم فيهم الصالح وفيهم الطالح.
نعلم جميعاً أن كره السودانيين لـ”الدعّامة” في نمو وتصاعد ملحوظ بسبب تكاثر قصص تعدّيهم علي كرامة وممتلكاتهم وأعراض المواطنين في البيوت والشوارع، ناهيك عن تاريخهم الأسود الذي ارتبط بالمجازر والحروب مع شركائهم عبر ذلك الرِحم وما أنجب..!؟ فهل يتعظ النظاميون..!؟
ويعي أغلب الذين عايشوا فترة إنقلاب اللجنة الأمنية للبشير علي رئيسهم، كيف أن الغضبة التلقائية لشعب مدينتنا أتت بشكل مباشر علي رؤوس أولئك النظاميين الصغار الذين مارسوا الرزالة والتعالي والتنكيل علي وبمواطنيهم بشكل مباشر، فطالتهم الغضبة قبل حتي أن تطال الكبار.
كان الله في عون شعب مدينتنا وعموم السودان.
المصدر: صحيفة التغيير