سياسات إسرائيل “أنجبت” لها أبطال طوفان الأقصى
من أجل تنفيذ مهام قتالية خاصة بالغة التعقيد وفي ظروف خاصة، يحتاج العسكري أو المقاتل إلى لياقة عالية وتدريب متقن، ويتم اختيار من يقوم بهذه المهام القتالية بعناية فائقة ويكون اغلبهم من الشباب الذين تترواح أعمارهم ما بين العشرينيات إلى منتصف الثلاثينيات، وهي الشريحة العمرية التي ينتمي إليها اغلب من نفذوا عملية “طوفان الأقصى” داخل غلاف غزة، شباب عاشوا ويعاشون مآسي الحصار من فقر وبطالة وتقتيل.
وليس من باب مبالغة فان أغلب من نفذوا العملية لم يروا العالم خارج قطاع غزة، و ربما مدن غلاف غزة كانت أول “سفرية” لهم خارج القطاع، بسبب الحصار المفروض والشروط المجحفة التي تضعها إسرائيل في وجه الشباب الغزاوي لعبور المعابر.
هؤلاء لم يعرفوا في حياتهم إلا الحصار وكل ما يرافقه من ضنك في العيش ومن فاقة، ومن بطالة ومن يتم ومن حرمان من كل ما يمكن ان يعيشه طفل أو شاب في هذه المراحل العمرية، فهم لم يستمتعوا بطفولتهم ولا بشبابهم، ذنبهم الوحيد أنهم ولدوا في قطاع غزة المحاصر من طرف احتلال هوايته القتل والتنكيل والإمعان في إلحاق الضرر بالفلسطيني وبشتى الطرق.
المثير للاهتمام وللغرابة بشكل أكبر أكثر، فمواقف الدول الغربية، وللأسف حتى أنظمة عربية المطبعة مع الكيان، وقفت إلى جانب إسرائيل وحملت حركة “حماس” وباقي فصائل المقاومة المسؤولية الكاملة للتصعيد، او في مواقف أكثر ليونة ساوت بين الضحية والجلاد، لكن هذه المواقف في الحقيقة الأمر هي مبنية على نتائج وليس الأسباب وتحركها المصالح والأجندات وليس المبادئ التي طالما كانت حجة هذه الدول للتدخل في اكثر من بلد وزرعت به الخراب. فلا يمكن ان نصف من يرفع السلاح ضد معتدين على الأرض بالارهابيين، وإلا ما تقوم به الدول الغربية من إسناد ودعم لأوكرانيا ضد روسيا هو دعم للإرهابيين.
ان دولة الاحتلال اليوم تدفع ثمن سياسات عنصرية لا تختلف عن سياسة الابارتايد في جنوب افريقيا، وسياسة الأرض المحروقة التي انتهجتها فرنسا بالجزائر، وباقي سياسات الدول الاستعمارية في العالم. من رفعوا السلاح في وجه الاحتلال الإسرائيلي ونفذوا وينفذون خطط عملية ” طوفان الأقصى” لم يقوموا إلا برد صاع الاحتلال، وهذه العملية ما هي الا ترجمة و رجع صدى لسياسات دولة الاحتلال على مدار عقود، وعليه لا يمكن ان ننتظر من الشعب الفلسطيني أن يبقى مكتوف الايدي، وهو الذي أدرك أن لا مستقبل للسلام في ارضهم، في ظل سياسات اسرائيل التوسعية والتهويدية والارهابية ضد الشعب والأرض والمقدسات، وفي ظل لا مبالاة بل وتواطؤ الدول التي تغض الطرف عن همجية إسرائيل.
وسائل الإعلام الغربية، ضجت بالمحللين السياسيين والمسؤولين والكتاب وكل من يمكن ان يدلي دلوه في الأحداث الدائرة بفلسطين المحتلة، وتقاطعت تصريحاتهم ومواقفهم عند الاستغراب والدهشة من عملية “طوفان الاقصى” ونعتوا المقاومين بالارهابيين والبرابرة، كما استغربوا وجود من يدافع عن العملية ويبرر لها على مواقف التواصل الاجتماعي، ونفس هؤلاء تجدهم في واجهة المدافعين عن أوكرانيا، في تناقض فاضح في المواقف، ما يجري في فلسطين المحتلة ومواقف الدول الغربية وما تجنيه اسرائيل اليوم، ينطبق عليه المثل العربي القائل ” يداك أوكتا وفوك نفخ”