اخبار السودان

خصومات الميديا.. هل نحن فاشلون؟

محمد ضياء الدين

إطلعت قبل أيام قليلة فى الميديا، على ملخص كتاب صادر عن المركز القومى للترجمة بعنوان (القسوة وشرور الإنسان والعقل البشرى) من تأليف كاثرين تايلور، يقدم الكتاب مقاربة علمية لظاهرة القسوة فى محاولة لإكتشاف آلية إتخاذ القرار، ومسببات إستخدام مرحبا عبارات القسوة فى الحوار بين الأفراد والجماعات، خاصة عند الإختلافات (أيا كانت طبيعتها ودرجتها).

يخلص الكتاب إلى أن (القسوة أدعى أن ترتبط بالفشل وليس بالحقد والكراهية كما نظن).
هذه الخلاصة هى ما
ما دفعتنى لتناول هذا الموضوع بإيجاز ، مقروءا بظاهرةإستخدام الردود والعبارات القاسية فى حوارات الميديا، خاصة بعد تعقيدات المشهد السياسي فى بلادنا بعد الحرب.
الملاحظ أن (أغلب) الذين يختلفون حول أى موضوع أصبحوا يتعمدون القسوة والإساءات الشخصية في الرد على بعضهم البعض. وتحولت قروبات الواتساب والفيسبوك إلى منصة للرمى والقصف بأقسي العبارات التى تعمل على التقليل من الطرف الآخر. بل والتلزز بجرح (الخصم) ووضعه فى خانة العدو الذى يجب سحقه حد الموت ، والأنكى من ذلك يجد هؤلاء القساة دعم مناصريهم بالتعقيب مؤيدين بذات اللغة وأقسى، وبتناغم يبدو واضحا بالمشاركة باللايكات والقلوب الحمراء كمان.

إن من الدروس القاسية في الحياة. عليك أن تتعلم أن ليس كل الناس تتمنى لك الخير، خاصة فى بلادنا عندما تتولى المسؤلية فى العمل العام بل وحتى الخاص (تنفيذي/سياسي/مهني/ رياضى.. فنى.. الخ ) فإن كنت ناجحا ستنتاشك سهام الفاشلين ، والعكس صحيح.
السؤال الذى يطرح نفسه لماذا كل هذه القسوة والحقد والكراهية والتشفى، التى نستخدمها ولا نوفرها فى الردود على بعضنا البعض فى الميديا؟
هذا ما أريد أن أذهب اليه ( خصومات الميديا) ، التى وصلت حد إنتهاكات الخصوصية والتشهير والتلميح، التى لا تستثنى أحد رجل أو إمرأة،كبير أو صغير، ما دفع أغلبية أعضاء القروبات ليصبحوا مجرد قراء فى أفضل الأحوال، يلتزمون الصمت ويبتعدون عن المشاركة والتعليق، حتى لا يصابون بشظايا القصف والإنتهاكات، ويكتفون فقط بالعزاء وتمنى الشفاء.

لقد تطور العداء والقسوة لإستخدام الفوتوشوب والذكاء الصناعي، وغيرها من وسائل التقنية الحديثة إمعانا ليس فى تشوية صورة البعض فحسب، بل لحرقها سياسيا وإجتماعيا (لا يهم) ، فى ظاهرة غريبة على مجتمعنا.
شجع على ذلك غياب الدولة والقانون والحرب بالطبع .
بالتأكيد يجب أن ندرك بأننا لسنا ملائكة، وكلنا يحمل جينات الحماقة السودانية التى نعرف مدى حدودها التى لا تتجاوز (الشكلة.. والحجاز ثم الأجاويد والعفو والعافية) ..
ولكن لماذا هذه القسوة واللعن والإساءات والدعوة للموت ..
يقال..
أن من أسباب القسوة هي حب الدنيا وتفضيلها على الآخرة. والأنانية وتفضيل الذات على الآخرين.
والتصرف وفق الأهواء الشخصية.

وأخيرا علمنا أن من أسبابها هو الفشل كما ذهبت اليها كاثرين تايلور فى كتابها المشار إليه أعلاه.
عليه ووفقا للحال والوصف الذي نشاهده ونعايشه يوميا في الميديا فإن هذا السؤال يطرح نفسه (هل نحن فاشلون فعلا )!!
بعد وصف الكاتبة أن القسوة أدعى للفشل وليس للحقد والكراهية كما نظن (هل تتفق مع هذا المنطق) عزيزى القارئ.

شخصياً هذا الوصف لم يخطر على بالى من قبل.. إلا أننى أصبحت أقرب إلى القناعة به . فقط أؤمن بأننا حتما ستنجاوز الفشل والفاشلين.
الإجابة على السؤال أعلاه تقود لسؤال آخر هل الفشل هو السبب فى عجزنا عن الحوار الموضوعى القائم على الإحترام وتقدير الرأى الآخر !.
هل خلاصة الإجابات تعزز نظرية الفشل؟
أم أن هناك أسباب أخرى.
بالمناسبة ..
الله يلعن شيطانا، ويفك عارضنا.

خاتمة
أخاف أن يأتى علينا زمان وصفه سيدنا على
بن أبى طالب بقوله ..
(يأتى عليك زمان لا تجد فيه سرور نفسك إلا فى إعتزال الناس).

١٢ أكتوبر ٢٠٢٣

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *