اخبار الإمارات

مراكز خاصة تفتقر إلى كوادر متخصصّة لتشخيص أصحاب الهمم

أبلغ أهالي أطفال من أصحاب الهمم «الإمارات اليوم» بأن مراكز خاصة لتشخيص أصحاب الهمم تسببت في تراجع الحالة الصحية لأبنائهم، بسبب التشخيص الخطأ، وعدم تحديد ما يعانونه بدقة، فضلاً عن إرهاقهم مالياً دون جدوى.

وأكد مختصان في مجال رعاية أصحاب الهمم، أن التشخيص الخطأ يعرّض الطفل لمجموعة من المخاطر النفسية والاجتماعية، ويؤثر أيضاً في الأسرة ككل، ويتسبب في هدر الوقت والجهد والمال، موضحين أن «اعتماد الأهالي على تشخيص الإعاقة دون التحقق العلمي يعتبر مشكلة، ففي بعض الحالات قد يكون الوالدان غير مدركين تماماً طبيعة المشكلة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تشخيص غير دقيق».

وأكدا أن المراكز الخاصة لا تخضع للرقابة بصورة مستمرة؛ فبعض الأشخاص يستخرجون رخصاً لإنشاء تلك المراكز، ويعمل فيها أشخاص غير مؤهلين بالقدر الكافي، مطالبين بوجود جهات حكومية تعتمد التقارير الصادرة عن تلك المراكز.

وتفصيلاً، قالت ولية أمر الطفل (ز.ع.س): «عانيت كثيراً بسبب رفض والد ابني تقبل حالة الطفل، فكان يذهب إلى أحد المراكز، ويستخرج تقريراً يفيد بعدم وجود أي مشكلات للطفل، حتى يتمكن من إدخاله المدرسة والاندماج مع أقرانه».

وأضافت: «لكن المشكلة تمثلت في الطفل نفسه، حيث أصبح غير قادر على الاندماج، وتراجعت حالته، وأصبحت الآن أعاني بسبب رفض المدارس قبوله، ولم يعد أمامي إلا إدخاله إلى مركز مختص بأصحاب الهمم، بعد أن ضاع من عمره سبع سنوات، بسبب تقرير خاطئ من مركز خاص».

وقالت ولية أمر الطفل (ع.س.أ): «لديّ ثمانية أبناء، بينهم اثنان من أصحاب الهمم، وإلى الآن لا أعلم ما التشخيص الصحيح لحالة أبنائي، فأحد المراكز شخّصهم بالتوحد، وآخر بالإعاقة الذهنية، وثالث بتأخر إنمائي، حتى أصبحنا مشتتين لعدم وجود مختصين في أنواع الإعاقة».

وأكدت: «أرهقنا مالياً بسبب الجلسات العلاجية التي لا تجدي شيئاً في مراكز خاصة، إذ إن بعض العاملين في مثل تلك المراكز يدّعون أنهم أخصائيون، لكنهم قد يكونون غير مؤهلين أكاديمياً بالقدر الكافي».

وتقول أمينة، والدة طفل في الـ10 من عمره: «بعد مراجعة عدد من الأطباء في مركز خاص، أخبرونا بأن ابني يعاني طيف التوحد، فبدأنا فوراً في تطبيق البرنامج العلاجي الموصى به، وأمضينا شهوراً طويلة وأنفقنا أموالاً كثيرة في محاولة لتحسين حالته، دون جدوى بل بدأت تظهر عليه علامات جديدة من القلق والانعزال، وبعد مراجعة مركز حكومي، اكتشفنا أن التشخيص الأوّلي كان خطأ تماماً، فلم يكن يعاني طيف التوحد، بل مشكلات في النطق، ويحتاج إلى طرق علاجية مختلفة».

من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة، المستشار الدكتور خالد السلامي: «في الوقت الذي نشهد فيه تسارع وتيرة التطورات الطبية والتكنولوجية، يظل هناك سؤال مُلحّ وبارز يطرح نفسه على الساحة: هل توفر المراكز الخاصة لتشخيص أصحاب الهمم الرعاية الصحية المناسبة والعالية الجودة التي تحتاجها هذه الشريحة المهمة من المجتمع».

وأضاف أن «هناك حكايات عدة لتشخيص خطأ لأصحاب الهمم في مراكز خاصة، ما يضع الأسر في دوامة من القلق والإرباك».

وأشار إلى أن التشخيص الخطأ يعرض الطفل لمجموعة من المخاطر النفسية والاجتماعية، ويؤثر أيضاً في الأسرة ككل، ويتسبب في هدر الوقت والجهد والمال، ويضيف طبقة إضافية من التوتر والإحباط على الأهل الذين يبحثون عن الأفضل لأطفالهم.

وتابع: «هناك تباين واضح وملموس بين القطاعين الحكومي والخاص في ما يتعلق بتشخيص وعلاج أصحاب الهمم، فالمراكز الحكومية تتميز بالكفاءة العالية، والدقة في التشخيص، والتزام أعلى المعايير الطبية الدولية، وهذه المراكز تستخدم أحدث التقنيات، وتضم فرقاً طبية متخصصة، تتلقى تدريبات مستمرة لضمان جودة الخدمة، وفي الجانب الآخر من الميدان نجد مراكز خاصة لا تلبي تلك المعايير».

وأوضح السلامي أن «التباين بين القطاعين يطرح العديد من التساؤلات حول مدى فاعلية الرقابة على المراكز الخاصة، وكيف يمكن لهذه المراكز أن تتبع معايير أقل من المراكز الحكومية، رغم أنها تتعامل مع الفئة الحساسة نفسها من المجتمع»، مشيراً إلى أن الفجوة بين القطاعين تحتاج إلى معالجة عاجلة، لضمان تقديم رعاية صحية عالية الجودة لأصحاب الهمم.

وكشف أن أحد أبرز التحديات التي تواجه مراكز خاصة هو نقص الكادر المتخصص، الذي يؤدي إلى تشخيص غير دقيق، بل يمتد ليشمل العلاج والتأهيل، ما يعقد الأمور أكثر، ويجعل العلاج غير فعّال.

وأكد أن عدم وجود تقنيات تشخيص حديثة في مراكز خاصة يعد عائقاً كبيراً، إذ يتم الاعتماد على تقنيات قديمة، بما يقلل من دقة التشخيص، ويجعل العملية تعتمد على الحدس والتجربة الشخصية للأطباء أكثر من البيانات العلمية والأدلة الموثقة، ما يزيد من احتمالية حدوث أخطاء.

وتابع: «وبينما يعتبر وصف أولياء الأمور مصدراً مهماً للمعلومات، إلا أن الاعتماد الكبير عليه دون التحقق العلمي يعتبر مشكلة، ففي بعض الحالات قد يكون الوالدان غير مدركين تماماً لطبيعة المشكلة، أو قد تكون لديهما تصورات خطأ عنها، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تشخيص غير دقيق، ويؤدي في النهاية إلى تفاقم الحالة بدلاً من تحسينها».

وقال السلامي، إن «التشخيص غير الدقيق يترك آثاراً سلبية عميقة على الأسر، منها هدر الوقت والمال، فالعديد من الأسر تجد نفسها مضطرة لإعادة التشخيص، والبحث عن علاجات جديدة، ما يعني تكبد مزيد من النفقات والجهد دون ضمان نتائج إيجابية، فضلاً عن أن العلاج غير المناسب يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الحالة بدلاً من تحسينها».

بدورها، أكدت عضو جمعية أهالي ذوي الإعاقة، الدكتورة بدرية الظنحاني، أن هناك شروطاً لافتتاح مراكز خاصة لرعاية وتأهيل أصحاب الهمم، والترخيص لأخصائيي الإعاقة بممارسة مهنتهم في مراكز أصحاب الهمم في الدولة، وذلك لأهمية حصول أصحاب الهمم على الرعاية الكاملة وفق الشروط العلمية، وأن يكون الأخصائيون قادرين على حمايتهم.

وأضافت أن «هناك تخصصات مساعدة، مثل مساعد أخصائي علاج وظيفي، ومساعد أخصائي علاج تخاطب، ومساعد أخصائي اجتماعي، حتى يكون قادراً على الإيفاء باحتياجات أصحاب الهمم».

ولفتت إلى أن بعض الأهالي أكدوا أنهم يواجهون تحديات في تقديم الرعاية لأبنائهم، منها ما هو متعلق بالتعليم، وحصولهم على التأهيل والجلسات العلاجية، كما أن هناك صعوبة في الاحتفاظ بوظائفهم نتيجة الضغوط الناجمة عن الاهتمام برعاية أبنائهم، ما يؤكد حاجتهم إلى برامج تدعم احتياجاتهم المعنوية والإنسانية، حتى يتمكنوا من الاستمرار في أداء دورهم تجاه هذه الفئة المهمة من المجتمع.

وذكرت أن «وزارة تنمية المجتمع هي الجهة الحكومية المشرفة على مراكز ذوي الهمم التابعة لها، لكن المراكز الخاصة لا تخضع للرقابة بصورة مستمرة؛ فبعض الأشخاص يستخرجون رخصاً لإنشاء تلك المراكز، ويوظف أشخاص غير مؤهلين بالقدر الكافي».

وأضافت: «لابد من وجود جهات حكومية تعتمد التقارير الصادرة عن تلك المراكز منعاً للتلاعب بها»، مؤكدة أن «هناك جهات مشرفة على المراكز الحكومية في كل إمارة، ففي أبوظبي توجد مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم، وفي دبي هيئة تنمية المجتمع، وفي الشارقة مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، وبالتالي لابد من توسيع اختصاصات تلك الجهات للرقابة على المراكز الخاصة بشكل مستمر».

تقنيات ومعايير دولية

 

أكد رئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة، المستشار الدكتور خالد السلامي، أنه يجب على المراكز الخاصة استخدام أحدث التقنيات والمعايير الدولية في تشخيص أصحاب الهمم، والاستعانة بأحدث الأجهزة والبرمجيات التي تزيد من دقة التشخيص، وتقلل من احتمالية الخطأ، كما يجب على الأطباء والمتخصصين في هذا المجال البقاء على اطلاع مستمر على أحدث الأبحاث والدراسات.

المصدر: الإمارات اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *