المغرب ثاني مستثمر في إفريقيا .. و”العملة الفرنسية” عائق أمام التنمية
قال علي باحيجوب، المدير العام لمركز الدراسات الأورومتوسطية والإفريقية، إن “المغرب كان دائما مُبدعا على مستوى التعاون مع الدول الإفريقية، وقدم نموذجا مبتكرا للتجارة معها عوض مناطق أخرى”، مضيفا أن “المملكة المغربية كانت خلال 2021 ثاني مستثمر في إفريقيا بعد الصين، بحيث استثمر المغرب في العديد من المجالات الحيوية في القارة الإفريقية، ما جعل العديد من القادة الأفارقة يشيدون به”.
وقدم باحيجوب، وهو يتحدث ضمن المحور الثاني من ندوة “إفريقيا والغرب: الموروث والمأمول”، الثلاثاء بأصيلة، مثال الرئيس النيجيري بولا تينوبو، عندما “أشاد بالمغرب واعتبره نموذجا جديرا بالاقتداء، لكونه مفيدا لسكان القارة ويساهم في رفاههم”، مؤكدا أن “ما يقوم به المغرب يكرس التعاون الجيد في القارة، بشكل يكون فيه الكل رابحا؛ فالتعاون بين بلدان المنطقة يمكن من التعامل مع البلدان الغربية”.
وأفاد المدير العام لمركز الدراسات الأورومتوسطية والإفريقية بأن “السياق الدولي يبدو مهما، خصوصا بعدما عجلت الحرب الروسية الأوكرانية بميلاد نظام عالمي جديد، بين الغرب من جهة ودول البريكس من جهة أخرى، وقد اتضح ذلك بالخصوص بعد لقاء القادة في غشت الفائت في جوهانسبورغ بجنوب إفريقيا لضم أعضاء جدد”؛ وزاد: “الآن، البريكس صار يمثل أربعة مليارات شخص في العالم”.
وأوضح الخبير الاستراتيجي المغربي أن “بلدان التكتل تتوفر على نحو 45 في المائة من الاحتياطات العالمية الخاصة بالبترول و55 من احتياطات الغاز الطبيعي في العالم، وهذه قوة جيوسياسية ينبغي التذكير بها”، مبرزا أن “إفريقيا تقع الآن في الوسط مترنحة بين هذين الكتلتين: الغرب والبريكس، لكن هذه القارة مع ذلك تواجه تحديات جوهرية، منها أن حجم التبادلات التجارية الإفريقية يمثل فقط 2،9 من التجارة العالمية”.
وأضاف: “من الضروري أن نفهم أن أسهم إفريقيا في التجارة تقلصت في الخمسين سنة منذ استقلال معظم الدول الإفريقية، وهناك عنصر أساسي يتصل بكون نسبة التبادلات التجارية البينية داخل القارة السمراء لا تتجاوز نسبة 40%”، موضحا أن “الشريك الاقتصادي الأكبر بالنسبة لإفريقيا اليوم هو الاتحاد الأوروبي، بحيث تمثل التجارة معه نحو 300 مليار دولار، ثم تأتي الولايات المتحدة الأمريكية بعده بنحو 60 مليار دولار في السنة”.
وسجل المتحدث ضمن محور “إفريقيا والغرب: الآفاق الاقتصادية والتجارية للشراكة في المستقبل” أن التحاور الاقتصادي مع الغرب يجب أن يتم من خلال التعجيل بتفعيل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية وتوسيعها لتصبح ناطقة باسم القارة، تشبه الاتحاد الأوروبي، وتستطيع مخاطبته بلغة المستقبل”، منبها إلى أن “الاتحاد الأوروبي رحب حينها بالمبادرة، لكن تم تقزيمها من خلال شراكات ثنائية تحيد عن ماهية الاتفاقية”.
وشدد باحيجوب، على أن “هناك نقطة أساسية متصلة بالنزاعات فيما بين البلدان الإفريقية، وهو ما يقوض مساعي التبادلات التجارية الحرة، سواء في جنوب الصحراء أو في شمال إفريقيا، وبالتالي يجب أن نتجاوز هذه النزاعات لنجد أرضية للحوار الاستراتيجي”، مسجلا في السياق ذاته أن “من الأساسي أن نفهم أيضا أن إفريقيا ليست في حاجة إلى مساعدات، بل إلى تجارة عادلة”.
ومضى شارحا: “منذ الاستقلال ونحن نتحدث عن المساعدات من الدول الغربية، وهذا أصبح عبئا ثقيلا على تنمية القارة الإفريقية ويعيق نهضتها ونموها، وهي في الحقيقة تحتاج إلى أن تقف لوحدها وأن تعتمد على نفسها ومواردها”، متأسفا “لضياع نحو 220 مليار دولار من الموارد، لما يشكله ذلك من خسارة كبيرة يمكن أن يتم استثمارها في تنمية معظم الدول الإفريقية”. وقال: “هذا راجع لمشكلة القيادات والحكامة، وهي معضلة كبرى تمثل عائقا”.
وأجمل علي باحيجوب مداخلته داعيا إلى التخلص من “العملة الفرنسية” (الفرنك الأفريقيFranc CFA)، المعمول بها في 14 دولة إفريقية، لكونها عائقا أمام تنمية هذه البلدان وكانت دائما وسيلة للتحكم في اقتصاداتها، لافتا الانتباه إلى أن “عهد هذه العملة قد ولى لأنها تجهض تطور العديد من البلدان الإفريقية ولا تسمح لها بأن تستفيد وتنتفع من مواردها، وبالتالي لا تسمح باستثمارها في مسار التنمية”.
المصدر: هسبريس