دراسة تشخّص الخصائص الاجتماعية والاقتصادية للنساء السجينات في المغرب
نظم المرصد المغربي للسجون، الأربعاء، ندوة صحافية حول حق النساء السجينات في معاملة تفضيلية، بهدف تبادل وإغناء النقاش حول المعاملة التمييزية للنساء السجينات في المغرب، على ضوء نتائج وخلاصات الدراسة المنجزة حول ”الدراسة التشخيصية للخصائص الاجتماعيةالاقتصادية/الجنائية وظروف احتجاز النساء السجينات ‘‘والمعلومات والبيانات التي تم جمعها حول الملامح الاجتماعية والاقتصادية والجنائية وظروف الاحتجاز لعينة من 25 ٪ من مجموع السجينات بالمغرب.
وكشف عبد اللطيف فروع، رئيس المرصد المغربي للسجون، أن “الدراسة، التي قام بها هذا الأخير، تأتي في إطار مشروع العمل من أجل تحقيق المساواة في الحقوق وتحسين ظروف الاعتقال” الممول بشراكة والمدعم من الاتحاد الأوروبي وتهدف إلى توفير المعلومات للأفراد والجهات المعنية من أجل توعية وتعبئة الجهود للتصدي للتمييز القائم على النوع والذي تعاني منه السجينات بالمغرب، متمنيا أن تساهم في تجويد المؤسسات السجنية وبالتالي معرفة خصائص كل سجين وسجينة.
وتابع فروع، في تصريح لهسبريس، أن “هذه الدراسات تكلف بها مكتب الدراسات داخل المؤسسة السجنية، الذي اشتغل على عينة مكونة من حوالي 357 سجينة وسجينا أي أكثر من 45 في المائة من الساكنة السجنية المتعلقة بالسجينات، بغاية معرفة هل وضعية السجينات داخل المؤسسة السجنية تنطبق عليها وثيقة مانديلا والبعد الحقوقي والقانوني، والوقوف على الخصائص والحاجيات المتعلقة بالسجينات داخل المؤسسات السجنية؛ فهناك سجينة عازبة وهناك من تكون مرفقة بطفلها”.
وأضاف فروع، أن “هذه الدراسة ستمكن المرصد المغربي والفاعلين وكل المهتمين وكذا المندوبية العامة من معرفة بعض القضايا والانشغالات المتعلقة بالسجينات، وكذلك معرفة الحاجيات باعتبار أن هناك تعاملا خاصا مع هذه الفئة داخل المؤسسة السجنية من حيث التكوين التأطير والحاجيات البيولوجية وأماكن إقامتها”.
وحسب الإحصائيات المدرجة في الدراسة التي اطلعت عليها هسبريس، فقد بلغ عدد النساء في المؤسسات السجنية في المغرب 2085 في دجنبر 2021؛ ما يمثل 2,34% من الساكنة السجنية. وقد عرف هذا العدد تطورا منذ 2015، حيث كان يبلغ 1751 امرأة سجينة؛ إلا أنه ومن أصل 77 مؤسسة سجنية مغربية لا يتوفر سوى على مؤسستين سجنيتين مخصصتين للنساء، وعلى اعتبارا أنهن أقليات فالنساء تخضعن لأنظمة جنائية تم وضعها للرجال، وهي لا تلبي الاحتياجات الخاصة بهن.
وسلطت الدراسة الضوء على معاناة النساء السجينات في المؤسسات السجنية بالمغرب، فعلى الرغم من كل الجهود المبذولة لتحسين وضعيتهن فإن النساء يمررن من صعوبات عديدة إضافية تنضاف إلى الصعوبات المرتبطة بوضعيتهن كنساء؛ نظرا للنظرة الدونية والتحقيرية للمحيط الأسري والمجتمعي للنساء السجينات.
هذه المعاناة تصاحبها حسب الدراسة معاناة أخرى داخل المؤسسة السجنية المفتقدة للمرافق الضرورية الخاصة بهذه الفئة الهشة من السجناء والتي لا تراعي خصوصيتهن ولا تستجيب لحاجياتهن سواء كنساء أو كحوامل أو كأمهات مرفقات بأطفالهن، يصعب معها توفير الخدمات الضرورية والأساسية (الخدمات الطبية والصحية تعادل الخدمات المحصل عليها خارج السجن، خدمات الصحة العقلية، النظافة الشخصية)…
وتبين، وفق المؤسسات السجنية المعنية بالدراسة، أن غالبية الموظفين بها ذكور، حيث إن نسبة الموظفين الرجال تتراوح ما بين 75 و90 في المائة. كما تبين أنها تتوفر على فضاء علاجي. أما بالنسبة إلى الوحدات العلاجية للنساء فإن 43% من المؤسسات التي تمت زيارتها لا تتوفر عليها، ويتراوح عدد الأطباء في كل مؤسسة سجنية بين طبيبين و14 طبيبا. كما أن نسبة الأطباء والطبيبات تختلف من مؤسسة سجنية إلى أخرى.
وتوجد بست مؤسسات من أصل سبع ما يمثل %86 من مجموع المؤسسات المعنية بالدراسة فضاءات مخصصة للأمهات المرفقات بأطفالهن والنساء الحوامل تتضمن قاعة مجهزة بوسائل الترفيه والألعاب وفضاء تربوي. كما تتضمن كل المؤسسات التي تمت زيارتها فضاءات للتكوين والإدماج لها تكوينات تأهيلية وحرفية وفلاحية ومهنية غير مشتركة بين النساء والرجال، وتتضمن بنية تحتية ومعدات مخصصة لهذه الأنشطة التي تختلف طبيعتها اعتمادا على ما إذا كانت المؤسسة مختلطة أو مخصصة للنساء، حيث تقدم المؤسسات المخصصة للنساء الأنشطة التالية: الخياطة والطرز، تصفيف الشعر والتجميل ورشة الحرف اليدوية، الخبازة والحلويات محاربة الأمية، مكتبة، خدمة الغرف والزرابي.
أما في ما يتعلق بالأنشطة المقدمة المؤسسات السجنية المختلطة التي تمت زيارتها، لوحظ أن الأخيرة توفر المزيد من خيارات التكوين والأنشطة للرجال فقط، بالإضافة إلى تحديد عدد المقاعد من قبل مكتب التكوين المهني وأن الحصول على العمل مشروط بفراغ السوابق العدلية.
وشددت الدراسة المقدمة على أن هذا التكوين يساهم في إعادة إدماج السجناء داخل المجتمع بعد الإفراج، حيث استفادت بعض السجينات من التسجيل في برامج التكوين المهني ومتابعة الدراسة سواء على المستوى الابتدائي أو الإعدادي أو الثانوي والجامعي والحصول على مختلف الدبلومات والشواهد.
وتبين، حسب المرصد المغربي للسجون، أن حوالي ثلتي المستجوبات في جميع المؤسسات السجنية التي شملتها الدراسة تتراوح أعمارهن بين أقل من 44 سنة، و97% منهن من جنسية مغربية و3 في المائة منهن منحدرات من جنسيات أجنبية، ألمانية وإسبانية وبرازيلية ورومانية وساحل العاج وسنغالية وغينية. كما شملت الدراسة سجينات من بلدان مثل إسبانيا والبرازيل وألمانيا وغينيا ودبي والبحرين بنسب لا تتجاوز 1% من كل دولة.
ووفق المصدر ذاته، فإن ما يقارب من نصف المستجوبات (%45) لم يتجاوزن المستوى الابتدائي، 25% منهن يتوفرن على مستوى إعدادي 14% منهن على مستوى ثانوي و15% على مستوى جامعي، وما يقارب من 13% من المستجوبات ليس لديهن أطفال، 25% لديها طفل واحد، و29 لديهن طفلان و33% لديهن ما بين 3 و5 أطفال، و3% أكثر من 6 أطفال، و2% من المستجوبات حوامل، و4% مرفقات بأطفال.
كما تبين الدراسة ذاتها أن 26.7% من المستجوبات تمت متابعتهن بتهمة المخدرات، و15 بتهم مرتبطة بالقتل، و11% بتهمة النصب والاحتيال، و 7.56% بتهمة السرقة، و 7,05 منهن بتهمة الخيانة الزوجية، و21% من المستجوبات في حالة العود.
وأظهرت الدراسة المنجزة أن 4% من المستجوبات تعرضن للعنف، وقد صرحن أيضا بأن هذا العنف يمارس في 85% من الحالات من قبل سجينات وفي 15% من الحالات من قبل الأطر العاملة بالمؤسسة السجنية. وعن مكان ممارسة العنف ضد السجينات، فأغلب الحالات تتم داخل الزنزانة أو الغرفة.
وتتعرض السجينات لأنواع مختلفة من العنف يطغى عليها العنف الجسدي، متبوعا بالعنف اللفظي والنفسي، ثم العنف ذو صبغة جنسية ثم الإهمال. كما يتبين أن الإبلاغ عن العنف يتم في ثلثي الحالات إما من طرف السجينات أو أسرهن وإما من قبل أطر المؤسسة السجنية، وتتم في غالبية الأحيان الاستجابة لشكايات السجينات.
وصرحت 78% من السجينات بأن المؤسسة السجنية تتخذ تدابير وقائية ضد التحرش والعنف الجنسي؛ في حين صرح جميع المديرين الذين تمت مقابلتهم بأنهم اتخذوا تدابير وقائية ضد التحرش والعنف الجنسي.
المصدر: هسبريس