تقرير: الأمم المتحدة تراقب إرهاب المستوطنين في الأراضي الفلسطينية ولا تفعل شيئاً لوقفه
قال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، اليوم السبت، بأن الأمم المتحدة تراقب عنف المستوطنين في الأراضي الفلسطينية، ولا تفعل شيئاً لوقف ممارساتهم الإرهابية.
وتطرق إلى التقرير الأخير الذي صدر قبل أسبوع عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة 1967، والذي يسلط بعض الضوء على عنف المستوطنين المتصاعد في ظل الحكومة الإسرائيلية، التي يقودها بنيامين نتنياهو، إذ تقع ثلاثة حوادث مرتبطة بالمستوطنين في اليوم بالمتوسط خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام 2023، بالمقارنة مع ما متوسطة حادثان في اليوم خلال العام 2022 وحادث واحد في اليوم في العام 2021، وهذا أعلى مستوى لحوادث العنف المرتبطة بالمستوطنين منذ العام 2006، وقد ترتب على ذلك العنف تهجير 1,105 شخصاً من 28 تجمعًا رعوياً فلسطينياً يشكلون نحو 12 بالمائة من سكان التجمعات الرعوية، من أماكن إقامتهم منذ العام 2022.
وكان معظم المهجرين في محافظات رام الله و البيرة، ونابلس، والخليل التي يوجد فيها أعلى عدد من البؤر الاستيطانية الإسرائيلية كذلك، ويفيد التقرير أنه تم منذ العام 2022 تهجير سكان أربعة تجمعات وباتت خالية الآن، وأكثر من 50 بالمائة من ستة تجمعات، وأكثر من 25 بالمائة من سبع تجمعات أخرى، توزعوا على المحافظات التالية في الضفة الغربية: 77 من ثلاثة تجمعات في محافظة طوباس، 276 من سبعة تجمعات في محافظة نابلس، 15 من احد التجمعات في محافظة قلقيلية، 30 من احد التجمعات في محافظة سلفيت، 410 من ستة تجمعات في محافظة رام الله والبيرة، 53 من أحد التجمعات في محافظة القدس، 35 من أحد التجمعات في بيت لحم، و209 من تسعة تجمعات في محافظة الخليل،بسبب تصاعد عنف المستوطنين.
أسباب هجرة هذه التجمعات الكلية أو الجزئية واضحة، فقد أفاد نحو 93 بالمائة من تلك التجمعات أن الأسباب تعود إلى ارتفاع وتيرة عنف المستوطنين، وأشار 90 بالمائة منها إلى ازدياد حدة هذا العنف منذ مطلع العام 2022.
ويجري كل هذا وفق مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في ظل غياب المساءلة عن عنف المستوطنين. ففي 81 بالمائة من التجمعات التي تعرضت لعنف المستوطنين، قدم السكان شكاوى للشرطة الإسرائيلية في بعض أو معظم حوادث عنف المستوطنين التي تعرضوا لها.
ولكن لم يكن سوى 6 بالمائة من ممثلي التجمعات هذه على علم بأي من إجراءات المتابعة التي اتخذتها السلطات الإسرائيلية.
ويرى المكتب الوطني أن ما يحدث مع التجمعات الرعوية الفلسطينية “التجمعات البدوية” في الضفة الغربية وفي أية سياقات سياسية تجري قد غاب عن تقرير مكتب الأمم المتحدة للشؤون الانسانية، فربما يكون ذلك خارج نطاق اختصاصه، ومع ذلك يحتفظ التقرير بأهميته نظراً لما يتمتع به من موضوعية.
عنف منظم
لا يخفى على المتابعين بأن العنف، الذي يمارسه المستوطنون بات عنفا منظما تتولاه منظمات إرهابية يهودية تتخذ تحديداً من البؤر الاستيطانية وما يسمى بالمزارع الرعوية ملاذات آمنة لها في ظل حماية كاملة من جيش وشرطة الاحتلال، هنا تعمل هذه المنظمات الإرهابية من زعران “شبيبة التلال”، و”تدفيع الثمن” و “تمرد” وغيرها كوكيل ثانوي لجيش الاحتلال. جيش الاحتلال لا يستطيع لاعتبارات سياسية وقانونية أن يقوم علنا وبشكل مباشر بالأعمال الارهابية، التي تقوم بها المجموعات الإرهابية، فهو وفقا للقانون الانساني الدولي وقوانين الحرب مسؤول عن حماية المدنيين تحت الاحتلال، ولهذه المنظمات الإرهابية مرجعيات سياسية ومرجعيات روحية معروفة وأخرى ميدانية تحتل مراكز مرموقة في مجلس المستوطنات “يشع ” وفي مجالسها الإقليمية أمثال يوسي داغان وشلومو نئمان.
المرجعية السياسية لمنظمات الإرهاب اليهودي العاملة في المستوطنات لا تخفي هويتها، فهي تحتل مواقعها في الكنيست وفي الحكومة، ظهرت الصورة هنا عارية بعد أن قدم 14 عضو كنيست التماسا لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي “الشاباك” يطالبون فيه بتحسين ظروف احتجاز الإرهابي عميرام بن أوليئيل المدان بقتل عائلة دوابشة في قرية دوما حرقاً في تموز من العام 2015 وبإنهاء حبسه الإداري في سجن إيشل، هؤلاء يقودهم بتسلئيل سموتريتش بالدرجة الرئيسة، وهو سياسي فاشي نموذجي خطير مقارنة بغيره من الفاشيين والنازيين الجدد في حكومة نتنياهو الحالية.
“سموتريتش” هذا يعمل على تهجير التجمعات الرعوية الفلسطينية ببرنامج واضح ومعلن وبأدوات معروفة كزعران “شبيبة التلال”، ويتبنى سياسة نشر البؤر الاستيطانية وما يسمى بالمزارع الرعوية في كل مكان يتركيز على مناطق شفا الغور في محافظات طوباس ونابلس ورام الله والبيرة وفي صحراء القدس كما في مسافر يطا ويعمل على إضفاء الشرعية ليس فقط على هذه البؤر والمزارع بل وعلى منظمات الإرهاب اليهودي، التي تنطلق منها في اعتداءاتها المنظمة على المواطنين الفلسطينيين بشكل عام والتجمعات الرعوية الفلسطينية بشكل خاص. هو يدفع، حسب مجلة “تايمز أوف اسرائيل” الاليكترونية في عددها الصادر بتاريخ 20 آب الماضي، بخطة لإضفاء الشرعية على 155 بؤرة استيطانية غير قانونية في جميع أنحاء الضفة الغربية، إما بنقلها إلى ما تعتبرها إسرائيل أراضي دولة، أو بتطبيق آليات قانونية بديلة تسمح لها بالبقاء في مكانها، وتركز خطة سموتريش حسب المجلة المذكورة، أولا على إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية في شمال ووسط الضفة الغربية قبل العمل على البؤر غير القانونية في منطقة الخليل وغور الأردن وتخصص المكاتب التي يسيطر عليها في وزارة المالية ووزارة الدفاع الملايين من الشواقل للبؤر الاستيطانية، بالإضافة إلى بناء طرق وصول إلى البؤر الاستيطانية وربطها بشبكات الكهرباء والمياه، ويستخدم حسب “تايمز أوف اسرائيل” مقاولين يعرفهم لدفع المشاريع إلى الأمام.
تهجير الفلسطينيين من الاغوار
الأغوار الشمالية هي في الوقت الراهن على جدول أعمال سموتريتش وإدارته المدنية، فقد تم تهجير تجمعي الرواق وحمصه بشكل كلي، خلة مكحول وخلة جديعه وخربة أم قطن والحديدية بشكل جزئي، فيما سلمت الادارة المدنية منذ بداية العام الحالي 120 اخطاراً بالهدم والترحيل في الاغوار الشمالية. شفا الغور في محافظتي نابلس ورام الله/ البيرة هو أيضا على رأس جدول الأعمال لوزير الاستيطان في وزارة الجيش، من فروش بيت دجن صعوداً نحو بيت دجن، بيت فوريك، عقربا، مجدل بني فاضل، دوما في محافظة نابلس الى المغير، كفر مالك، الطيبة، المعرجات في محافظة رام الله و البيرة، بؤر استيطانية ومزارع رعوية كثيرة للمستوطنين تنتشر في المنطقة، وقد تحولت إلى مأوى لمنظمات الإرهاب اليهودي، على قمة تلة على بعد كيلومتر واحد جنوب عين الرشاش (دوما)، أقامت هذه المنظمات الارهابية أحد أخطر البؤر الاستيطانية واطلقت عليها اسم “ملآخي هشالوم” (ملائكة السلام). وغير بعيد عن عين الرشاش وعين ساميه تم إرغام عائلات بدوية، كانت تقطن تجمع القبون شرق المغير على الرحيل، وهذا خامس تجمع يرغم على الرحيل، بعد تجمعات عين سامية ورأس التين البدويين وتجمعي لفجم والبقعة الرعويين، جميعها تم ترحيلها (في أيار هذا العام تم ترحيل عين سامية، وفي تموز البقعة وفي آب القبون) في تطور لافت لمستوى التنسيق العالي بين الإدارة المدنية وزعران منظمات الإرهاب اليهودي ، الذين منحتهم حكومة نتنياهو – سموتريتش دعمها الكامل وموازنات وصلاحيات لمراقبة ووقف البناء الفلسطيني في المنطقة.
على صعيد آخر، جدد الحكم العسكري في “بيت ايل” الأمر العسكري بوضع اليد على نحو 350 دونماً من أراضي المواطنين الفلسطينيين في قرى بيت لقيا – غرب رام الله – وقطنة والقبيبة وبيت عنان شمال غرب القدس، في سياق توسيع الاستيطان في منطقة الخط الأخضر ومنطقة الرأس في القبيبة وكذالك بيت عنان وخربة أم اللحم في قطنة، باعتبارها مناطق استراتيجية بالقرب من الخط الأخضر بغرض محوه بالكامل خاصة في منطقة مستوطنة “هار هردار” التي يقع جزء كبير منها على أراضي قطنة وجزء على أراضي قرية أبو غوش وتخضع لعملية توسيع كبيرة، هذه المناطق المستهدفة هي مناطق حدودية سرعان ما تحولت إلى مناطق للتوسع الاستيطاني حيث تمنع فيها سلطات الاحتلال المواطنين أصحاب الأراضي من دخولها وبما يخدم رؤية حكومة الفاشيين والنازيين الجدد في إسرائيل، التي اتخذت قرارها النهائي بحسم الوضع في المنطقة المصنفة (ج) حسب اتفاق أوسلو، وتنفيذ مشروع بناء مستوطنة جديدة على أراضي قطنة في منطقة الرأس وحسم الأمور في منطقة شمال غرب القدس، التي تشهد توسعاً متسارعاً في النشاط الاستيطاني.
بناء استيطاني متواصل في القدس
فضلاً عن ذلك، فإن عجلة البناء في القدس لا تتوقف، ليس للفلسطينيين كما وعدت حكومة الاحتلال في خطتها الخمسية لحل ضائقة السكن عند الفلسطينيين، بل للمستوطنين، حيث تخطط بلدية موشيه ليون لبناء 250 وحدة استيطانية في مستوطنة “أرمون هنتسيف”، على أراضي جبل المكبر بإزالة 4 مبان تضم 65 وحدة استيطانية، وإقامة برجين من 23 طابقاً ومبنى سكني من 10 طوابق، بمجموع 250 وحدة استيطانية على أرض مساحتها 6.5 دونم تقريباً، هذا إلى جانب مشروع آخر على طريق الخليل – بيت لحم على أرض مساحتها حوالى 4 دونمات ببرج بارتفاع 28 طابقاً يضم حوالى 145 وحدة سكنية وواجهات تجارية ومؤسسات عامة يتم دمجها في المجمع السكني، ومشروع ثالث أيضا على طريق الخليل – بيت لحم تمت الموافقة على إيداع مخططه على مساحة إجمالية تبلغ حوالى 3.5 دونم، بمحاذاة الخط الأزرق المعتمد للقطار الخفيف يتضمن بناء 230 وحدة سكنية في برجين ، أحدهما مكون من 30 طابقاً والآخر مكون من 17 طابقاً.