المعهد الملكي البريطاني «تشاتام هاوس».. كيف تجري حرب السودان المنسية؟
كيف تجري حرب السودان المنسية؟
المعهد الملكي البريطاني “تشاتام هاوس”
كشفت صور حديثة بالأقمار الصناعية، إن المعركة الشرسة للسيطرة على الخرطوم تجري دون رعاية تذكر للمدنيين.
و لا يزال القتال، الذي اندلع في السودان في 15 أبريل بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، مستمراً بلا هوادة.
ويعتقد أن ما يصل إلى 2.8 مليون شخص قد فروا من العاصمة الخرطوم التي يتركز فيها القتال. أما أولئك الذين لم يغادروا المدينة فقد أصبحوا الآن فعليا رهائن لحرب بدأت تختفي من عناوين الأخبار العالمية.
و لا يولي الغرب سوى قدر ضئيل من الاهتمام لما تصفه الأمم المتحدة بأنه “أسوأ أزمة إنسانية وأكثرها تعقيدًا وقسوة” في العالم.
وأدى التفاوت في القوة العسكرية بين الجانبين في الخرطوم إلى تفاقم المعاناة. حيث تتكون قوات الدعم السريع في الغالب من مشاة متنقلة ملائمة لقتال المدن بينما اعتمدت القوات المسلحة السودانية الأبطأ والأكثر تجهيزًا على القوة الجوية والمدفعية لقصف مواقع قوات الدعم السريع، مما أدى إلى وقوع خسائر فادحة في صفوف المدنيين.
وتشمل معركة الخرطوم القتال في المدن الثلاث التي تشكل العاصمة. وأفاد “مرصد حرب السودان”، وهو مبادرة مشتركة بين صحفيين سودانيين ودوليين لتوثيق الحرب وفظائعها، أن القتال كان عنيفًا في كل مدينة من المدن الثلاث.
وتسيطر قوات الدعم السريع الآن على مساحات واسعة من الأحياء داخل العاصمة، في حين تحصنت القوات المسلحة السودانية داخل مقراتها المحاصرة.
وأفاد موقع “مرصد حرب السودان” أن قوات الدعم السريع استفادت من سيطرتها على شمال الخرطوم وانتقلت إلى وسط أم درمان باستخدام جسر شمبات للتحرك عبر نهر النيل. وتسيطر القوات المسلحة السودانية على شمال أم درمان وتحتفظ بالسيطرة على قاعدة وادي سيدنا الجوية. وفي الوقت نفسه، يدافع سلاح المهندسين التابع للقوات المسلحة السودانية عن مواقعه في وسط أم درمان حول مستشفى علياء العسكري. وفي الخرطوم، تمركزت قوات البرهان حول مقر القيادة العامة بالقرب من المطار الدولي، وإلى الجنوب تدافع قوات المدرعات التابعة للقوات المسلحة السودانية عن مواقع بالقرب من النيل الأبيض ولكنها معزولة وتتعرض لهجوم عنيف. ويحتاج ٢٤ مليون شخص، أي نصف سكان السودان، إلى مساعدات إنسانية.
ووصفت روزاليند مارسدن، سفيرة المملكة المتحدة السابقة لدى السودان والزميلة المشاركة في برنامج أفريقيا في تشاتام هاوس، الوضع بأنه “تقسيم فعلي، حيث يسيطر حميدتي على دارفور وجزء كبير من الخرطوم، بينما تسيطر القوات المسلحة السودانية على جزء كبير من بقية المناطق”، خاصة شرق البلاد وشمالها، وحركة عبد العزيز الحلو النسلحة تنافس على جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق. وقالت مارسدن: “في الواقع، في تسجيل صوتي صدر في 14 سبتمبر، يقترح حميدتي لأول مرة أنه إذا أنشأ البرهان حكومة في بورتسودان، فإنه سيشكل حكومة في الخرطوم”.
لقد فتح الصراع السودان أمام التدخل الأجنبي. وبحسب معلومات واردة تقوم مصر بمد القوات المسلحة السودانية بالأسلحة والاستخبارات بينما تدعم الإمارات العربية المتحدة حميدتي. وكذلك تقدم مجموعة فاغنر الروسية الدعم لقوات الدعم السريع لتمكن، على الارجح، الكرملين من الوصول إلى الموارد المعدنية.
ورغم كل هذا فإن شعب السودان يظل محصوراً في كابوس ليس من صنعه. وبينما يتجه اهتمام العالم إلى مكان آخر، فإن السودان وعاصمته يشتعلان الآن.
المصدر: صحيفة التغيير