هزيمة المؤتمر الوطني مدخل لانتصار الثورة وبناء الدولة
طه عثمان إسحق
الواجب هو اصطفاف كل القوى التي اسقطت نظام المؤتمر الوطني في ١١ أبريل (تجمع المهنيين والحرية والتغيير ولجان المقاومة والمجتمع المدني وحركات الكفاح المسلح، وشرفاء القوات المسلحة والدعم السريع) لهزيمة المؤتمر الوطني في معركته الاخيرة للعودة للسلطة ولو على جماجم كل السودانيين.
منذ ١١ ابريل عمل المؤتمر الوطني وعبر أذرعه في مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية والعسكرية على قطع الطريق أمام ثورة ديسمبر وزراعة عناصره داخل قوى الثورة وتقسيمها. ساهم بصورة رئيسية في جريمة فض الاعتصام بواسطة عناصره في الاجهزة الامنية ( دعم سريع ، جيش ، شرطة ، جهاز مخابرات و واستخبارات) وذلك لقطع الطريق أمام أي تقارب بين قوى الثورة المدنية والقوات المسلحة والدعم السريع، وتحول الخطاب الاعلامي والسياسي إلى صراع بين المدنيين والعسكريين واختفى المؤتمر الوطني من الخطاب وأصبح يدير المعركة من الخلف، برغم الألم والحزن استطاعت قوى الثورة الوصول لاتفاق سياسي نتج عنه سلطة مدنية وبدأت حكومة الثورة في تحقيق انجازات ووضع السودان في الطريق الصحيح، ولكن عدم تفكيك ومحاربة الكيزان من مؤسسات الدولة بالصورة المطلوبة والمعارضة والصعوبات التي واجهتها لجنة التفكيك من قوى الثورة نفسها قبل ان تكون من نظام المؤتمر الوطني بسبب الآلة الاعلامية والتضليل الاعلامي لنظام المؤتمر الوطني ومساعدة عناصره في المكون العسكري و قيادة الأجهزة الأمنية ساعدته في الاحتفاظ بوجوده داخل مؤسسات الدولة، كما لم يتم المساس بوجود عناصر النظام السابق داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية، مما سهل عليهم مهمة إعاقة الانتقال بخلق مشاكل اثنية وقبلية في شرق السودان ودارفور وكردفان وكذلك مشاكل بين المدنيين والعسكريين، والمدنيين مع بعضهم البعض من قوى الثورة حتى جاء انقلاب ٢٥ أكتوبر، وفتح الباب واسعاً امام عودتهم لواجهة المشهد ووقف الضربات التي كانت توجهها لهم حكومة الثورة، وواجهت السلطات الانقلابية قوى الثورة بعنف من اعتقال وقتل واغتصاب، ولكن صمود قوى الثورة والموقف الدولي المناهض للانقلاب وتراجع الدعم السريع عن انقلاب ٢٥ اكتوبر، حال دون نجاح الانقلاب وقطع الطريق امامهم حتى فشلوا في مجرد تشكيل حكومة، وجاء الاتفاق الاطاري الذي وضع الأساس السليم لإنهاء الانقلاب والعودة للمسار المدني الديمقراطي، وهنا جن جنون عناصر المؤتمر الوطني وحاولوا بكل الطرق قطع الطريق على الوصول لاتفاق نهائي، وفشلوا في ذلك فكان قرارهم الذي ادخل البلد فيما فيه نحن الآن بإشعال حرب ١٥ ابريل بواسطة عناصرهم في القوات المسلحة ليس من اجل معركة كرامة او من أجل الجيش الواحد أو من آجل وحدة وحماية السودان فقط من اجل السيطرة على السلطة بأي ثمن.
في انقلاب ٢٥ اكتوبر كان خطتهم التخلص من قوى الحرية و التغيير ومن ثم في مرحلة أخرى التخلص من الدعم السريع ولكن فشلت الخطة فتم تغيير الخطة باشعال حرب ١٥ ابريل والتخلص بضربة واحدة من الدعم السريع والقوى المدنية وقوى الثورة وفي مقدمتهم الحرية والتغيير والتصوير لقوى الثورة وشرفاء القوات المسلحة بأن هذه المعركة هي معركة الجيش الواحد تلبية وتنفيذاً لشعار الجيش الواحد وايضاً اشعال نار الكراهية و الخطاب الاثني والجهوي من أجل الالتفاف الجماهيري بدواعي نصرة الجيش ومحاربة المرتزقة ومحاولة استدعاء ذاكرة مريرة عند السودانيين عندما يقدم خطاب لانسان الوسط والشمال بتصوير العدو و الخطر كأنه آت من انسان الغرب، والدعوة الأن للوحدة حول معركة بقاء الدولة وهنا لا يقصدون الدولة السودانية بل دولة الظلم التي ندفع ثمنها حتى الان، وحينما يقدم الخطاب لانسان دارفور يعود بهم إلى العام ٢٠٠٣ ويذكرهم بما فعل الجنجويد وحرس الحدود والترتيبات الامنية ويتناسوا بانهم هم من فعلوا كل ذلك بتسليح القبائل العربية واستغلالهم وادخالهم في حرب وتحويل الحرب إلى حرب أهلية دفع ثمنها كل السودانيين، يريدون هذه المرة للمكونات الاجتماعية الأخرى ان يتحولوا للجنجويد الجدد بالقتال لصالحهم ولكن من بوابة حماية انفسكم من خطر العرب والدعم السريع واظهار التعاطف الكاذب مع المآسي التي تعرض لها الفور والمساليت وسكان مناطق الجنينة و كتم و زالنجي و نيالا ، وهذا نموذج لخطاب الكوز العنصري الانتهازي الذي يريد البقاء في السلطة بأي ثمن، وقد كان من المدهش ما قدمه البرهان في خطابه في الأمم المتحدة وترديده خطابات تتحدث عن المآسي الانسانية التي تعرض لها الناس في دارفور ونسى بأنه هو كان قائداً لمليشيات الجنجويد في دارفور وارتكبت في عهده جرائم ضد الانسانية والتطهير العرقي وكان يقول بانه هو “رب الفور”!!
يتخذ الخطاب الجهوي اشكالاً مختلفة، ففي كردفان يتم تقديم خطاب مختلف يقسم بين النوبة والعرب، وفي شرق السودان بين مكوناته القبلية المتنوعة، ومحاولة ضرب النسيج الاجتماعي واستغلال للمشاكل التاريخية او الظروف الاجتماعية والاقتصادية وجعل الجميع يخوض معارك تختلف من حيث الشكل من مكان الى آخر ولكن لاجندة طرف واحد فقط هو نظام المؤتمر الوطني ومن اجل عودتهم فقط.
يجب علينا ان نتوحد من اجل هزيمة المؤتمر الوطني مرة أخرى وللانتصار لأجندة وشعارات ثورة ديسمبر في الحرية و السلام و العدالة وبناء جيش مهني قومي مهمته حماية الحدود والخروج من العمل السياسي والاقتصادي والخضوع للسلطة المدنية.
عدالة و عدالة انتقاليه تنصف الضحايا وتبرئ الجراح
تفكيك عناصر نظام المؤتمر الوطني المنحل من مؤسسات الدولة
إعادة بناء مؤسسات الدولة المدنية الاخرى
سلطة مدنية كاملة تدير الفترة الانتقالية التأسيسية وصولا لانتخابات حرة ونزيهة
إن عناصر المؤتمر الوطني لو وجدوا طريقاً اليوم لعقد صفقة مع الدعم السريع لفعلوها دون تردد وخرجوا الينا بتبريرات وشعر وغناء يمجد الدعم السريع كما فعلوه من قبل حينما كان ينفذ اجندتهم.
هذه المعركة ليست معركة القوات المسلحة أو معركة الكرامة، بل حرب المؤتمر الوطني لقطع الطريق أمام الثورة و عودتهم من جديد باستغلال القوات المسلحة او الصراعات الاجتماعية والاثنية والخطاب العنصري.
المصدر: صحيفة التغيير