حزب “العدالة والتنمية” يتمسك بـ”الخطاب الشعبوي” في ربط الزلزال بالمعاصي
بعد مرور أسبوعين كاملين على الزلزال، خرج حزب العدالة والتنمية ببلاغ صادر عن الأمانة العامة يقول فيه: “يجب أن نرجع إلى الله؛ لأن كل شيء يصيب الإنسان فيه إنذار، والصواب هو أن نراجع كأمة ونتبين هل الذي وقع قد يكون كذلك بسبب ذنوبنا ومعاصينا ومخالفاتنا ليس فقط بمعناها الفردي، ولكن بمعناها العام والسياسي”، مضيفا: “تلك الموجودة في الحياة السياسية عامة والانتخابات والمسؤوليات والتدبير العمومي وغيرها”.
هذا البلاغ أعقبته انتقادات كثيرة داخل الأوساط الثقافية والإعلامية المغربية، حيث اعتبره معلقون “بلاغا شاردا ينم عن إعادة تدوير الحزب للخطاب الديني الذي أبان، خلال ولايتين حكومتين متتاليتين، أنه فرط فيه تدريجيا، لا سيما في ملفين حاسمين: القنب الهندي واستئناف العلاقة مع إسرائيل”؛ لكن المحلل السياسي بلال التليدي اعتبر أن “هشاشة العالم القروي مسؤولية مشتركة بين كل الأحزاب التي تعاقبت على تدبير الشأن الحكومي”.
“صورة متهشمة”
المحلل السياسي عبد الرحيم العلام يتقاطع مع الذين وصفوا البلاغ بـ”الشعبوي”، معتبرا أن حزب “المصباح” “وجد هذا الخطاب الديني التفسيري منتشرا داخل الأوساط الشعبية وداخل التفسيرات العفوية للمغاربة بعد فاجعة الزلزال، فاستلهمه ودبجه في البلاغ ذاته، ولو لم يكن هناك من يؤمن بذات الخطاب لما فكر في وضعه ضمن النقط التي تحدث عنها”، وزاد: “الحزب يحاول فقط أن يعزف على النغم الشعبي”.
وأورد العلام، ضمن تفسيرات قدمها لجريدة هسبريس، أن “الحزب مر بزلزالين؛ زلزال الثامن شتنبر الخاص بالانتخابات التي كانت نكسة تاريخية بالنسبة له، وأيضا زلزال الثامن شتنبر الذي ضرب الحوز وشيشاوة وتارودانت وورزازات، وجعله يعود إلى خطاب اتضح أن مفعوله منتهٍ”، مؤكدا: “الناس لم تصوت على الحزب بسبب خطابه الديني حصرا، بل استبشروا به خيرا عندما كان في المعارضة”.
وأفاد المحلل السياسي بأن “الناس عاقبته بعدما تبين أن باعه في المجال السياسي والتدبيري ضعيف، فامتنعوا عنه. كما أخفق في تدبير الشأن العام وقدم تنازلات كبيرة واكتشف أن صورته تهشمت.. وحتى العديد من أعضاء حركة التوحيد والإصلاح، التي كانت جناحا دعويا للحزب، لم يصوتوا عليه”، مضيفا: “مرجعيته الدينية تزعزعت في ملفات مفصلية كملف القنب الهندي أو توقيع اتفاقيات استئناف العلاقة مع إسرائيل”.
وأجمل الأستاذ الجامعي أن “إنجازات “المصباح”، خلال 10 سنوات من التدبير الحكومي، كانت ضعيفة والحزب لم ينجز خطابه الديني وخطابه التنموي حين كان في ولايتيه الحكوميتين”، مشيرا إلى أن “عزلة المناطق المتضررة من الزلزال كان مساهما فيها إلى جانب حكومات متعاقبة”؛ وقال: “كانت حقيبة وزارة التجهيز من نصيب الحزب وقد رأينا الطرق كيف هي وضعيتها في تلك المناطق، خصوصا الطرق الخاضعة للتهيئة والتدبير الوزاريين”.
اعتراف بالمسؤولية
بلال التليدي، محلل سياسي وعضو حزب العدالة والتنمية، اعتبر أن الحزب كان حريا به أن يعبر عن هذه الأفكار بعيدا عن المصطلح الديني وأن يتمسك بالخطاب السياسي الصرف، لأن ما قاله الحزب قالته أحزاب أخرى؛ لكن بلغات مختلفة”.
وأكد المتحدث ذاته أن “الحزب لم يخف في بلاغه تحمله المسؤولية في الضعف التنموي في المناطق المتضررة؛ ولكن يبدو أن المنطقة كأنها لم تكن مدرجة بالمطلق في جدول أعمال السياسات الحكومية مختلفة الهويات والمرجعيات والإيديولوجيات”.
وسجل التليدي، في حديثه لجريدة هسبريس، أن “الزلزال كشف هذه الهشاشة وكشف أن الأرقام الفلكية التي تعلن بخصوص تنمية المجال القروي لم يكن لها أثر واقعي”، موضحا: “وهذا يطرح مشكلة كبيرة حول هل المشكلة في الأرقام أو المشكلة بأن متطلبات التنمية هي أكبر بكثير من تلك الأرقام، وهذا ما يجب أن ندركه بأننا فرطنا في هذه المناطق”، وزاد: “وهذا ما أراد الحزب التعبير عنه، لكن اللغة محط نقاش”.
وأضاف: “الحزب كان يجب أن يقوله بلغة سياسية لكونه يمارس السياسة بمنطق السياسات العمومية، مفرداته يجب أن تبقى في هذا الاتجاه ويترك للعلماء في المجال الديني الحديث بمعجمهم”، لافتا إلى أن “ما يجب أن نلتقطه حاليا هو عدم التوازن في الرؤية التنموية والحزب أدخل نفسه ضمن المعنيين بالنقد، بما أن المسؤولية تتحملها جميع الحكومات ولا يتحمل مسؤوليتها وحده، ولا ينبغي أن نكون عدميين بالإطلاق عموما”.
المصدر: هسبريس