التغطية الإعلامية للزلزال تسائل احترام القواعد المهنية والأخلاقية للصحافة
تعرضت صحافية مصرية لهجوم شرس عبر منصات التواصل الاجتماعي بعدما عمدت إلى نشر صورة قامت ببيعها لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، توثق لقيام أم مغربية متضررة من “زلزال الحوز” بإرضاع صغيرها، وهو ما أثار جدلا واسعا وسط اتهامات مباشرة للصحافية بانتهاك حرمة وكرامة السيدة وحياتها الشخصية في لحظة محنة، إضافة إلى مطالب بمراقبة الصحافة الدولية داخل التراب الوطني وقبل مغادرته.
وقال جلال المخفي، رئيس نادي الصحافيين المعتمدين بالمغرب، في تصريح لهسبريس، إنه خلال الأزمات والكوارث ينبت ويتكاثر المستغلون والمحتالون، وتتناسل أيضا الأخطاء والهفوات من طرف الجميع وليس الصحافيين فقط، مضيفا أن مثل هذه الأخطاء المهنية التي يرتكبها أو قد يرتكبها الصحافيون المحليون أو الدوليون، على حد سواء، قابلة للعلاج والإصلاح عبر المؤسسات والمنظمات المهنية المعنية، وأيضا عبر بعض الإجراءات التقنية.
وأدان المتحدث ذاته مثل هذه التصرفات اللاأخلاقية للممارسة الصحافية، التي تحاول استغلال صور الأطفال والأشخاص في وضعية هشاشة، ولا تراعي السياق الثقافي والمحلي في تغطيتها، فقط من أجل ربح المال ورفع عدد المشاهدات، مضيفا أنه يمكن التماس العذر لصحافي أجنبي لا يعرف أو لا يفهم السياق الثقافي المحلي، لكن لا يمكن التماس العذر له بجهله بالقواعد المهنية والأخلاقية المتعلقة بحماية خصوصية الأطفال والفئات الهشة والمتضررة لما قد ينتج عن ذلك من وصم وتشهير.
وتابع قائلا: “لهذا كنا في نادي الصحافيين المعتمدين بالمغرب واضحين منذ البداية، بإصدارنا تذكيرا يهم القواعد المهنية والأخلاقية لتغطية الكوارث الطبيعية، تضمنت محاذير تخص الأطفال والفئات الهشة والسياق الثقافي المحلي. من ناحية ثانية، لا يمكن أن تسقط السلطات في خطأ مراقبة محتوى الصحافة الأجنبية قبل مغادرة البلاد لأن ذلك خارج المنطق التكنولوجي الراهن من ناحية، ومن ناحية أخرى يعد ذلك منافيا لحرية التعبير والصحافة ولمبادئ الدستور والقوانين المغربية.”
في مقابل ذلك أبرز المخفي أن “هناك إجراءات تقنية يمكن اتخاذها في هذا الباب من طرف السلطات المغربية، خاصة أن بلدنا معرض للأسف، حسب توقعات الخبراء، لتواتر الكوارث الطبيعية”، مضيفا أن من بين هذه الإجراءات “الاشتراط على الصحافيين الأجانب القادمين لتغطية أي كارثة طبيعية توفرهم على تدريب خاص بتغطية الكوارث الطبيعية كشرط أساسي للحصول على الترخيص. ويمكن أيضا توزيع دليل أو كتيب صغير من طرف قطاع التواصل بوزارة الثقافة على هؤلاء الصحافيين الأجانب بمجرد دخولهم المغرب، يتضمن المعايير المهنية والأخلاقية لتغطية الكوارث الطبيعية، وهو الأمر الذي يمكن القيام به كذلك عندما يتعلق الأمر بتغطية الانتخابات أو مواضيع معينة.”
وأضاف “بالنسبة إلى الصحافيين المعتمدين في المغرب والعاملين في الصحافة الوطنية، يمكن تطبيق الشيء نفسه، لكن قبل ذلك يجب تقوية القدرات في المجال بالتعاون بين المؤسسات المعنية والجمعيات والمنظمات التي تمثل الصحافيين، إذ أن التواصل وتقوية القدرات ونشر الوعي يجب أن يكون جزءا لا يتجزأ من الاستراتيجية الوطنية لتدبير المخاطر المرتبطة بالكوارث الطبيعية، حيث إن الانفلات الإعلامي في وقت الكوارث لا يكون الصحافيون فيه هم السبب الرئيسي، بل المؤثرون ومرتادو الصفحات الاجتماعية”.
وتابع قائلا: “المؤسسات والهيئات المهنية لها دور في التتبع والرصد، وإصدار التقارير المهنية لتصوير الأخطاء، ومراسلة المؤسسات الإعلامية المعنية لإصدار تنبيهات إلى صحافييها بهذا الشأن. كما أنه في غياب الرصد المهني والعلمي والتحليل الرصين وفق الضوابط المهنية والأخلاقية لا يمكن لمحاولات المنع أو التنديد سوى أن تفاقم الأمور، لهذا على كل طرف أن يبذل مجهودات بتحديث الممارسة المهنية بشكل إيجابي.”
وخلص رئيس نادي الصحافيين المعتمدين بالمغرب إلى أن هناك الكثير من الهفوات والنقائص التي تؤثر على جودة المعطيات الإعلامية المحلية والدولية، مشيرا إلى أنها ترتبط أساسا بفعالية وتنوع التواصل والمعطيات، مع مراعاة عامل الزمن وظرف الاستعجالية. وأضاف أن الزلزال كان مناسبة قيمة لاستخلاص الدروس المهنية والأخلاقية من أجل مساهمة إيجابية في المجهود الوطني لتخفيف مختلف أشكال الألم عن المتضررين.
المصدر: هسبريس