الوقف العاجل للحرب لتجنب خطر تقسيم السودان
بقلم: تاج السر عثمان بابو
1
هدد حميدتي بتكوين حكومة عاصمتها الخرطوم في حالة إعلان البرهان حكومة في بورتسودان.. مما يعيد السيناريو الليبي في قيام حكومتين في بلد واحد، الذي يكرس تقسيم السودان في حال استمرار هذه الحرب اللعينة، من طرفين متورطين في جرائم حرب ولا شرعية لأي منهما في التقرير في شأن البلاد، بعد أن فقدا شرعيتهما بعد أن الانقلاب على الوثيقة الدستورية المعيبة التي كرست الشراكة مع العسكر في 25 اكتوبر، مما قاد في نهاية المطاف للحرب اللعينة الجارية الانَ.
2
اشرنا سابقا الي ضرورة الوقف الفوري للحرب ودرء آثارها، لأن إطالة أمد الحرب يهدد وحدة البلاد ، ويهدد أمن البلدان المجاورة له بحكم التداخل القبلي ، فضلا عن مشاكل النزوح ، ويبدو أن الإسلامويين يريدون تكرار تجربتهم الفاشلة التي لم يتعلموا منها في تصعيد الحرب بعد انقلابهم في 30 يونيو 1989م بعد أن طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، وكان الحصاد هشيما وانفصالا للجنوب.
3
بعد انتفاضة مارس ـ أبريل 1989م كما اشرنا سابقا ، تواصلت الجهود لوقف الحرب، و للحل السلمي لمشكلة الجنوب، فكان إعلان كوكادام الذي وقعة وفد التجمع الوطني لإنقاذ البلاد ووفد الحركة الشعبية لتحرير السودان في 24/ مارس/1986م ، والذي أشار إلى إلغاء قوانين سبتمبر 1983م وجميع القوانين المقيدة للحريات ، واعتمد دستور 1956م المعدل في 1964م ، مع تضمين الحكم الإقليمي وكافة القضايا الأخرى التي تجمع عليها القوي السياسية ، وكان من ضمن الأجندة التي اتفق عليها في إعلان كوكادام للمؤتمر الدستوري : مسالة القوميات ، المسالة الدينية ، الحقوق الأساسية لإنسان ، التنمية والتنمية غير المتوازنة. الخ
بعد ذلك جاءت مبادرة السلام السودانية (الميرغيي قرنق) في 16/نوفمبر 1988م والتي تم فيها الاتفاق علي تهيئة المناخ الملائم لقيام المؤتمر الدستوري ، والذي يتلخص في الأتي: ـ
تجميد مواد الحدود وكافة المواد ذات الصلة المضمنة في قوانين سبتمبر 1983م ، وان لا تصدر إيه قوانين تحتوي علي مثل تلك المواد وذلك إلى حين انعقاد المؤتمر الدستوري والفصل نهائياً في مسالة القوانين.
كما اتفق الطرفان علي ضرورة عقد المؤتمر الدستوري.
ولكن انقلاب 30/يونيو/1989م الإسلاموي قطع مسار ذلك الحل ، وتم الرجوع للمربع الأول ، وتصاعدت الحرب الأهلية.
4
كان من نتائج المقاومة الداخلية وضغط المجتمع الدولي أن تم توقيع اتفاقية نيفاشا في يناير 2005م، وتوفرت فرصة تاريخية للخروج بالبلاد من نفق الدكتاتورية والشمولية المظلم، بتنفيذ استحقاقات الاتفاقية التي تتلخص في: التحول الديمقراطي، والتنمية وتحسين الاحوال المعيشية وترسيخ السلام ووحدة البلاد القائمة علي اسس طوعية وديمقراطية.
لكن نظام الانقاذ استمر في طبيعته الديكتاتورية والشمولية والتي تقوم علي القمع ونقض العهود والمواثيق مثل: عدم تنفيذ اتفاقية السلام 1997م، و جيبوتي، و القاهرة وابوجا والشرق . الخ، والتي افرغها من مضامينها وحولها لوظائف ومناصب. كما ضرب بعرض الحائط الدستور الانتقالي لسنة 2005م بعدم انجاز التحول الديمقراطي وقمع المسيرات السلمية والرقابة علي الصحف، ولم تذهب عائدات البترول للتنمية في الشمال والجنوب، وتم تتويج ذلك بتزوير الانتخابات، واعادة انتاج الحكم الشمولي والسير في طريق القمع ومصادرة الحريات وزيادة اعباء المعيشة علي الجماهير، وتضخم جهاز الدولة الذي كان يمتص اكثر من 75% من ميزانية الدولة ( 77 وزير مركزي) غير وزراء الولايات والمناصب الأخري في المجالس المركزية والولائية.
كان من نتائج تلك السياسات انفصال الجنوب واندلاع الحرب في جنوب كردفان بعد تزوير المؤتمر الوطني للانتخابات هناك، وبعد احتلال الجيش لابيي، مما ادي الي خسائر كبيرة في الارواح والممتلكات ونزوح الالاف وقصف المواطنين بالطائرات وحملات التطهير العرقي التي وجدت استنكارا واسعا من الرأي العام المحلي والعالمي.
5
أخيرا ،مهم مواصلة وتوسيع التصعيد الجماهيري داخليا وخارجيا من أجل :
وحدة البلاد، ورفض تقسيم البلاد بالوقف الفورى للحرب ودرء آثارها ، وعدم اطالة أمدها وتحويلها لحرب عرقية ، بالدعوة للحشد لها من القبائل كما هو جاري في أطراف البلاد والتجنيد للشباب في المعسكرات من طرفي الصراع ، وانضمام بعض أاقسام من الحركات المسلحة لطرفي الحرب.
احباط مخطط طرفي الحرب لتمزيق وحدة البلاد في حالة استمرارها التي تتوسع يوميا في مدن العاصمة الخرطوم كردفان ودارفور وجنوب كردفان النيل الأزرق ، وما يرتبط بها من جرائم حرب ونزوح وقتلي واغتصاب وجرحي، واعتقالات وانتهاكات لحرية التعبير كما حدث في الدمازين وسنجة وبقية المدن ، ونهب وسلب ، وتطهير عرقي.
عدم تكرار تجربة انفصال الجنوب بعد انقلاب الإسلامويين في 30 يونيو 1989 ، الذي اطال أمد الحرب، وكون مليشيات الجنجويد والإسلامويين، ونتج عن ذلك قيام الحركات المسلحة، وتمددت الحرب من الجنوب الي دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان والشرق.
المصدر: صحيفة التغيير