قضية الهجرة.. ورقة ابتزاز اليمين الفرنسي
لا يفوّت اليمين الفرنسي أي فرصة للتعرض للجزائر، مستغلا ورقة الهجرة من جديد، قبل برمجة مشروع قانون جديد حول دخول وإقامة الأجانب يتوقع أن يثير نقاشا حادا.
وفي هذا السياق، وجه زعيم اليمين الفرنسي النائب إيريك سيوتي مساءلة لوزير الداخلية جيرارد دارمانيان بشأن عدد التصاريح القنصلية التي منحتها الجزائر ودول الجوار لرعاياها المقيمين بطريقة غير قانونية على الأراضي الفرنسية، والموجودين محل أمر بالإبعاد. وقال البرلماني صاحب مشروع إلغاء اتفاقية 1968 للهجرة، في سؤال كتابي، “إن مكافحة الهجرة غير الشرعية، والتي يجب أن تكون أولوية للبلاد (فرنسا)، مشروطة فعاليتها بإصدار تصاريح قنصلية من قبل البلدان الأصلية لهؤلاء المهاجرين غير الشرعيين”، مضيفا “إن حصول السلطات الفرنسية على هذه الوثائق هو الذي يجعل من الممكن تنفيذ إجراءات الإبعاد التي تم النطق بها (من قبل القضاء)”.
ولفت في سؤاله إلى أن “الجزائر والمغرب وتونس تمثل تحديا خاصا نظرا لحجم المهاجرين غير الشرعيين من مواطنيها”، داعيا وزير الداخلية لإعطاء جرد بعدد التصاريح الصادرة منذ 2017 عن هذه البلدان الثلاثة (المغرب والجزائر وتونس)، ومدى التزام هذه الدول الثلاث بإصدارها في الإطار الزمني المطلوب؛ وتلك التي تم الحصول عليها بعد الموعد النهائي، وكذا الطلبات المرفوضة والتي تركت دون إجابة.
ويعد استرجاع الرعايا محل أوامر بالترحيل واحدا من القضايا الخلافية بين البلدين، لكن الحكومتين تبذلان جهودهما لمعالجة الملف، وقد أقر تقرير استعلامي بعنوان “رهانات قضايا الهجرة على الحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي والجنوب الهندي”، أصدره البرلمان الفرنسي نفسه مطلع العام الجاري، أن معدل إصدار جوازات المرور القنصلية لصالح الرعايا الأجانب المقيمين بطريقة غير شرعية على الأراضي الفرنسية عرف نموا قدره 60٪ في العام 2022، بزيادة طفيفة مقارنة بعام 2021 (54٪).
وتصدرت الجزائر القائمة إقليميا بارتفاع قدره 46٪ من التصاريح، مقابل 6٪ في عام 2021. لكن اليمين وخصوصا التقليدي، ولحسابات سياسوية، لا يتوانى في استغلال ورقة الهجرة والدخول على خط المنافسة مع اليمين المتطرف الذي تعد القضية واحدة من ملفاته الأساسية، عبر الضغط على الحكومة باستخدام ورقة استرجاع المقيمين لإحراج الجانب الجزائري، وجلب مزيد من الدعم لمقترح إلغاء اتفاقية الهجرة، وتعطيل العمل باتفاقيات إيفيان، وفرض مزيد من القيود على منح تأشيرات السفر للرعايا الجزائريين الذين يقبلون على فرنسا للإقامة والدراسة. وتخطط الحكومة نفسها لفرض خطة تتضمن إعادة النظر في حق الرعاية الصحية الحكومية الممنوحة للأجانب المقيمين في فرنسا بشكل غير نظامي، وتفعيل عمليات الترحيل وتعزيز آليات الاندماج.
ويعتمد المشروع بشكل أساسي على تحسين تدابير عمليات الطرد والترحيل ورفع معدلاتها، وخصوصا الأجانب غير النظاميين الذين مضى على تسلمهم قرارات مغادرة الأراضي الفرنسية فترات طويلة. مع إصلاح “هيكلي” لنظام اللجوء وحق الأجانب بالاستعانة بالقضاء، ويسعى إلى تشجيع طرد الأجانب الذين يشكلون “تهديدا للنظام العام”.
وينص مخطط إصلاح قانون الهجرة على “استخدام الإكراه لأخذ بصمات الأصابع والتقاط صور لأجانب يقيمون بشكل غير قانوني”، و “رفض أو سحب أو عدم تجديد بعض تصاريح الإقامة” في حالة عدم امتثال أصحابها “لمبادئ الجمهورية”، بما في ذلك “المساواة بين الجنسين وحرية التوجه الجنسي وقيم الجمهورية”.
بالمقابل، يقترح المشروع استحداث تصريح إقامة لـ “وظائف طارئة” للاستجابة لنقص العمالة لدى القطاعات التي تحتاج العمال، والذي يلقى بدوره رفضا من اليمين. وتصريح إقامة للعاملين في المجال الصحي بعنوان “المواهب المهن الطبية والصيدلة”، وهو خاص بالأطباء والقابلات القانونيات وجراحي الأسنان والصيادلة.
وسيكون من صلاحيات وزارات الصحة والداخلية والعمل إصدار مثل هذه الإقامات .ووفقا للمادة 7 من القانون، سيعنى تصريح الإقامة هذا ليس فقط بالعاملين الصحيين، بل وأسرهم أيضا، “بمجرد تعيينهم من قبل مؤسسة صحية عامة أو خاصة”، ويسعى استحداث هذا النوع من الإقامات “إلى تلبية حاجة البلاد”، لا سيما أنه في القانون الحالي لا يوجد تخصيص أو استثناء “يلبي تماما خصوصية هذه الحالات”، وفقا للحكومة الفرنسية.