مسيرات تضامنية وتطوعية ترسي أواصر التضامن مع ضحايا “زلزال الحوز”
الكوارث الطبيعية التي يتعرض لها الإنسان تجعله يدرك ضعفه مهما بلغت قوته، وتذكره بأن الإنسانية وحدة أصل ومصير مشترك؛ ففي الأوقات الصعبة نتذكر مسؤوليتنا تجاه بعضنا بعضا، فتشتعل بداخلنا روح التضامن والإنسانية، وننسى الخلافات السياسية والدينية والعرقية، ليبقى هدفنا الأساسي النجاة من هذه الكارثة.
ولم تمنع صعوبات الوصول إلى الأماكن المنكوبة المغاربة من محاولات المساعدة، فتوجهت منظمات عديدة رسمية وغير رسمية لإيصال التبرعات والمساعدات إلى الأماكن التي تضررت من الزلزال.
وبالرغم من الترددات الاهتزازية التي شهدتها تلك المناطق، فإن المتطوعين الموجودين هناك لم يتوقفوا عن رحلة البحث عن المفقودين بأمل العثور على ناجين ولانتشال الجثث من تحت الأنقاض.
تضامن المغاربة لم يكن أمرا جديدا؛ فقد كان حاضرا في مونديال قطر، حين تشارك المغاربة مع بعضهم فرحة النصر، وها هم مرة أخرى مع بعضهم في محنة الزلزال الذي أدى إلى وفاة آلاف الأشخاص.
علي الشعباني، أستاذ باحث في علم الاجتماع، قال إن “الحملات التبرعية التي نظمها المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي قد أثارت انتباه العديد من المتابعين؛ ولكن بالنسبة لمن يعرف المغرب وعادات أبنائه في مثل هذه الظروف قد لا يتفاجأ، لأن الإنسان المغربي منذ طفولته يتشرب هذه القيم داخل أسرته وفي حيه وفي المدرسة وفي كل الأماكن التي يرتادها”، مشددا على أن “التضامن هو قيمة فطرية عند المغاربة”.
وحذر أستاذ علم الاجتماع، في تصريح له لهسبريس، من “أن تكون هذه الحملات ظرفية”، حيث أكد أن “هناك أُناسا خسروا منازلهم وما كانوا يخزنونه داخل بيوتهم ومالهم، وباتوا عروة أمام هذه الكارثة”.
وأضاف شعباني: “نحن أمام كارثة حاليا، وكارثة أخرى دائمة وهي الفقر؛ وبالتالي يجب أن نؤطر الحملات التطوعية والتبرعات بهدف أن تشمل كل القرى والأماكن المتضررة ولتصل إلى كل المحتاجين وبشكل مستمر، من أجل أن نسد حاجياتهم وبذلك نكون قد واجهنا الفقر وحاربنا آفة التسول في المدن”.
من جهته، فسر سعيد بنيس، أستاذ باحث في علم الاجتماع، في تصريح لهسبريس، التوافد الكبير من طرف المغاربة على الأماكن المتضررة بالقيم التي تربط المغاربة، وهي قيم التضامن، والتي يمكن اختزالها في وعاء قيمي وهو وعاء تمغربيت الذي يجمع المغاربة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب.
وأضاف بنيس مقولة باللهجة المغربية “خويا يلي وقف معايا وقت الحزة”، أي أن بمجرد تضامنك معي فأنت بمثابة أخي، وحسب وصفه فإن “هذه الأمور لا يمكن أن نفهمها إلا إذا عشنا في بيئة مجتمعية مغربية”.
وشرح أستاذ علم الاجتماع بالقول: “لا يمكن للإنسان أن تكون ممارساته وسلوكياته في أوضاع الكوارث إلا سلوكيات إيجابية، وأي سلوك آخر لا يمثل الإنسان أو الإنسانية بشيء”، وأضاف أن سلوكيات المغاربة تنم على تشبثهم بترابهم وبانتمائهم إلى المملكة المغربية، حسب وصفه.
وأضاف المتحدث ذاته: “إذا كان المغرب قد عرف مسيرة خضراء سابقا، فهو يعرف الآن مسيرة تضامنية من جميع المدن المغربية إلى المناطق المتضررة من هذه الكارثة الطبيعية”.
المصدر: هسبريس