جولة هاريس تصعق “البوليساريو” بتأكيد الموقف الأمريكي من الصحراء
حل جوشوا هاريس، مساعد نائب وزير الخارجية الأمريكي أنطونيو بلينكن، بالعاصمة المغربية الرباط، ليؤكد دعم الولايات المتحدة لمخطط الحكم الذاتي المغربي بالأقاليم الجنوبية.
ولم ترق تصريحات هاريس بعد الزيارة التي قام بها إلى مخيمات تندوف، وبعد الاجتماع الذي عقده مع إبراهيم غالي، زعيم الجبهة المسلحة، إلى مستوى تطلعات الأخيرة، إذ خلق مصطلح “الواقعية” حالة من “الامتعاض” في صفوف قيادتها.
ومنذ تقلد جو بايدن مقاليد قيادة الإدارة الأمريكية الحالية، سعت جبهة البوليساريو وداعمتها الجزائر إلى التأثير على قرار ترامب القاضي بالاعتراف الكامل بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، غير أن واشنطن ما تزال على “وتدها” رغم كل الضغوط، وتصريحات هاريس بضرورة “إيجاد حل واقعي” هي إشارة مهمة، بحسب مراقبين، “من البيت الأبيض إلى الانفصاليين لأهمية المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وكذا لاستمرار الموقف الأمريكي الداعم للجهود المغربية”.
وفي مقابلة أجراها مع جريدة “الخبر” الجزائرية، أعاد هاريس “صعق” طموحات البوليساريو، بتأكيد أن “أمريكا تهدف إلى وقف التصعيد العسكري الحاصل بالمنطقة”، في إشارة واضحة لقرار الجبهة وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991.
ويبدو أن التحركات الأمريكية الأخيرة في ملف الصحراء المغربية تسعى لإقناع أصحاب “أطروحة تقرير المصير” بأهمية العودة إلى طاولة المفاوضات بناء على مخطط الحكم الذاتي، خاصة في ظل غياب مشروع تفاوضي بديل من قبل قيادة الرابوني وصانعيها بقصر المرادية.
الاعتراف الأمريكي
حول أبعاد المحطة الأخيرة من جولة هاريس بالمنطقة، يرى هشام معتضد، خبير في العلاقات الدولية والاستراتيجية، أن “هاته الزيارة تندرج في إطار اجتماعات حول قضايا تعزيز السلام والازدهار والأمن بالمنطقة، التي تحمل أيضا رسائل سياسية لواشنطن بخصوص انخراطها في مسلسل اعترافها بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية”.
وقال معتضد لهسبريس إن “ما يجب التوقف عنده هو أن التأكيد على الموقف الأمريكي بخصوص مغربية الصحراء لا يجب ربطه بزيارة مسؤول أمريكي أو حضوره لاجتماعات مهنية أو بروتوكولية للرباط، لأن قرار الدولة الأمريكية لا يلزمها بالتأكيد على موقفها في كل مرة يتنقل مسؤولوها فوق تراب المغرب”.
“هنا يجب الفصل بين موقف الدولة وتنقلات مسؤوليها وخطاباتهم، والأهم بالنسبة للرباط من منظور تدبير شؤون الدولة أن واشنطن لم تصدر أي قرار سياسي يتراجع عن اعترافها بمغربية الصحراء، وبالتالي فإن زيارة مسؤوليها إلى المغرب لا تلزمهم بالتطرق لموضوع هذا الاعتراف، إلا إذا كان السياق السياسي يدعو للتأكيد على موقف بلدهم”، يقول المتحدث.
ولفت الخبير في العلاقات الدولية والاستراتيجية إلى أن “منطق المسؤولية السياسية يحتم على الولايات المتحدة الأمريكية الانخراط في الدفاع عن موقفها الذي يدعم سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وذلك انسجاما مع توجهات سياستها الخارجية والتزاماتها الاستراتيجية تجاه الرباط”.
وأجمل معتضد بالتأكيد على أن “كل المؤشرات السياسية والتحركات الدبلوماسية لواشنطن في ملف هذا النزاع المفتعل تترجم احترام موقفها الداعم للقضية المغربية، كما تؤكد للفاعلين في المنطقة والمنتظم الدولي أن الطرح المغربي هو الأقرب إلى الواقع، إلى جانب كون مسلسل التسوية السياسي للنزاع يجب إنهاؤه بطريقة يحترم فيها منطق التاريخ بعيدًا عن المزايدات الإيديولوجية”.
أفكار الجبهة ميتة
من جانبه، سجل البشير الدخيل، قيادي سابق بجبهة البوليساريو، أن “ما جاء به هاريس في مخيمات تندوف يتعارض مع أفكارهم الميتة، التي ما تزال تراوح مكانها في حقبة السبعينات”.
وقال الدخيل، في تصريح لهسبريس، إن “الوقت الحالي يشير إلى أننا لسنا في حقبة السبعينات، بل نعيش في زمن متغيرات جيوسياسية مهمة، والولايات المتحدة الأمريكية واعية بذلك، وما قاله مسؤولها لقيادة الرابوني لا يخالف قرارات مجلس الأمن”.
وأضاف أن ” واشنطن لا تجد واقعية في أطروحة الجبهة الانفصالية، إذ تجاوز الزمن أفكار تقرير المصير وتنظيم الاستفتاء”.
وشدد القيادي السابق بالبوليساريو على أن “هاته التحركات الأمريكية، والزيارة التي يقوم بها دي ميستورا إلى الأقاليم الجنوبية المغربية، سيكون لهما وقع هام للغاية على قرار مجلس الأمن المقبل”.
المصدر: هسبريس