هل يتحول التوتر السياسي بين النيجر وفرنسا إلى مواجهة عسكرية؟
يعيش السفير الفرنسي بالنيجر، سيلفان إيتي، على وقع حصار أمني تقيمه شرطة سلطات الانقلاب بعد إسقاط الحصانة الديبلوماسية عنه، في ظل تزايد المخاوف من اندلاع مواجهات مسلحة مع الجيش الفرنسي.
وسبق أن أعلن الجيش الفرنسي عن استعداده للرد العسكري على أي خطوة تمس وضعية السفير الفرنسي بنيامي، في رد على بلاغ سلطات الانقلاب العسكري الذي جاء فيه “إسقاط الحصانة الديبلوماسية على إيتي الذي لم يعد يتمتع بأي صفة تمكنه من البقاء ضمن طاقم سفارة باريس بالنيجر”.
وبذلك يتصاعد “دخان” اندلاع مواجهات مسلحة بالنيجر، الذي كانت أولى إشاراته “رفض باريس قرار طرد السفير الفرنسي” الذي أصدرته سلطات الانقلاب، و”اتهامات” متتالية لباريس بحشد قواتها لشن عملية عسكرية بنيامي بمعية تكتل “إيكواس”.
وتجد باريس نفسها الوحيدة من بين القوى العالمية المتواجدة بالنيجر والمنطقة التي يعد وجودها أمرا “مقلقا” لدى الانقلابين، وهو الأمر ذاته لدى القاعدة الشعبية التي خرجت في مظاهرات حاشدة فور إعلان الانقلاب مرددة شعارات معادية لباريس.
محمد الغواطي، محلل سياسي، يرى أن “هاته التطورات تنضاف إلى العلاقات المتأزمة بين سلطات الانقلاب في النيجر وفرنسا التي تبقى دائما في نظر المجلس العسكري المحرض الأول لأي تدخل عسكري أجنبي”.
وقال الغواطي، في تصريح لهسبريس، إن “فرنسا في نظر انقلابيي النيجر هي المستفيد الأول من خيرات البلاد، وبالتالي فالعلاقة معها جد متوترة، وأي تفصيل جديد سيكون بناء على ذلك”.
وأضاف أن “هذا الأمر يعد نكسة قوية لسياسة ماكرون الخارجية تجاه الدول الإفريقية التي كانت في السابق مستعمرات لها”.
وأشار المحلل السياسي عينه إلى أن “المجلس العسكري بالنيجر يرى نفسه الوحيد الذي يتكلم باسم الشعب النيجيري، وقراره طرد السفير يأتي من خلال هذا المنطق”.
وشرح أن “هذا الأمر يتصادم في ظل يقين باريس أن هذا القرار لم يصدر عن جهة رسمية، وإنما عن سلطة غير شرعية، وذلك بتزامن مع تردي سياسة فرنسا في المنطقة، في وقت لم تعان فيه الدول الغربية الأخرى من ذلك”.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن “وجود تدخل عسكري من قبل فرنسا في النيجر، أمر يهدد المنطقة بالكامل ولن يزيد الوضع إلا تعقيدا”، مؤكدا أن “المطلوب هو حل سياسي إفريقي يعيد الاستقرار إلى الساحل”.
من جانبها، قالت شريفة لموير، محللة سياسية، إن “فرنسا تحاول خلق جبهة صراع داخل النيجر، خاصة إذا ما لاحظنا موقفها من الانقلاب بالنيجر مقارنة بموقفها من انقلاب الغابون الذي يحمل أسبابا أكثر منطقية، من قبيل حفظ الديمقراطية”.
وصرحت لموير لهسبريس بأن “فرنسا تحاول الالتفاف على ما يقع في إفريقيا، وذلك حماية لمصالحها الاستراتيجية داخل مستعمراتها القديمة”.
وزادت أن “هاته التغيرات والتحولات الجيوسياسية التي تعرفها إفريقيا، تقوي إمكانية تصاعد التوتر والصراعات، سواء على النفوذ أو حماية المصالح لدى القوى الكبرى، على رأسها فرنسا”.
وخلصت لموير إلى أن “موقف فرنسا الممهد لمواجهات عسكرية يوضح المأزق الذي تقع فيه باريس، وبالتالي هذا التخوف والاستباقية في رد الفعل يريد قصر الإليزيه من خلاله الترويج لنفوذه المتهالك داخل القارة السمراء”.
المصدر: هسبريس