معارك يمينية ومواجهات تيارات إسلامية وعلمانية تتدثر بـ”عباءة المدارس الفرنسية”
قرار استفزازي جديد لجأت إليه السلطات الفرنسية بمنعها الفتيات من ارتداء العباءة داخل المؤسسات التعليمية، في سياق كان يشهد الكثير من الجدل حول الحجاب ومظهر التلاميذ داخل المدارس.
الحكومة الفرنسية في شخص وزير التربية الوطنية تعتبر أن “شكل التلاميذ عند ولوجهم إلى فصولهم الدراسية لا ينبغي أن يوحي إلى مظهر ديني”، في حين “لا يعتبر المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية العباءة مظهرا دينيا”.
من جانب آخر، يأتي هذا القرار في سياق سياسي انتخابوي يتسم بمعركة بين اليمين التقليدي الحاكم واليمين المتطرف، الذي يحلم بالدخول إلى قصر الإليزيه عام 2027.
سياقات عديدة دفعت الحكومة إلى اتخاذ هذا القرار، يقول مصطفى طوسه، محلل سياسي مقيم بفرنسا، من أهمها “وجود قناعة لدى السلطات الفرنسية، وخصوصا وزارة التعليم، بأن التيار الإسلاموي يحاول إدخال طقوس في مجال التربية الوطنية، ويجيش أبناء الضواحي، ويسعى إلى عملية شد حبال بينه وبين العلمانية الفرنسية المجسدة في التربية الوطنية”.
وتابع طوسه في تصريح لهسبريس: “المعركة كانت حول الحجاب، والآن أضحت حول العباءة”، مبرزا أن السلطات الفرنسية كانت تواجه أسئلة من قبيل “هل ستبقى مكتوفة الأيدي أمام مثل هذه الظاهرة أم ستتخذ قرارات بشأنها؟”.
من جهة أخرى كانت المعارضة الفرنسية توجه انتقادات إلى وزير التربية الوطنية السابق، وتعيب عليه عدم اتخاذ قرارات حازمة تجاه هذه الظاهرة، لبعث رسائل حزم للتيار الإسلاموي، وعندما عين جابرييل أطال، الذي يمسك بهذه الحقيبة الوزارية حاليا، وهو أحد المقربين من الرئيس ماكرون، كانت أولى خطواته كي يظهر أنه أخذ علما بهذه الرهانات أنه منع العباءة، وفق المصدر ذاته.
ونبه المتحدث إلى أن “القضية إعلامية أكثر منها واقع”، مضيفا أن “هناك أقلية من الفتيات اللواتي يرتدين العباءة بهذا الشكل، لكن السلطات الفرنسية جعلت منها قضية سياسية لأن هناك أحزابا من اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبين وإيريك زمور استغلت الظاهرة وعابت على الحكومة أنها لا تتخذ إجراءات لصدها”.
ومن الانعكاسات التي من شأنها أن تبرز كرد فعل على هذا القرار، يوضح طوسه، أن “هناك من سينظر إليه كاستفزاز جديد للجالية المسلمة، وبالتالي قد تنتج عنه تداعيات عكسية، تجعل بعض الشابات والأوساط الإسلاموية في الضواحي الفرنسية تتخذ مواقف متحدية للسلطات”.
وخلص المتحدث إلى أن “القرار يصب الزيت على النار، ويهدد مبدأ التعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع الفرنسي؛ كما أنه قد يشجع التيار الإسلاموي الذي يحاول أن يستغل مناخ الحرية في فرنسا لكي يجيش بعض الفعاليات ويجعلها أداة حرب ضد النظام العلماني الفرنسي”.
المصدر: هسبريس