اخبار السودان

لماذا اكره الحرب؟  السودانية , اخبار السودان

قلم كاتب

 

لماذا اكره الحرب؟ 

عبد الله ديدن

 

اكره الحرب واكره من يدعو الى الحرب، فالحرب، ليست أن يجلس احدهم وامامه فنجان قهوة دافئ، تدفع قيمته شعوب اجتهدت في بناء اوطانها ومنحته لجؤاً او هجرةً اليها، يجلس علي كرسي نظيف يتقلب في كل اتجاهات الغرفة بتؤدة وروية، ثم يقعي علي الكيبورد ويزعق، حرب …حرب، بل بس، ما دايرين مفاوضات، كرامة، حرب، حرب حتي يموت اخر جندي…..

فيديوهات ولايفات واغاني تمجد الحرب وتدعو الي استمرارها إلى الابد…

أي حرب أبها الجالس بعيدا عن الموت جوعا بسبب الحرب، اي حرب أيها الجالس بعيدا عن الموت موتا مجانيا وعينيك مفتوحتين على الخوف، أي حرب أيها الجالس بعيدا عن دماء تسيل علي عتبات ابواب البيوت، أي حرب أيها الجالس بعيدا عن صراخ امرأة يغتاتها وحش ادمن القتل، اي حرب ايها الجالس بعيدا عن ارتجاف أوصال أطفال يملئهم رعب سقوط السماء عليهم، فيتكومون تحت اقدام امهاتهم وجلاً وأبائهم ينتحبون سرا، فهم لا يعرفون كيف يشعرونهم بالأمان، أي حرب أيها الجالس بعيدا عن دموع تسكبها امرأة تكلأ ايتاما ولا تعرف كيف تخرج بهم من دائرة الموت المحدق بها وبهم، برا وجوا وليس في يدها سبيل إلى الفرار بهم إلى حيث مكان آمن، أي حرب أيها الجالس بعيدا عن جلوس الرجال علي قارعة الهروب وكأنهم تماثيل لا تقدر حتي على قول : الغدا شنو الليلة يا فلانة وهو يخاطب زوجته، أي حرب أيها الجالس بعيدا عن حلم فتاة بليلة زفافها في العيد، فكان أم سقط خطيبها أشلاء وهو يحاول نقل امه المريضة من غرفة معروشة بالزنك إلى بيت الجيران المسقوف بالاسمنت حتي يقيها الموت بقذائف حربك الطرشاء، فكان أن سقطت تلك القذيفة عليه وهو عائد لها يحمل  كيس ما تبقي من أدويتها، أي حرب أيها الجالس بعيدا عن تكدس ملايين النساء والرجال والرجال الأمهات في مراكز إيواء، منتشرين مثل النمل في حجور لا يعرفون فيها كيف يسترون عوراتهم للبول، فصاروا أجداث تنتظر لقمة، يجود بهم عليها شباب يتصببون عرقا من المساسقات بين اصحاب القلوب الرحيمة ليمنحونهم املاً ليوم واحد في الحياة، أي حرب أيها الجالس بعيدا عن أوصال شعب قطعتها مدافع ورصاصات وطائرات، فكنست معها كل ذكرياتهم التي بنوها باحلامهم الصغيرة القديمة فماتت، ماتت قبور ابآئهم وامهاتهم التي تركوها ورائهم نهباً لأزيز الطائرات وقصف المدافع وابوات المتقاتلين، ماتت ذكريات ليالي دخلتهم الأولى المحفوفة بإبتسمات أبدية خجولة كلما عبرت تلك الليالي مخليتهم، ماتت قصصهم السرية مع نافذة منزل مكسورة وكانت سببا لشجار ارسي انتهي بدخول النجار واصلاح الأنفس قبل النافذة، ماتت حكايتهم لأطفالهم عن اجدادهم الأبطال في الخيال وفي الحقيقة، ماتت لذة مكالمتهم الغرامية السرية من وراء تلصص الآباء والأمهات، ماتت رائحة قهوتهم المصنوعة من غنج الزوجات وفلاحة العشاق وبن حبشي مهرب بالحمير، فقدوا طعم ورائحة وغرودة سفة التمباك الصباح وتحول دخان سجارة برنجي النوم إلى ذيل افعي، ماتت إنسانيتهم فماتوا جميعا….

أي حري أيها الجالس بعيدا عننا وبين يديك كأس خمر بلون دمائنا، أي حرب تلك التي تريد أيها القاتل…

أي بلبسة تلك التي تجعلك سعيدا بذهابنا عن الحياة لتنتصر لماذا ثم لمن أيها المخلوق من طينة ذاتك لإرضاء شرورك وانانية احلامك، اي حرب تلك التي تريد، آلا ترغب في العودة في إجازة قصيرة إلى بيتكم القديم لتفرح بنات الجيران أملا في اختبارك لواحدة منهن لتعبر بها بحارك التي تأويك تلك…

ايها البلبوس أنت لست مثلنا، لأنك بلا احلام وبلا تلك الابتسامة التي تعمر وجوهنا كلما  أوغلنا في الحلم…

ياخي لا للحرب وسنظل نكتبها بلا نهاية، فالشجر جميع اقلام والنيل مداد ……..

نقلاً عن صفحته على فيسبوك

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *