صورة المغرب تتصدر الشاشات العالمية.. دعاية رقمية وإنجازات فعلية
قال الناقد المغربي محمد بنعزيز إن صورة المغرب باتت تتصدر الإعلام العالمي بمصداقية مذهلة لا تفبركها أستوديوهات الإشهار بفضل إنجازات أبطاله أمثال البقالي والكردادي وبونو والزلزولي وزياش وأكرد وغيرهم، مشددا على أن هذه الإنجازات ستترجم إلى عائد مالي من السياحة والاستثمار في المغرب.
وأضاف بنعزيز، ضمن مقال خاص بهسبريس معنون بـ”صورة المغرب تصمد وتتجدد على الشاشات العالمية”، أن التكنولوجيا دمقرطت فن التصوير وصارت الكاميرا شاهد عيان لا يتعب ولا ينسى ويوفر صبيب صور يستحيل متابعته.
وهذا نص المقال:
المغرب في صدارة الإعلام العالمي بشكل غير مسبوق، منذ مونديال قطر 2022. يحظى البلد، حاليا، بدعاية رقمية بالصوت والصورة. لقد توفرت للمغرب حملة تعريف يومية بصفر ميزانية وبمصداقية مذهلة؛ لأنها توثق حياة فعلية لا تفبركها أستوديوهات الإشهار.
إليكم عينات مصورة لكي لا يكون هذا خطابا تجريديا:
جرى البقالي وقفر وفاز في سباق 3 آلاف متر موانع؛ بينما يقول المعلقون بكل اللغات ما لا يستطيع المعلق المغربي قوله في بلده: الذهب للذهب. وبعدها انتشرت الصورة: البقالي يسبح في المضمار.
مغربي يحمل كاميرا يجري بالموازاة مع فاطمة الزهراء الكردادي في بودابيست ويصورها ويصور نفسه يجري ويشجع العداءة لكي تفوز في الماراثون. وقد فازت، فتلاقح الفوز والصور، واكتسحا مواقع التواصل الاجتماعي الرقمية التي يرتادها مليارات البشر يوميا. وهذا ما سمح بكشف الإقصاء الذي تعرضت له النحلة فاطمة الزهراء من طرف زنبور في جامعة ألعاب القوى بالرباط.
الأرجنتينيون يقارنون بين استقبال المنتخب المغربي في الرباط ومنتخبهم بوينس آيرس.
الزلزولي جالس مع أمه بعد التتويج في الرباط لمنتخب أقل من 23 سنة.
إليكم المزيد من الصور:
ياسين بونو يضحك، بونو يرقص.
محمد الشيبي لا يتعارك، ما بدا خوفا في البداية تكشف أنه نضج وترفع عن رد الفعل العدواني. كان الحدث مناسبة لتكتشف المذيعة المصرية منى الشاذلي أن جدها المغربي هو من أبرز صوفية المغرب والمشرق في القرن السابع الهجري. كان الشاذلي وثيق الصلة بشيخه عبد السلام بن مشيش، وهو من دعاة الإصلاح والتأليف بين الناس في قرن الخراب جنوب المتوسط.
حمد الله يسجل ضربة مقص أمام بنزيما..
والدة رونالدو في مراكش تبتهج بقصعة كسكس. طبق من كسكس يصير طبقا من صور يخاطب الحس. تمكن الصور القوية المتفرج من بناء علاقة حسية مع ما يراه.
تنتشر هذه الصور يوميا في كل العالم. يصدّق الناس ما يرون، يتشوّقون لمراكش.
كرويا، يشعر المغاربة بأنهم في الملعب مع لاعبيهم، سواء لعبت برشلونة أو غلطة سراي أو باري سان جيرمان؛ فالمتفرجون في المقهى يلعبون مع بونو في السعودية، ومع حكيمي في باريس، ومع نايف أكرد في إنجلترا، ومع أمرابط في إيطاليا، ومع النصيري في إسبانيا، ومع حكيم زياش في تركيا… يتابعون لكي يعيشوا عالمية المغرب.
وهكذا، فصورة المغرب تصمد وتتجدد على الشاشات العالمية بفضل الانتشار المذهل للكاميرات.
هذا تعبير لن يفهمه إلا الذين لم يمتلكوا قط كاميرا في حياتهم. أما الذين ولدوا بعد عام 2000 فيتوهمون أن الكاميرات كانت شائعة في 1990.
لقد دمقرطت التكنولوجيا فن التصوير. صارت الكاميرا شاهد عيان لا يتعب ولا ينسى ويوفر صبيب صور يستحيل متابعته.
لقد تمّ الانتقال من الدعاية بالكلام إلى صور وفيديوهات قصيرة تحكي قصصا كثيفة تجعل البلد مشعا. وهذا موضوع يدرس ولم يترك للصدفة.
هذه صور تقدم حكايات سهلة Storytelling يسهل تناقلها والتعليق عليها. للحكايات دلالات وأدوار كقوة ناعمة. وقد استخدم كل من بيل كلينتون وباراك أوباما وساركوزي هذه الحكايات للبقاء في واجهة المشهد الإعلامي العالمي لوقت طويل.
لدراسة هذا النوع من السرد، كتب كريستيان سلمون Christian Salmon في جريدة لموند 13122008 ليخبرنا بتأسيس مركز للحكي المستقبلي Center for Future Storytelling بمعهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا (MIT) ، بهدف الانتقال من سرد تقليدي إلى سرد مرن قادر على أن يأخذ بعين الاعتبار غنى وتعقد الحياة وعلى إيجاد روابط بين الأشياء؛ وبالتالي تكييف الأشكال التقليدية للسرد مع وسائل الاتصال الحديثة: المحمول، الإنترنيت…
يستفيد المغرب من هذه الأشكال السردية، التي سيزداد تأثيرها في المستقبل. وستترجم هذه الأرقام إلى عائد مالي من السياحة والاستثمار في المغرب، وهذا ما يفرض على المسؤولين المغاربة من ذوي الأفق المفتوح توفير بنيات استقبال هذه الرياح اللواقح التي تهب على المغرب.
المصدر: هسبريس