“عقيدة العداء”.. الجزائر تصادر خرائط من الأسواق تضم الصحراء المغربية
يبدو أن أجهزة النظام الجزائري ماضية في تماديها في استعداء المملكة المغربية، وجعله “عقيدة عسكرية ومدنية”؛ من خلال محاولة تثبيت العداء الجماهيري للوحدة الترابية في أذهان المجتمع والشعب الجزائري المغلوب على أمره والرافض للسياسات الداخلية والخارجية لحكامه.
وفي آخر فصول هذا العداء، داهمت لجنة تابعة للمفتشية الإقليمية للتجارة بمدينة بريكة التابعة لولاية باتنة شمال شرقي الجزائر، بناء على “إخبارية توصلت بها”، مكتبات ومحلات تجارية وصادرت خرائط ومجسمات خرائطية تحتوي على خريطة المملكة غير مبتورة الصحراء المغربية بدعوى “عدم مطابقاتها مع اللوائح الأممية” وتجاهلها للجمهورية الوهمية التي تتخذ من تندوف مقرا لها.
سعيد بركنان، محلل سياسي، قال إن “هذا السلوك يضع النظام العسكري الجزائري في ورطة سياسية كبيرة؛ ذلك أنه يرفض من جهة دعوات مبعوث الأمم المتحدة للجلوس إلى الموائد المستديرة من أجل إيجاد حل سياسي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية بدعوى أنه ليس طرف فيه. ومن جهة أخرى، يُسخر جميع إمكانيات الدولة الجزائرية من أجل الترويج لأطروحة الانفصال داخليا وخارجيا”.
وأضاف بركنان أن “مُصادرة خرائط لكونها تُبرز سيادة المغرب على صحرائه لا يدع مجالا للشك في أن الجزائر طرف رئيسي وفاعل في هذا النزاع المفتعل”، مشيرا إلى أنه “لا يمكن قراءة هذا السلوك بمعزل عن فهم العقيدة العسكرية لنظام الجزائر التي تنبني على أساس العداء التاريخي للمغرب حتى قبل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية والذي ساهمت فيه بشكل كبير على مستوى صناعة جمهورية الوهم وعلى مستوى الدعم المالي وكذا الدعم الإيديولوجي بتحريك دعايتها الكاذبة ضد المملكة”.
ولفت المصرح لهسبريس إلى أن “هذا التصرف يمكن أن نفهم منه كونه بمثابة رد فعل على دعوات الحوار التي طالما أطلقها المغرب من خلال خطابات الملك محمد السادس، آخرها خطاب العرش الأخير”، مبرزا أن “إقدام السلطات الجزائرية على مصادرة خرائط بهذا الشكل من محلات تجارية مدنية الهدف منه هو محاولة إخراج عقيدة الاستعداء للمغرب من ثكنات العسكر وجعلها فعلا مدنيا يميز سلوك الشعب الجزائري”.
وخلص إلى أن “هذا التصرف من السلطات الجزائرية يؤكد أن خطاب العداء للمغرب هو خطاب نظام وليس خطاب شعب، كما يؤكد أن الرباط نجحت فعلا من خلال دعوات الحوار وسياسة اليد الممدودة في إحراج النظام العسكري واستطاعت أن تسحب منه الورقة الداخلية التي طالما حاول أن يلعبها باستعداء الشعب الجزائري ضد الوحدة الترابية للمغرب”.
تفاعلا مع الموضوع ذاته، قال علي بيدا، رئيس الفرع الجهوي للمركز الدولي للدفاع عن الحكم الذاتي بجهة العيون الساقية الحمراء، إن “حملة سحب النظام الجزائري لمجسمات تحمل خريطة العالم؛ ومن ضمنها خريطة المملكة المغربية كاملة، هو سلوك معهود لنظام حريص على عداء المغرب ولا شيء غيره””، مشددا على أن “هذا السلوك يكشف تناقض الدولة الجزائرية التي تدعي دوما أنها ليست طرفا في القضية؛ إلا أن واقع الأمر وممارستها من قبيل هذا يثبتان العكس تماما”.
وأضاف بيدا أن “الاعترافات الدولية الأخيرة ومن قوى دولية وازنة بمغربية الصحراء أزعجت تبون ورفاقه في النظام الجزائري، فأصبحنا نرى ردود أفعال صبيانية تعكس عجزه أمام ذكاء وحنكة الدبلوماسية المغربية وما تحقق من انتصارات كبيرة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله”.
وسجل رئيس الفرع الجهوي للمركز الدولي للدفاع عن الحكم الذاتي بجهة العيون الساقية الحمراء أنه “منذ بداية حراك الجزائر، الذي أسقط العديد من رموز الفساد في أعلى هرم السلطة الجزائرية سواء العسكرية أو المدنية، سقطت معه الكثير من الطابوهات؛ وفي مقدمتها موضوع دعم الجزائر للبوليساريو واحتضانها على أراضيها”، مشددا على أن “مختلف مكونات الشعب الجزائري أصبحت، منذ تلك الفترة، تعلن عن مواقف غير مسبوقة من استمرار النظام في تمويل الانفصاليين على حساب مصلحة الشعب الجزائري؛ بل إن الجميع بات يتساءل: ماذا استفدنا من هذا الدعم ومن استمرار العداء للمغرب؟”.
وتابع المتحدث ذاته في تفسير أسباب هذه السلوكيات غير المسؤولية مؤكدا أنها “تأتي كذلك في سياق تعيش فيه الجزائر أزمة اقتصادية واجتماعية تهدد استقرارها”، موضحا أن “النظام الجزائري يُحمل كالعادة مسؤولية وضعه المتأزم والهش للمملكة المغربية. ولذلك، فهو يحاول الآن أن يُحول عداء النظام إلى الشعب الجزائري، هذا الأخير الذي يتنامى إيمانه بأن المغرب بلد جار ويستحق من الجزائر حسن الجوار؛ وهو الإيمان الذي يخشى معه النظام الجزائري أن يتحطم وهم عدائية المغرب للجزائر الذي طالما روج له”.
وخلص بيدا، في تصريح لهسبريس، إلى أن “سياسة الجزائر فيما يرتبط بالعلاقة مع الجيران تعرف تناقضا صارخا يظهر من خلال تفاعل الخارجية الجزائرية مع ما يقع في النيجر، خاصة في بيانها الأخير الذي يُظهر جزائر أخرى تبحث عن السلم والاستقرار في المنطقة وتُغلب خطاب العقلانية والحكمة، مقابل شنها لحملة عدائية لتجييش شعبها ضد المغرب، وتوفير الدعم لمليشيات “البوليساريو” لضرب بلد جار تربطها به روابط أكثر من تلك الموجودة بينه وجيرانه الآخرين”.
المصدر: هسبريس