قرار يثير تساؤلات الطلبة والأولياء

قررت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تمديد مواقيت فتح المؤسسات الجامعية خلال الموسم الجامعي المقبل (2023/2024) إلى العاشرة ليلا، رغم أن قرارها المتخذ العام الماضي بتمديد الدراسة إلى الساعة السادسة مساء لم يلق استجابة، سواء في المرافق البيداغوجية أو من طرف مسيري الخدمات الجامعية.
دعا الأمين العام لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي في مراسلته رقم 805 المؤرخة في 16 أوت الجاري، الموجهة إلى مديري مؤسسات التعليم العالي، بالاتصال مع عمداء الكليات ومديري المعاهد ورؤساء الأقسام، وكذا المدير العام للديوان الوطني للخدمات الجامعية، بالاتصال مع مديري الخدمات الجامعية إلى تمديد مواقيت فتح مرافق مؤسسات التعليم العالي إلى العاشرة ليلًا، بدءا من الموسم الجامعي المقبل.
وأشارت مراسلة الأمين العام لوزارة التعليم العالي، أنه في إطار مسعى القطاع الرامي إلى ضمان إبقاء مؤسسة التعليم العالي في نشاط متواصل، وحيوية مستمرة، مثلما تقتضيه خصوصية الحياة في الوسط الجامعي، لاسيما من حيث الجانب البيداغوجي والبحثي، وتوخيا لترشيد استغلال الهياكل والفضاءات لتحسين ظروف الاستقبال وقدرات الاستيعاب، فقد تقرر فسح المجال لتمديد مواقيت فتح مرافق مؤسسات التعليم العالي إلى غاية الساعة العاشرة (22:00) ليلا، بدءا من الدخول الجامعي المقبل، داعيا في هذا الإطار مديري مؤسسات التعليم العالي إلى مراعاة التمديد الزمني المقرر أثناء ضبط برامج الأنشطة البيداغوجية والعلمية، بما في ذلك إعداد جداول التوقيت الخاصة بالتدريس، وتنظيم الأحداث العلمية، مع الإبقاء على أهم المرافق التي يرتادها الطلبة والأساتذة تحت تصرفهم إلى غاية التوقيت المحدد، على غرار المخابر، والمكتبات، والحاضنات، ومراكز تطوير المقاولاتية.
كما طلب المسؤول ذاته من مسؤولي الديوان الوطني للخدمات الجامعية، عبر مديريات الخدمات الجامعية، بضمان التنسيق مع مؤسسات التعليم العالي لضبط مخططات النقل الجامعي، وفقا لمواقيت التدريس المعتمدة على مستوى كل مؤسسة جامعية، مؤكدا على ضرورة إيلاء الأهمية القصوى لهذه التعليمة التي يعطيها وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأهمية القصوى من خلال الشروع في اتخاذ الترتيبات اللازمة لضمان تجسيد التمديد الزمني ميدانيا، بما في ذلك التشاور مع ممثلي الأساتذة والعمال والطلبة بخصوص تمديد فترة التدريس، ووضع نظام مناوبة تسمح باحترام الحجم الساعي للمستخدمين الذين سيتداولون على تأطير مرافق المؤسسة المعنية بتمديد مواقيت فتحها.
وصاحب قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، تمديد ساعات الدراسة بالجامعات إلى العاشرة مساء، موجة من التعاليق في الأحاديث اليومية للمعنيين من أساتذة وطلبة، وعمال مهنيين وإداريين، وحتى الأولياء، حيث تمت الإشارة إلى عديد النقاط المرتبطة بهذا القرار، لاسيما مشكلة النقل، وبعد مواقع سكن الطلبة عن التجمعات السكنية الحضرية، خاصة في الولايات الداخلية، وكذا قضية أمن وسلامة الطلبة، وعلى وجه الخصوص الإناث منهم.
في هذا السياق، يقول طلبة جامعيون يقطنون في أطراف مدينة الرغاية، شرق الجزائر العاصمة، تحدثت إليهم “”، بأن قرار تمديد توقيت الدراسة إلى ساعات متأخرة سيكون عليهم كابوسا حقيقيا، وتحدث هؤلاء عما عانوه الموسم الدراسي الأخير، حيث قالوا بأنهم كانوا يصلون إلى مقرات سكناتهم بعد الساعة الثامنة مساء، وذلك عندما ينهون دراساتهم على الساعة الخامسة، مع أنهم يضطرون إلى طلب الخروج من أقسام الدراسة قبل الخامسة على الأقل بنصف ساعة، حتى يلحقوا بحافلات النقل الجامعي إلى وجهاتهم، التي تنطلق في حدود الرابعة والنصف.
أولياء طلبة جامعيين من ولايات داخلية، ممن أصيبوا بصدمة جراء سماعهم قرار تمديد توقيت التدريس في الجامعات إلى الساعة العاشرة ليلا، علقوا على ذلك بلهجة مستاءة وغاضبة، لاسيما إذا تعلق الأمر بكونهم أولياء طالبات جامعيات، قائلين بأنهم لن يقبلوا بأن تتأخر بناتهم إلى ما بعد العاشرة مساء للوصول إلى مقرات سكناهم، مشيرين في السياق ذاته إلى ما قد يواجهونه من مشكلة توفر النقل العمومي وحتى الخاص، دون الحديث عن مخاوفهم من حالات اللاأمن والاعتداءات من البشر، وحتى من الحيوانات الضالة في الأرياف وضواحي التجمعات السكنية، داعين مسؤولي وزارة التعليم العالي إلى إعادة النظر في القرار بما يضمن راحة كل الأطراف المعنية به، من طلبة وأوليائهم، إلى الأساتذة ومستخدمي القطاع من إداريين وعمال مهنيين.
واعتبر الكثير من الطلبة والأساتذة، وحتى العمال، أن هذا القرار سيكون مصيره مثل مصير القرار المتخذ العام الماضي بتمديد الدراسة إلى غاية السادسة مساء وعدم تطبيقه في أغلب المؤسسات الجامعية، بحجة نقص وسائل النقل الجامعي وانعدام الإنارة في بعض القاعات والمسالك، إضافة إلى بعد المسافات بين المرافق البيداغوجية والإقامات الجامعية وتوقف طوابير الإطعام مبكرا، في وقت تطمح فيه الوزارة إلى تعزيز دور الجامعة بتمديد ساعات إبقاء المؤسسات الجامعية مفتوحة لتعزيز البحث العلمي، واستقبال جميع الطلبة الموجهين إلى التعليم العالي، خصوصا بعد مراجعة التوزيع الجغرافي لعدة تخصصات بتقريبها من الطالب، وتفادي التنقل إلى مسافات بعيدة، مثلما هو الحال لطلبة الطب بعد فتح 14 ملحقة منتشرة على المستوى الوطني، تضاف إلى 15 كلية موجودة لاستقبال 13 ألف طالب جامعي جديد في هذا التخصص الذي استقطب رغبة الكثير من المتحصلين الجدد على البكالوريا، وهو ما استدعى رفع معدل قبوله إلى 16.52 هذا العام، في وقت كان عددهم لا يتجاوز 8 آلاف طالب جديد بمعدل قبول لا يتعدى 16.26، وقبله في سنة 1999 إلى 5 آلاف طالب بمعدل قبول يصل إلى 15.86.