تشديد الحصار على “الهجرة غير النظامية” يربك حسابات شبكات التهريب
ساءلت الإحباطات المتتالية لمحاولات الهجرة غير النظامية عبر الحدود البحرية بين المغرب وأوروبا مصداقية شبكات الاتجار بالبشر والهجرة، التي تتلقى أموالا طائلة من حالمين بالوصول إلى الضفة الأخرى؛ بحيث بدا أنه من الصعب إقناع الراغبين في الهجرة بالعمليات الميدانية لـ”لحريك”، مادام الخناق مشددا حتى الآن بشكل يجعل المرور من مختلف المنافذ المحتملة مهمة صعبة.
ومازالت شبكات تهريب البشر تبحث عن منافذ جديدة غير المعابر الحدودية الشمالية التي صارت تعرف مراقبة أمنية مشددة منذ أحداث سبتة ومليلية التي كثفت التعاون المشترك مع إسبانيا، ولكن متتبعين يرون أن “الثقة بدأت تنهار في هذه الأنشطة بعد تعرض عشرات المهاجرين للغرق جراء محاولة عبور البحر، وهو ما عضده اختفاء نحو 51 مهاجرا غير نظامي مؤخرا”.
حصار أمني وإعلامي
المهدي ليمينية، فاعل مدني باحث في شؤون الهجرة، قال إن “المغرب صار يتمكن من حصار محاولات الهجرة غير النظامية نظرا للتشديد الأمني وللتغطية الإعلامية المرتفعة التي ساهمت في تسليط الضوء على العديد من الثغرات”، موضحا أن “هذه الشبكات وجدت نفسها محاصرة بين المواكبة الأمنية والإعلامية، وهو ما بات يربك حساباتها ويصعب عليها الحشد الذي كان في السابق يتم تلقائيا بلا ترددات كثيرة”.
وأفاد ليمينة، ضمن تصريح لهسبريس، بأن “هذه الحملة الأمنية دفعت هذه الشبكات إلى الاتجاه نحو وجهات أخرى، مثل الأقاليم الجنوبية، ولكنها تعاني من الحصار هناك أيضا”، مؤكدا أن “المقاربة الأمنية صارت تنزع المصداقية عن هذه الشبكات وتجردها من ثقة كثير من المهاجرين الذين صاروا يخشون المغامرة لتسليم مصيرهم إلى المجهول، لكون الفشل اليوم صار خبرا متداولا ومكشوفا”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “المقاربة الأمنية مع ذلك لا تكفي، بل يجب أيضا تسليح وسائل الوعي لإقناع المغاربة أو المهاجرين من جنوب الصحراء بأن الهجرة ممكنة لكن بطرق قانونية يجب أن يفكروا للوصول إليها”، مبرزا أن “المغرب مازال يعاني مشاكل تنموية عدة، لكن هناك جهودا كثيرة تحاول أن تعيد الثقة إلى الشباب وتقريبهم من البدائل الممكنة في عالم يتغير بسرعة جد قياسية”.
الشبكات أنواع
من جانبه، نبه محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، إلى أن المقاربات تختلف من شبكة إلى أخرى، بحيث إن “شبكات الاتجار بالبشر التي تنشط في المغرب والعالم تنقسم إلى نوعين؛ أحدهما شبكات الاستقطاب الجماعي”، مفسرا أن في هذه الأخيرة “عادة ما يتجاوز عدد المهاجرين الراغبين في الهجرة غير نظامية فردين، والسلطات الأمنية تركز عليها أكثر”.
وأكد بنعيسى، ضمن حديث لهسبريس، أن “هذا النوع من الهجرة يتطلب إمكانيات بشرية ومادية وعلائقية من حيث استدراج الضحايا والوساطة مع بعض رجال الحدود، والتوفر على معدات لوجستيكية من قارب وبنزين، إلخ”، مشيرا إلى أن محاولات الهجرة عبر هذا النوع “تكون تكلفتها أقل ونسبة نجاحها جد ضئيلة، وحتى سرعة تنفيذها تعرف تعثرا زمنيا بحكم الحركية البطيئة في الأمواج”.
وختم المتحدث ذاته بأن “النوع الثاني يتعلق بشبكات الاستقطاب المحدود، وفي هذا النوع غالبا ما تكون بين المهاجر غير النظامي والمهرب علاقة مباشرة، وهو نوع للهجرة لا تتطلب إمكانيات لوجستيكية كبيرة، لكنها باهظة: الجيتسكي”، مردفا بأن هذه الهجرة “أكثر نجاعة لسرعة تنفيذها. لذلك، فإن السلطات المغربية والإسبانية تستهدفان أكثر شبكات الاستقطاب الجماعي، نظرا لسهولة الوصول إليها وتفكيكها، سواء قبل التنفيذ أو في عرض البحر”.
المصدر: هسبريس