هلاك النحل في جهة سوس .. ارتفاع درجات الحرارة أم فيروس يهاجم الخلايا؟
في الوقت الذي أعلن فيه مربو النحل بأقاليم عدة بجهة سوسماسة أن إنتاجهم من العسل تضرر كثيرا بفعل ارتفاع درجة الحرارة التي بلغت مستويات قياسية أدت إلى نفوق خلايا كثيرة من النحل بشكل متواتر، أفاد لحسن بنبل، رئيس النقابة الوطنية لمحترفي تربية النحل بالمغرب، بأن “الحرارة ليست العامل الوحيد في هذه الحكاية، نظرا لكونها أمرا مكملا فقط لمشكلة الفيروس المنتشر”.
هذا الوضع خلق نوعا من القلق لدى بعص النحالة، الذين تكهن عدد منهم بأن “هذا الموسم سيكون إنتاجه ضعيفا بمناطق سوس، لكون حجم الضرر كان كبيرا، وبالتالي سيكون بمثابة نسف للعديد من الجهود التي تم بذلها خلال السنة لتجاوز الذكريات القاسية التي خلفها اختفاء النحل في المغرب السنة الماضية وتدخل الحكومة لدعم المتضررين”.
وتعليقا على الموضوع، قال الحسن بنبل إن “ما حدث بسوس وبمناطق أخرى بمختلف جهات المملكة لا يمكن أن نعد درجة الحرارة وحدها السبب فيه، لأن النحالين المهنيين يستعدون جيدا لمثل هذه الظرفية من السنة ويضمنون للنحل وجود الماء حتى يستطيع أن يلطف الجو داخل الخلية في الظرفية الصعبة المتسمة باشتداد الحرارة”.
وأوضح أن “الأمر له علاقة بالفيروس الذي تسبب في انهيار خلايا النحل بالمغرب منذ سنتين، وهو لا يزال يضرب الخلايا التي لم تكتسب المناعة ضده بالمناطق التي لم يمر منها من قبل، رغم أنه لا يعد مرضا خطيرا، وهو قابل للعلاج نظرا لتوفر الأدوية الناجعة لمحاصرته”، مضيفا أن “هناك من مربي النحل من جلب دواء من الديار الإسبانية صنع خصيصا لمعالجة النحل المصاب بهذا المرض”.
وشدد على أن “هذا الدواء أكثر تطورا من ذلك الذي يتداول عندنا في المغرب، كما أنه يستعمل لمحاربة بعض الأمراض الفيروسية والبكتيرية، خاصة عند الدجاج”، كاشفا أن “ارتفاع درجة الحرارة يمكن أن يساهم في إنهاك النحل المصاب بالفيروس، ولكن ليس الحرارة هي المشكلة الأساسية وراء انهيار بعض المناحل في جنوب المغرب”، وتوقع أن يكون “الإنتاج الوطني عموما متوسطا إلى جيد، ونحن مازلنا في النصف الثاني من الموسم”.
وأفاد المتحدث ذاته، ضمن تصريح لهسبريس، بأن “الوضع الحالي لا يدعو إلى القلق، والحالات إلى حد الساعة قليلة جدا ومتفرقة، والنحال المهني الذي يراقب نحله ويتدخل لمعالجته في الوقت المناسب لا يؤثر عليه هذا المرض نهائيا”، داعيا مربي النحل إلى بذل جهود مضاعفة، لأن “هذا الفيروس لا يتعلق بتعفن الحضنة كما يروج له في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، بل هو مرض فيروسي متحور”.
من جهته، قال سعيد البطوي، نحال متضرر من منطقة شتوكة آيت باها، إن من “يوجد بعيدا عن الحرارة لا يستطيع تبين مفعولها في إهلاك النحل بالمنطقة، وبالتالي لا حاجة لهذا التنظير، خصوصا أننا في الأيام الأربعة الأخيرة شهدنا درجة حرارة بلغت مستويات قياسية”، مضيفا أن “الفيروس ليس بتلك الحدة القديمة بمناطق سوس، وبالتالي لا يمكن أن نتحدث عن دور الفيروس في هذا السياق”.
وشدد البطوي، ضمن تصريح لهسبريس، على أن السبب الرئيسي وراء ضعف منتوج النحل بالمنطقة، هو “الحرارة المفرطة، وهذا أمر واضح”، مشيرا إلى أن “الحرارة أدت إلى ذوبان الشمع المتواجد داخل الخلية، وبالتالي ذوبان العسل، فيختلط كل ذلك ويقتل النحل المتواجد في الصندوق”، مبرزا أن “النحل يستطيع العيش في درجة حرارة معتدلة يتم تقديرها بـ 37 درجة كحد أقصى”.
وذكر المتحدث أنه “حين تصل الحرارة إلى 42 أو 43 درجة، يستطيع النحل التكيف معها تلقائيا بوسائله الذاتية، لكن حين تتجاوز 45 أو 46، فهي تنهكه ولا يستطيع المقاومة”، لافتا إلى أن “هذا المشكل هو ذاته الذي وقع بالتحديد في المنطقة؛ ففي ظرف ساعات قليلة، تم الإجهاز على زهاء 30% من إنتاج العسل بالمنطقة، بحيث بلغت درجة الحرارة حوالي 49 في الأيام الأخيرة”.
وأجمل قائلا إن “الأقاليم المتضررة من نفوق النحل بسبب الحرارة، هي اشتوكة آيت باها، إنزكان آيت ملول، هوارة ولاد تايمة، تيزنيت وتارودانت”، مردفا بأن “الدولة يجب أن تبذل جهودا أكبر لدعم هؤلاء النحالين الذين تضرروا كثيرا في السنتين الأخيرتين بفعل الجفاف والتغيرات المناخية الحادة في الصيف وكذلك الفيروس الذي أنهك نسبة كبيرة من الإنتاج الوطني”.
يشار أن اختفاء النحل وتضرر إنتاجية العسل منذ أواخر 2021، دفع الحكومة إلى التفاعل مع تداعيات الإشكال، بحيث أعلنت وزارة الزراعة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، في أواخر يناير 2022، عن إطلاق برنامج خاص لفائدة مربي النحل، تم بموجبه تخصيص مبلغ 130 مليون درهم من أجل اتخاذ الإجراءات الضرورية الرامية إلى دعم القطاع.
المصدر: هسبريس