استمرار رفض الجزائر “اليد الممدودة” ينهي أحلام التعاون الاقتصادي المغاربي
لا تزال آثار القطيعة الدبلوماسية تُلقي بظلالها على حجم التعاون الاقتصادي بين المغرب والجزائر، لتسجل المبادلات التجارية بين البلدين “سقطة مدوية” بنسبة 60 في المائة خلال سنة 2022، حسب آخر أرقام مكتب الصرف.
تأتي هاته المعطيات في ظل تشديد مغربي على استمرار نهج سياسة اليد الممدودة، في وقت يتغاضى فيه النظام الجزائري عن أية إشارة لتعزيز العلاقات؛ آخرها تطرق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لجل المشاكل العالقة مع الجار الغربي، متجاهلا ولو بالإشارة إلى الخطاب الملكي الأخير الذي استمر في “خطاب الود والطمأنة والدعوة إلى تعزيز العلاقات”.
استمرار غياب أي شكل من أشكال التعاون بين البلدين الجاريين يضع المنطقة المغاربية في حالة موت سريرية اقتصادية؛ فالرقم سالف الذكر كان واضحا فيما يخص الحالة المغربية، إذ “لا تتجاوز قيمة المبادلات التجارية بين الرباط ودول الاتحاد المغرب الكبير الـ11 مليار درهم”؛ وهو رقم “جد ضعيف” مقارنة مع المؤهلات الاقتصادية والطبيعية لدول المنطقة.
أمام هذا الوضع، يتسابق الجاران على الانضمام إلى مجموعات اقتصادية أجنبية وإقليمية، آخرها “بريكس”، إذ ظهرت أسماء كل منها في قائمة طلبات الانضمام، على الرغم من وجود فرص كبيرة لـ”تحقيق اتحاد اقتصادي مشابه نسبيا في المنطقة المغاربية”.
الأضعف بالعالم
محمد الغواطي، محلل سياسي، سجل أن “استمرار هذا المناخ السياسي السيء بين البلدين يجعل المنطقة الاقتصادية المغاربية من الأضعف بالعالم”.
وأورد الغواطي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “هذا الأمر يأتي بسبب رفض الجزائر للحوار والاستمرار في إثارة نزاع الصحراء المغربية، وهو يأتي أساسا بسبب رغبة النظام الجزائري في تصريف أزماته الداخلية”.
حسب المتحدث عينه، فإن “المنطقة المغاربية تعاني اقتصاديا، على الرغم من وجود مؤهلات طبيعية عديدة”، لافتا إلى أن “الجو الحالي يفوت على دول المنطقة، خاصة المغرب والجزائر، فرصا للنمو بشكل كبير”.
وشدد المحلل السياسي ذاته على أن “استمرار النزاع بين المغرب والجزائر سينهي أحلام إقامة منطقة حرة اقتصادية إقليمية، وسيزيد من معاناة هاته الدول اقتصاديا في المستقبل”.
وخلص الغواطي إلى أن “الجزائر للأسف تشجع على استمرار هذا الوضع، سواء عبر تجييش كل الوسائل المتاحة في مواجهة المغرب أو بإبقاء نزاع الصحراء المفتعل قائما، وكل هذا بهدف تصريف المشاكل الداخلية”.
إغلاق الحدود وملف الصحراء
من جانبه، بيّن العباس الوردي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن “الوقت الراهن يعرف انعداما واضحا للفرص الاقتصادية بين المغرب والجزائر”.
وأضاف الوردي لهسبريس أن “هذا الانعدام سببه إغلاق الحدود من جانب واحد؛ ما يفسر ركود التجارة بين الطرفين في السنة الماضية، غير أن المملكة تجمعها شراكات متقدمة مع دول عديدة، على الرغم من وجود إشكالات معها، كمثال الاتحاد الأوروبي الذي يستمر المغرب معه في تعميق التعاون الاقتصادي والتجاري، وحل المشاكل العالقة بالتفاوض السلمي، الأمر الذي يفضح الموقف الجزائري”.
وبيّن المتحدث عينه أن “عقلية البلدين مختلفة؛ فالنظام الجزائري ينهج عقيدة متحجرة، لا ترقى بالأساس إلى تطلعات الشعبين الشقيقين، ويستمر في إثارة ملف الصحراء الذي هو في يد مجلس الأمن؛ وهو معطى تعترف به الجزائر نفسها”.
“اليد الممدود لا تزال موجودة من قبل المغرب، في ظل رغبة مغربية واضحة على الحفاظ على المقومات التي تربط البلدين، وخاصة الشعبين معا”، استطرد أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، مبينا بذلك أن “كل هذا يقابله تعنت جزائري، ورغبة دفينة في قتل أشكال التعاون والتقارب”.
وخلص الوردي إلى أن “الحديث عن حل المشاكل العالقة بين المغرب والجزائر هو أمر ممكن في المستقبل، في حالة واحدة وهي قيام نظام مدني ديمقراطي بالجارة الشرقية، وليس نظاما يسير من قبل أفراد الجيش”.
المصدر: هسبريس