“بين لجراف”.. نقطة حدودية تفصل المغرب والجزائر تتحول إلى وجهة سياحية
بعدما ظلت الصدفة هي من تقود المئات أو الآلاف من قاصدي مدينة السعيدية وشاطئها إلى الوقوف في النقطة الحدودية الشهيرة بـ”بين لجراف” الفاصلة بين الحدود المغربية والجزائرية، باتت خلال السنوات الأخيرة مقصدا للكثيرين ليس من جهة الشرق فقط بل من أغلب جهات المغرب.
ويلحظ زائر المنطقة بمجرد الاقتراب من موقع “بين لجراف”، سواء القادم نحو السعيدية أو مغادرها، اختناقا مروريا نتيجة تخفيف العربات السرعة بغرض الوقوف وترجل راكبيها منها لتحية المئات من الجزائريين الواقفين بدورهم على بُعد أمتار قليلة في الضفة الأخرى؛ ما استدعى تكليف عناصر للدرك الملكي لتنظيم عملية المرور.
واشتهرت “بين لجراف” بعد إغلاق الحدود البرية بين البلدين منذ غشت 1994 من لدن الجزائر، ردا على فرض المغرب للتأشيرة على الجزائريين بعد أحداث تفجيرات مراكش خلال السنة ذاتها.
واتخذت مجموعة من الأسر المغربية والجزائرية هذا الموقع نقطة للتلاقي مع أفرادها في الضفتين، لاسيما تلك المنقسمة بين البلدين منذ ما يُسمى بـ”المسيرة الكحلا” للرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين الذي هجر 350 ألف مغربي مقيم بالجزائر ردا على المسيرة الخضراء إلى الصحراء المغربية.
ويقف المئات بالضفتين محملين بالأعلام المغربية والجزائرية في أجواء احتفالية تتخللها رقصات على إيقاعات “الركادة” و”العرفة” وأصوات منبهات السيارات؛ فيما ينهمك البعض في محاولة التواصل مع الواقفين بالضفة الأخرى، بحديث يبدأ وينتهي بعبارة “خاوة خاوة”، والتي تعني أن الشعبين شقيقان.
وفي تصريحات استقتها جريدة هسبريس من عين المكان، يتفق الأغلبية على “ضرورة فتح الحدود البرية بين البلدين لتسهيل تنقل الأسر ‘المشتتة’ على الضفتين”، فضلا عن تمكين مواطني الجارتين الراغبين في زيارتهما.
وقال عبد الإله، شاب قادم من الدار البيضاء، إن الصور المتداولة على مدى سنوات لهذه النقطة الحدودية شجعته على زيارتها، “باش تكون قريب من خوتنا الجزائريين وتتكلم معاهم واخا غير بالإشارة هي ميزة مكايناش فمكان آخر فالمغرب”.
وأضاف المتحدث إلى هسبريس أن العديد من النقاط الحدودية البرية التي تفصل بين بلدين في العالم تنال شهرة واسعة، مشيرا إلى الحدود الهولندية البلجيكية التي لا يفصل بينهما في أحد المواقع إلا علامة “زائد”؛ لكن تبقى، وفق عبد الإله، هذه النقطة “الأكثر شهرة، بالنظر إلى الروابط الكثيرة بين شعبي البلدين”.
من جانبها، قالت فدوى، قاطنة بمدينة بركان التي تبعد عن “بين لجراف” بـ25 كيلومترا فقط، إن مرورها المتكرر من هذا الموقع لا يمنعها من التوقف به كلما سنحت الفرصة، مناشدة “عدم الانجرار وراء داعمي اتساع الهوة بين الشعبين الشقيقين”، وفق تعبيرها.
ويواصل المغرب مناداته بإقامة “علاقات طبيعية مع الجزائر”؛ وهو ما تضمنه آخر خطاب ألقاها الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الرابعة والعشرين لعيد العرش، حيث قال: “أتطلع إلى العمل مع الرئاسة الجزائرية، حتى يتمكن المغرب والجزائر من العمل يدا بيد من أجل إقامة علاقات طبيعية”.
المصدر: هسبريس