النقابات تتشبث بمطالب أساسية قبل الالتحاق بـ”جلسة شتنبر” للحوار مع الحكومة
من خلال سلسلة جديدة من الحوار الاجتماعي مع الشركاء الاجتماعيين والفرقاء الاقتصاديين، تعتزم الحكومة الحالية “إعادة الحياة” إلى مسار الحوار الاجتماعي الذي يظل “حبيس بلوكاج” طيلة أشهر ماضية، بسبب ما اعتبرته النقابات “عدم الوفاء بالتزامات اتفاق 30 أبريل”.
وما زالت المركزيات النقابية بالمغرب مُجمِعة على رأي موحد بخصوص “تطبيق فعلي لزيادة عامة مرتقبة في الأجور”، وليس فقط زيادة في أجور شغيلة عدد من فروع النشاط الاقتصادي في القطاع الخاص. كما تتصدر ملفات “مراجعة الضريبة على الدخل وتخفيف العبء الضريبي على الشغيلة ودرجة الترقي” مطالب الفاعلين النقابيين منذ سنوات.
وتتشبث النقابات الموقعة على ميثاق الحوار الاجتماعي بمطالبها تجاه الحكومة بـ”تنفيذ الالتزام بالزيادة في الأجور في القطاع العام، وإحداث الدرجة الجديدة، واحترام الحريات النقابية، قبل الشروع في مناقشة قانون الإضراب”.
عزم حكومي
عزم الحكومة على ضخ دماء جديدة في جسد الحوار الاجتماعي جاء واضحا في مضامين المذكرة التوجيهية المتعلقة بمشروع قانون المالية برسم السنة المالية 2024، معلنة بوضوح أنها “ستواصل الحوار مع مختلف الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، وفقا لمضامين الميثاق الوطني لمأسسة الحوار الاجتماعي، الذي تم التوقيع عليه في 30 أبريل 2022”.
وأوضحت المذكرة، التي وجهها رئيس الحكومة إلى مختلف القطاعات الوزارية، أن “الحكومة ستعمل على تنزيل الاتفاقات الموقعة بهدف تحسين مداخيل أُجراء مجموعة من القطاعات”، مشددة على “الكلفة المالية” وقالت بهذا الشأن إن ذلك “سيُكلف الميزانية العامة للدولة نفقات إضافية قُدرت بـ4 مليارات درهم في سنة 2023”.
وأبرزت مذكرة رئيس الحكومة أن “مجموع الاعتمادات المخصصة لتنزيل التزامات الحوار الاجتماعي سيبلغ حوالي 10 مليارات درهم سنة 2023”.
“ضريبة الدخل”
أكد الميلودي المخارق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، أن “أكبر مركزية نقابية بالمغرب قد أخذت علما بما ورد في مذكرة توجيهية لرئيس الحكومة”، قائلا في تصريح لهسبريس: “سجلنا بإيجابية عزم الحكومة على ترشيد النفقات في ما يخص الإدارة والمؤسسات العمومية فيما يخص البذخ في الإنفاق على السفريات وأنشطة الاحتفال”…
وتابع القيادي النقابي مستدركا: “ما نتأسف له هو أن الورقة التأطيرية لإعداد مشروع مالية 2024 لم تتضمن أي التزام أو إشارة إلى تخفيض الضريبة على الدخل أي الضريبة على الأجور في القطاعين العام والخاص، رغم التزام رئيس الحكومة والوزير المكلف بالميزانية في جولة حوار سابقة أنه سيكون هناك تخفيض”، مضيفا أن “الزيادة في أجور القطاع العام (الجماعات الترابية، وقطاعات وزارية…) مطلب لا يقل أهمية كذلك”.
الأمين العام لنقابة “UMT” توقف عند فكرة أن “الأجراء بالمغرب هم الفئة الوحيدة التي تؤدي الضريبة بدون تملص جبائي وبنسبة عالية قد تصل إلى 38 في المائة وتطال مختلف أنواع الأجور من الحد الأدنى”، مجددا التأكيد على أن “الاتحاد متشبث بهذا المطلب، وسنُوجه في هذا الصدد قبل جولة الحوار الاجتماعي لشتنبر مذكرة إلى رئيس الحكومة كي تنكب على هذا الورش”.
وزاد: “كما نسجل بامتعاض خلو المذكرة التأطيرية ذاتها من إجراءات عملية في اتجاه تحسين مدخول الأجراء، إذ اكتفوا بالحديث عن إدماج القطاع غير المهيكل وتحسين مداخيل ضريبية”، لافتا إلى أن “قانون المالية هو المحدد لمعالم سياسة سنة بأكملها، ويجب أن يتضمن مسار إعداده إشارات إيجابية في هذا الصدد”.
وخلص المخارق إلى “وجوب أن يتضمن قانون المالية 2024 تحفيزات ضريبية لأرباب العمل الذين يبرمون مع الحركة النقابية اتفاقيات جماعية ويلتزمون بها”، معتبرا أن “الربط بين إخراج القانون التنظيمي للإضراب وتنفيذ الزيادة في الشطر الثاني مجانب للصواب، ولا يوجد في اتفاق أبريل 2022”.
نقاط مُلزمة
يونس فيراشين، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالمغرب، أفاد بأنه “لم يتم، إلى حدود اليوم، أي تواصل بخصوص الدعوة إلى حضور سلسلة جولات الحوار المرتقبة في شتنبر 2023″، مضيفا أن “التزامات اتفاق الحوار في أبريل 2023 تظل ملزمة في هذا الاتجاه، وعلى الحكومة مبدئيا وواجبا أن تنفذها قبل الحديث عن جولة جديدة”.
وأكد فيراشين، في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الحكومة التزمت ضمن الاتفاق، الذي غدا بمثابة مرجع للنقاش، على الأقل بثلاث نقاط مطلبية جوهرية؛ هي: الزيادة العامة في الأجور، ومراجعة أشطر الضريبة على الدخل، مع إحداث الدرجة الجديدة للترقي بالنسبة لجميع الموظفين”.
ولفت القيادي النقابي ذاته إلى أن “جولة شتنبر المشار إليها ضمنيا في مذكرة رئيس الحكومة لإعداد مالية العام المقبل يجب أن يسبقها جلوس الشركاء النقابيين مع الحكومة لعقد لقاء تقييمي لما سبق الاتفاق عليه، ونسبة تنفيذه ومدى الالتزام به”، مثيرا دور “الحكومة التي من واجبها أيضا أن تَحرص على تطبيق الزيادة في الحد الأدنى بالقطاع الخاص، المرتقبة في شطرها الثاني بنسبة 5 في المائة بحلول شتنبر 2023”.
“اتفاق أبريل 2022 هو المؤطر للنقاش مع الحكومة الحالية التي تعد الطرف المُخل بالتزاماتها”، شدد المتحدث لـ هسبريس موردا أن ذلك “يجب أن يتم بمعزل عن ربطه بمناقشة قانون الإضراب.. وحتى الزيادة العامة في الأجور لم نتوصل بأي مقترح حولها رغم الظرفية الصعبة التي مر بها عموم المواطنين في السنتين الأخيرتيْن”.
وخلص النقابي عضو الـ”CDT” إلى أن “الحوارات القطاعية بدورها ما لازالت تعرف بعض التعثر أو التأخر؛ إلا أنها تظل التزامات قطاعية حسب كل وزارة”، مشيرا إلى أن “قانون مالية 2024 من المنتظر أن يتضمن كلفة مادية للحوار الاجتماعي مركزيا وقطاعيا؛ مثلا بالنسبة للنظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية”.
يشار إلى أن يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، كان قد أكد، خلال كلمة ألقاها بمناسبة ذكرى فاتح ماي 2023، عزم الحكومة لرفع الحد الأدنى للأجر في قطاعات “الصناعة والتجارة والمهن الحرة”، مشيرا إلى “العمل لرفع الحد الأدنى للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة بـ5 في المائة، مقرونة بـ5 في المائة أخرى بالنسبة للقطاع الفلاحي، وتعبئة جهودها من أجل احترام المُشغلين لهذه الزيادة في شتنبر 2023”.
جدير بالتذكير أن الحكومة رفعت، في السنة الماضية، من الحد الأدنى للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة بنسبة 5 في المائة، وبـ10 في المائة في القطاع الفلاحي، تنفيذا لالتزاماتها في إطار الحوار الاجتماعي.
المصدر: هسبريس