سوق التمور في المباركية تراث يصارع من أجل البقاء
- الكويت كانت تستورد التمور من السعودية والعراق وإيران وحالياً تنتجها بكميات كبيرة
- المواطن المتضرر الأول من تدهور أوضاع السوق لأنه كان يجد ما يريده بأسعار مناسبة
- البيع بالكيلو والصندوق.. والسوق تحول حالياً لبيع الملابس والأحذية والبقالات المتنقلة
- سوق التمور في الشويخ أصبح وجهة معظم الزبائن بالوقت الحالي.. والإنتاج الكويتي مميز
محمد الدشيش
اشتهرت الكويت منذ القدم بتجارة التمور التي كانت تستوردها من دول الجوار مثل السعودية والعراق وايران، ثم بدأت بزراعتها وإنتاجها بكميات كبيرة في السنوات الأخيرة، وخصصت اماكن معينة لبيعها اشتهرت بها منذ عشرات السنين، مثل شارع سوق التمور في منطقة المباركية، الذي مر بثلاث مراحل مختلفة عبر تاريخه، كانت أولاها توافد البائعين من الدول المجاورة لعرض بضاعتهم في السوق، أما المرحلة الثانية فتضمنت تخصيص اكشاك للباعة ووجود اكثر من 20 محلا، والمرحلة الثالثة شهدت ازدهارا وتطورا كبيرا في شكل السوق ولكنها قلصت عدد المحلات إلى 6 فقط. «الأنباء» ورغبة منها في تسليط الضوء على المراحل الزمنية لسوق التمور، والوقوف على اسعارها وانواعها المختلفة ومعدلات الشراء والتحديات التي تواجه هذا المكان التاريخي، استطلعت آراء عدد من الباعة وزوار السوق الذين أكدوا انه يصارع حاليا من أجل البقاء بسبب ارتفاع إيجار المحلات وقلة الزبائن وتجاوز أعمار الباعة الـ 60 عاما وشروط الإقامة التي تثقل كاهلهم. ولفتوا إلى ان المواطن هو المتضرر الأول من تدهور أوضاع السوق حيث كان يجد ما يريده من تمور بأسعار مناسبة، معربين عن أسفهم لتحوله حاليا لبيع الملابس والأحذية والبقالات المتنقلة، وفيما يلي التفاصيل:
في البداية، قال عبدالله اشكناني: منذ اكثر من 30 عاما أعمل في هذا المكان ولكن الأوضاع في السوق اختلفت كثيرا بسبب ارتفاع الإيجارات وقلة البيع وترك تجار التمور للمهنة، لافتا الى ان شارع التمور من الشوارع المعروفة في الكويت ولكنه اصبح من الماضي وكما ترى يوجد أكثر من 15 نوعا من التمور والرطب ولا يوجد مشترون، وذلك بسبب كثرة محلات بيعها في عموم المناطق والأسواق المركزية والجمعيات التعاونية.
وأضاف اشكناني: بين فترة واخرى يتم إغلاق بعض المحلات وتغيير نشاطها الى بقالة او محل ملابس حتى تقلصت اعدادها إلى 6 محلات، وفي السابق كانت الكويت تستورد التمور ولكنها حاليا بلد منتج لها، مشيرا الى ان اكثر الأنواع طلبا هي الاخلاص الملكي من القصيم والبرحي ذو الحبة الكبيرة ونوفر اغلب الانواع لإرضاء الزبائن.
بدوره، قال بائع التمور عبدالرسول: كان يطلق على هذا الشارع «سوق التمور» وكان يوجد به اكثر من 20 محلا وحاليا أصبحت تعد على اصابع اليد وكان بالمحل الواحد 3 انواع من التمر والرطب و«الحال ماشي»، أما الآن فيوجد اكثر من 15 نوعا ولا يوجد زبائن.
وتابع عبدالرسول: ادخلنا مع التمور بيع الاجار والدهن العداني والبهارات وللأسف لا نستطيع تغطية ايجارات المحلات واكثر زبائننا من كبار السن ودائما مشترياتهم لا تتجاوز كيلو او اثنين، وحتى زوار الكويت من الخليج كانوا يشترون منا، مبينا ان الشارع في أيامه الأخيرة حاليا، فأغلب البائعين تجاوزت اعمارهم 60 عاما بالإضافة إلى ارتفاع الايجارات وقلة الزبائن.
شارع الخير
من جانبه، ذكر محمد نور انه يعمل في السوق منذ 33 عاما وسوف يغادر البلاد نظرا لشروط الإقامة لمن تجاوز عمره 60 عاما، مشيرا الى ان هذا الشارع كان يطلق عليه «شارع الخير» من كثرة الزوار والآن يصارع من اجل البقاء بسبب هجرة الزبائن.
وأضاف نور: بعنا بالكيلو والصندوق ونصف الصندوق لجذب الزبائن وكان الشارع مخصصا للتمور فقط وأصبح الآن لبيع الملابس والأحذية.
من جهته، أعرب مبارك الرشيدي عن أسفه لما آلت إليه أوضاع الشارع بعد ان كان مزدهرا خلال الفترات السابقة، لافتا الى ان المباركية منطقة واحدة وعرفت بشوارعها فكل شارع يتميز بنشاط مختلف عن الآخر مثل شارع سوق السلاح وشارع الفرضة وشارع الغربللي وشارع سوق المقاصيص وكل هذه الشوارع مزدهرة، وبعد فترة ليست بالبعيدة لن تجد محلا لبيع التمور في هذا المكان.
وبين الرشيدي ان المتضرر الأول من ذلك هو المواطن الذي كان يتسوق في هذا الشارع ويجد ما يريده في اي محل وبأسعار مناسبة ولكن بعد اغلاق اغلب المحلات ارتفعت الأسعار مقارنة بالأماكن الاخرى.
وفي السياق ذاته، لفت سعد العلي إلى ان النخلة شجرة مباركة، مؤكدا ان الكويت سابقا كانت تستورد التمور من 3 دول مجاوررة وهي السعودية التي تمتاز بتمور الاخلاص والسكري والخنيزي والتمر الحاتمي، والعراق الذي يتميز بالبرحي والخضراوي، ثم ايران وتعتبر الاقل في الاستيراد مقارنة بالسعودية والعراق، مبينا ان التمور من السعودية تعبأ بالتنك في منطقة الاحساء واما العراقية
فكانت تصدر في سلال السعف المغلق بإحكام.
واستعرض جوانب من تاريخ شارع التمور قائلا: كان اغلب الباعة خلال فترة الستينيات كويتيين وكنت أعرف جيدا، والآن ما نقول «وداعا شارع التمور»، وعندما نذهب في الوقت الحالي الى منطقة الشويخ نشاهد شارع التمور الذي تصل قيمة القسيمة به الى اكثر من 200 الف دينار ومخصصة لبيع التمور، حيث أصبح هو وجهة معظم الزبائن والحمد لله اصبحنا نرى الانتاج الكويتي من اجود انواع التمور وبكميات كبيرة خلال الوقت الحالي.
المصدر: جريدة الأنباء الكويتية