“فاجعة أزيلال” تبحث عن نتائج التحقيقات المفتوحة في حوادث السير المميتة
أعادت “فاجعة أزيلال” الجدل بخصوص طول أمد التحقيقات إلى واجهة النقاش العمومي، إذ وقعت عشرات الحوادث المميتة في السنوات الماضية، ما دفع السلطات المحلية إلى فتح تحقيقات موسعة بخصوص حيثياتها، لكن لم يتم إخبار الرأي العام بمصيرها.
ولقي 24 شخصا مصرعهم في حادثة سير مميتة جراء انقلاب حافلة للنقل السري على الطريق الرابطة بين مدينة دمنات وجماعة سيدي بولخلف بأزيلال، الأمر الذي أثار الكثير من التساؤلات حول جودة البنيات التحتية والصرامة في تطبيق القانون بالمراكز القروية.
ولطالما نبهت الكثير من الفعاليات الحقوقية والمدنية إلى ضعف الأمن الطرقي بالمناطق الجبلية، اعتباراً للمسالك الطرقية الوعرة التي يستعمل فيها النقل السري أيضا بكثرة، وهو ما يسائل حصيلة الجماعات الترابية في الجانب المرتبط بالبنيات التحتية.
وشهد المغرب عشرات الحوادث المميتة في العقد الأخير؛ أبرزها وقعت بطانطان وتنغير والرشيدية وتارودانت والحوز وأزيلال، غير أن مصير التحقيقات المفتوحة يظل مجهولاً بسبب عدم تواصل السلطات المعنية بها مع الرأي العام لإطلاعه على المستجدات.
في هذا الصدد، قال عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، إن “التحقيقات غالبا ما يكتنفها الكتمان والتحفظ بالمغرب، لكن يجب على السلطات التواصل مع الرأي العام في إطار الشفافية التي تحقق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة”.
وأضاف الخضري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “العقلية الإدارية بالبلد لا تؤمن بالتواصل مع الرأي العام، ما يؤدي إلى ضعف المواكبة الإعلامية والتواصلية لهذه القضايا”، مبرزاً أن “جل القضايا الكبرى مازال مصيرها مجهولاً بالنسبة للرأي العام على الأقل”.
وأردف الخبير الحقوقي الدولي بأن “حوادث السير ترتبط بالطرقات التي يجب تحسينها، خاصة بالعالم القروي، إلى جانب تشديد المراقبة على المركبات، بما يشمل المركبات المتهالكة التي تقل المسافرين”، مؤكداً أن “بعض المناطق القروية منسية تماما من طرف الدولة، خاصة بالأطلس والجنوب الشرقي”.
فيما ذكر عادل أداسكو، فاعل حقوقي بتارودانت، بأن “الحادثة الأليمة تُسائل من جديد ظروف وملابسات تحرك أسطول النقل المزدوج بالمغرب، لأنه يعرف حالة عارمة من الفوضى والبحث عن الربح، ولو على حساب أمثال هؤلاء الأبرياء الضعفاء”.
وأوضح أداسكو أن “هذه الحادثة المؤلمة من الضروري واللازم أن تؤخذ التحقيقات فيها مسارها الطبيعي والعادي، لأن بعض الحوادث التي تقع بالعالم القروي مازالت غامضة إلى اليوم، ولم تصل التحقيقات حولها إلى نتيجة؛ منها حوادث السير والقتل والاختفاء”، وتابع شارحاً بأن “هذه المسألة لا تعمم طبعا على جميع المناطق القروية بالمغرب، لكن هناك مناطق تستدعي بعض المراقبة لأن المسؤولين بها وجدوا فراغا يجعلهم أو بالأحرى يعطيهم مساحة لا يلتزمون من خلالها بالقانون”، مبرزاً أن “القانون يسري على جميع المغاربة، سواء بالمدن أو القرى”.
واستطرد المتحدث ذاته: “للأسف عدم الوعي بالحقوق يجعل غالبية المواطنين بالقرى لا يبادرون إلى الدفاع عن حقوقهم اليومية، وأولها حق المتابعة القانونية وتوفير الأمن والسلامة البدنية، إلى جانب التعليم والصحة والشغل”، خاتما بأن “حادثة أزيلال تؤكد أن العالم القروي يحتاج إلى تغيير العقليات وتطوير وسائل العمل الجمعوي، وتحريك التنمية ببعض المناطق التي مازالت تعاني من العزلة”.
المصدر: هسبريس