بوادر ميلاد تحالف أمني جديد في الساحل
هل يمهد البيان المشترك بين مالي وبوركينافاسو والنيجر، ردا على التهديدات العسكرية الخارجية، لميلاد النواة الأولى لمجموعة 3 ساحل جديدة وإمضاء شهادة الوفاة لمجموعة 5 ساحل التي أسستها فرنسا بحجة محاربة الإرهاب في منطقة الساحل؟
تذهب العديد من المؤشرات باتجاه إعادة رسم المقاربات الأمنية في منطقة الساحل، غير تلك التي كانت معتمدة في وقت سابق وتقودها قوات “برخان” الفرنسية التي دفعت لمغادرة شمال مالي وبوركينافاسو من قبل السلطات الجديدة بها.
ومن بين الأسباب التي أوردها المجلس العسكري في النيجر بعد إطاحته بنظام الرئيس محمد بازوم، فشل النتائج الأمنية المعتمدة في المنطقة والتي لم يعد من المقبول الاستمرار فيها، وهو ما يعني أن تواجد القوات العسكرية الأجنبية لم يعد يرجى منه تحقيق أي نتائج على المستوى الأمني، ويتعيّن التوجّه إلى مقاربة أمنية جديدة.
ويضاف إلى هذه المعاينة التي أجراها المجلس العسكري الجديد في النيجر، البيان المشترك بين مالي وبوركينافاسو الذي تم التأكيد فيه أن “أي اعتداء عسكري على النيجر يعتبر اعتداء على مالي وبوركينافسو”، ويعتبر بمثابة إعلان عن ميلاد “تحالف أمني جديد بين دول الساحل أضحى يتشكل لحد الآن من 3 دول، سيتكفّل بإعداد استراتيجية جديدة لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، تقوم على مقاربة أمنية غير تلك التي كانت معتمدة في وقت سابق من طرف مجموعة 5 ساحل التي أسّستها فرنسا في 2015 تحت إشراف قوات “برخان”.
ورغم عدم وضوح معالم هذا التحالف الأمني الجديد بين مالي، بوركينافاسو والنيجر الذي هو في طور صياغة قاعدته الأولى، وهي رفض أي اعتداء خارجي ضد الدول الثلاث، فإن تركيبته ستكون من دون شك بعيدة عن مشاركة القوات الفرنسية فيه، لأنها طرف غير مرغوب فيه من قبل شعوب المنطقة، وهو ما يؤشر عن تغييرات جذرية قادمة في المقاربة الأمنية بمنطقة الساحل وأيضا الشركاء المتدخلين فيها.
ويعد هذا التحالف الجديد، إيذان رسمي بتوقيع شهادة وفاة مجموعة الـ 5 ساحل التي أسستها فرنسا بمبرر محاربة الإرهاب، لكنها فشلت فشلا ذريعا، بدليل تمدد رقعة الجماعات الإرهابية من شمال مالي إلى النيجر وبوركينافاسو، وكانت من نتائجها هذه التغييرات التي طرأت على أنظمة الحكم في الساحل التي تريد تبني مقاربة أمنية مشتركة جديدة تعتمد على القدرات الذاتية لدول المنطقة وإبرام شراكات بعيدا عن الأجندات الخفية. العملية لن تكون سهلة بالنظر إلى الضغوط والتدخلات الخارجية، لكن يبدو من خلال ما يجري من تنسيق وثيق في دول الساحل الثلاث (مالي، النيجر وبوركينافاسو)، فإن التحالف الأمني بدأ يشقّ طريقه في الساحل كبديل للمقاربة الأمنية السابقة.