أسعار الفنادق في المغرب .. قدرات شرائية متفاوتة وعروض سياحية متنوعة
في الوقت الذي اشتكى فيه العديد من الزوار مغاربة وأجانب من “غلاء أسعار بعض الفنادق المغربية وضعف خدماتها”، قال العديد من الفاعلين في المجال السياحي إن المؤسسات الفندقية موجودة بكافة مناطق المغرب حسب القدرة الشرائية لكل سائح، معتبرين أن النقاش حول أسعار الفنادق يبدأ عادة في الفترة الصيفية التي تشهد فيها العديد من المدن السياحية والساحلية تقاطرا ملحوظا في الزوار الأجانب من كافة الجنسيات.
ودخل النقاش حول الموضوع منحى أكثر جدية حين بدأت التساؤلات بخصوص الإجراءات المسطرة، التي تخول للجهات الوصية على القطاع السياحي مراقبة جودة الخدمات المقدمة ضمن العرض السياحي المغربي؛ لكن آخرين نظروا إلى الأمر من زاوية مغايرة متعلقة بأن “المنتوجات المرتبطة بالسياحة مغربيا، ينبغي أن تظل معيارية وذات قيمة في أذهان الأجانب، لكون السياحة الرخيصة لن تساهم في بناء قطاع سياحي بأسس اقتصادية مدرة للدخل”.
“ارتفاع طبيعي؟”
مصدر من داخل المجلس الجهوي للسياحة بجهة مراكش آسفي، فضّل عدم الكشف عن هويته، علق على هذا الجدل قائلا: “من يقول بغلاء أسعار الفنادق هو دقيق من ناحية، لكون أثمنة المبيت في المؤسسات المصنفة ارتفعت في العديد من بلدان العالم السياحية كاليونان وتركيا وبلدان عديدة أخرى”، مضيفا أن “هذا القول، من ناحية أخرى، يجانب الصواب؛ بما أن العرض الفندقي المغربي، خصوصا بمدينة مراكش وباقي المدن السياحية، يستجيب لمتطلبات كافة الفئات”.
وأفاد المصدر ذاته، ضمن دردشة مع جريدة هسبريس، بأن “المواد الأولوية للصناعة الفندقية ارتفعت أسعارها؛ وبالتالي من الطبيعي أن ترتفع أسعار الخدمة التي تقدمها هذه المؤسسات، وهي الإيواء والإطعام”، موضحا أنه “حتى من ناحية أنظمة السوق، فإن هناك ارتفاعا واضحا في الطلب على الفنادق في العديد من مدننا جراء انتعاش القطاع وتعافيه مما تسببت فيه جائحة كورونا؛ بحيث يستفيد نظامنا السياحي من هذا الشغف الكبير للسفر”.
وأضاف المتحدث: “المغرب يستقطب كافة الفئات المستهلكة للخدمات السياحية. ولذلك، السائح الذي لديه استعداد لدفع أثمنة الفنادق في بلدان أخرى، ففي المغرب عليه أن يفكر بالمنطق ذاته، لكون القطاع الفندقي المغربي قطاع واعد وحيوي ويجلب العملة الصعبة”، مفيدا أن “الإشكال الذي يعرفه قطاع الفنادق بالمغرب يكمن في الشمال، لكونها تعرف عرضا قليلا وطلبا مرتفعا هذه الفترة، يعني هذه المناطق تنبني على السياحة الموسمية”.
وأجمل بأن “هذا الوضع الهجين يجعل المقاول لا يستطيع أن يخاطر بفتح فندق ليشتغل شهرين في السنة مثلا، ويدفع مصاريف لعشرة أشهر يكون فيها الإقبال ضعيفا”، خاتما بأن “هذا الأمر غير مطروح في مدن أخرى سياحية؛ فالسائح الباحث عن الرخاء يجده، والباحث عن الأسعار التي في المتناول أيضا يجدها، يعني توجد أيضا فضاءات الضيافة المعروفة بـ”الهوستل”؛ وهذا التنوع هو غنى حقيقي للعرض السياحي المغربي لكونه يراعي القدرة الشرائية”.
المغاربة أولا
قال لحسن حداد، وزير السياحة السابق، إن “الذي يجب أن نفكر فيه أثناء الحديث عن ارتفاع أسعار الفنادق أو الخدمات السياحية هو كيف نجعلها في متناول المواطن المغربي”، مضيفا أن “الأجنبي قادر على تحمل المصاريف لكونه يختار الفنادق التي يذهب إليها وهو يعرف مسبقا أثمنتها وخدماتها وطالع المعطيات المتعلقة بها؛ وبالتالي ما يهم هو كيف يكون القطاع السياحي قريبا من المغربي أولا”.
وأفاد حداد، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، بأن “الفنادق في غالب الأحيان تراعي نظام السوق. ولذلك، حين يقل الطلب قد تعرف الأسعار انخفاضا، ولكن في المغرب لدينا كافة أشكال الفنادق وكل أنواع الأثمنة متوفرة. ولذلك، يبحث الأجانب في المواقع التي تتيح لهم معرفة الأثمنة قبل المجيء”، موضحا أن “قيمة المغرب كوجهة سياحية لا بد أن تبقى مُرتفعة وألا نبخسها.. القطاع السياحي يجبُ أن يظل بقيمته الرمزية”.
وذكر الوزير السابق أنه “كان دائما يذكر بمسألة مهمة، وهي أن الاستراتيجيات الوطنية المتعلقة بالسياحة ينبغي ألا تركز على الجانب الكمي، أي عدد السياح الذين سيأتون للمغرب؛ بل يجب أن نركز على قيمتهم المضافة”، مفيدا أن “الفنادق المغربية مطالبة بدورها بأن تقدم خدمات في المستوى تكريسا لهذه الصورة وخدمة لهذه الاستراتيجيات التي من شأنها إحقاق التنمية الاقتصادية من خلال القطاع السياحي”.
وفي خلاصة حديثه، أكد حداد أن “عدد السياح الذين سيأتون للمغرب ليس هو مربط الفرس في الحكاية، بل القيمة التي سيجلبونها والمداخيل التي سيخلقونها والترويج الذي سيضيفونه للبلاد”، مسجلا أن “السياحة قطاع حيوي بالمغرب، يشغل يدا عاملة مهمة. ومن ثم، لا بد أن نشجع أرباب الفنادق لكي يسجلوا المستخدمين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ويقدموا لهم أجورا محترمة؛ وتاليا تقديم خدمات ذات جودة”.
المصدر: هسبريس