ثنائية الحياة والبقاء.. قصة ترويها لـ «التغيير» نازحة من الخرطوم لمعسكرات الإيواء بود مدني
أحاط الموت بأسرتها وحاصرتها فظائع الحرب، دفعت الحرب في العاصمة السودانية الخرطوم آلاف السكان إلى مغادرة منازلهم، بحثاً عن الأمان ليستقر بعضهم في مدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة وسط البلاد في دور الإيواء المخصصة للنازحين.
التغيير: مدني: عبدالله برير
في حديثها لـ “التغيير” أوضحت النازحة رجاء حسن انها جاءت من الخرطوم بعد أن تقطعت بهم السبل واستحالت ظروف الحياة الطبيعية هناك لتقرر مغادرة الخرطوم وتمكث في ولاية الجزيرة.
وقصة «رجاء» تتشابه وكثيراً من قصص الذين دفعتهم حرب الجيش والدعم السريع منتصف أبريل الماضي، إلى ترك منازلهم وممتلكاتهم للنجاة بأرواحهم من القصف المدفعي والاشتباكات المستمرة حتى اليوم دون بارقة أمل في وقف القتال.
“رجاء” حسن التي قدمت من منطقة الكلاكلة جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، لا يبعد منزلها كثيرا عن معسكر الاحتياطي المركزي، جاءت لود مدني قبل 18 يوما.
أيام مخيفة
تحكي “رجاء” قصتها مع الحرب وتقول: “الإشتباكات كانت مندلعة بين الطرفين بصورة مخيفة مما اضطرنا للنزوح لمنطقة اخرى في مربع 1 المتاخم لنا”.
وتواصل: “مكثنا هنالك 7 ايام بعد أن قلت الإشتباكات، لكن كانت هنالك مناوشات محدودة، ومع اقتحامات الدعم السريع للمنازل، عملنا على إغلاق المنازل وعدم الخروج منها نهائيا إلا للضرورة القصوى”.
وتابعت: “جيراننا من الجهة الشرقية تعرض منزلهم للقصف بقذيفة أصابت احد أبنائهم، وفي ذات التوقيت دخلت المنزل مجموعة من الدعم السريع قالوا بأنهم ليس لديهم مشكلة معنا وشاركونا الماء وتقاسموا معنا أدوات الاسعافات التي كانت بحوزتنا”.
وأضافت:” عشنا ظروفا صعبة، كنا نأكل العدس والأرز والكسرة، ولا وجود للرغيف، عانينا في ظل انعدام المياه وانقطاع التيار الكهربائي، دخلت قوات الدعم السريع بيتنا بعد 4 أيام من عودتنا وروعونا بالأسلحة، حينها قررنا النزوح في اليوم التالي مباشرة”.
وأردفت:” نزحنا لولاية الجزيرة برفقة 10 اطفال بالإضافة لي وشقيقتي ووالدة زوجي”.
بين العيدين
وعقدت رجاء مقارنة لأوضاعهم وسط الحرب في العيدين وقالت:” فترة عيد الفطر كانت أفضل من عيد الأضحى، لم تكن الاشتباكات ثقيلة في الأيام الاولى، كنا منقطعين عن العالم ولم نعلم بيوم الوقوف بعرفة إلا بعد ان خرجنا من المنزل، مع عدم توفر الماء لم نكن نغسل ملابسنا ونكتفي بالشراب من البراميل حتى وصلنا الي مدني”.
وكشفت “رجاء” عن الإنتهاكات التي حدثت وقالت:” تعرض منزلنا للنهب وفقدنا اموالاً ومصوغات ذهبية وتم تكسير الأثاثات والأبواب والشبابيك، اضطررنا لبيع بعض البهائم التي تخصنا لتوفير ثمن التذاكر”.
وواصلت:” جئنا هنا والوضع أفضل بطبيعة الحال رغم النوم على الأرض والبعوض والحشرات التي نخاف منها على الأطفال”.
وزاد أمد الحرب التي دخلت شهرها الرابع معاناة” رجاء” وغيرها من النازحين الفارين من الحرب إلى مدينة مدني بولاية الجزيرة في ظل الإحجام الحكومي عن دعم دور الإيواء.
تفاقم المأساة
وتفاقمت مأساة رجاء في ظل مكوثها في مدرسة غير الموهلة بالأساس لاستضافة النازحين، وازدادت فيها أعداد القادمين مقابل ضعف الدعم الرسمي وغلاء المعيشة.
وجدت “رجاء” وأسرتها النازحة من العاصمة نفسها بين سندان العودة للحرب والتعرض لخطر الموت، وبين ومطرقة دور الإيواء التي لا تتوفر فيها مقومات الحياة كما يجب.
المصدر: صحيفة التغيير