اخبار السودان

قصي همرور يكتب عن: الإنتاج الفكري لـ«جون قرنق»

قصي همرور

مررت على حديث منتشر، اليوم، يتساءل فيه البعض عن سبب اعتبار جون قرنق ‘مفكرا’ بينما لم يـُقرأ له كتاب أو ورقة بحثية أو خطاب فكري مرتب.

جون قرنق لديه أوراق قدمها في مؤتمرات (حتى آخر سنواته كان يكتب)، ولديه رسالة دكتوراة هي عبارة عن كتاب منهجي في دراسات التنمية والاقتصاد الزراعي، كما لديه مجموعة مقالات وخطابات ورسائل عامة واوراق (بعضها قدمت كسمنارات في معاهد بحوث) تشرح موقف الحركة الشعبية وأسس تأسيسها، بالإضافة لكتابته لمانفستو الحركة الشعبيةمجتمعة في كتابه المعروف
The Call for Democracy in Sudan, 1992
(تحرير وتقديم منصور خالد)

أتحدث هنا باعتباري أحد الذين استفادوا من تلك الكتابات كمراجع، في كتاباتي البحثية، أي اطّلعت عليها اطلاعا غير عابر، ويجد الناس بعض مؤلفاته في ثبت مراجع الكتب والاوراق التي اشتغلت عليها.

فغياب معرفة بعضنا بإنتاجه الفكري والبحثي، وغيابه من الدوائر التي يمكن ان تعطيه هذه المعلومة العامة، على الأقل، لا يلغي هذا الإرث الموثق بطبيعة الحال. نحتاج فقط للتواضع والسؤال (بغرض الاستفهام لا بغرض التقرير).

عموما، هذه قائمة بمؤلفات قرنق التي قرأتها مباشرة وأشرت لها في كتاباتي، منذ سنوات:
de Mabior, John Garang. 1982. Identifying, selecting and implementing rural development strategies for socioeconomic development in the Jonglei Projects Area, Southern Region, Sudan. PhD dissertation. Iowa State University.
de Mabior, John Garang. 1989. Seminar paper on Sudan. Brookings Institution, Washington DC, 9 June.
de Mabior, John Garang. 1992. The Call for Democracy in Sudan. Edited by Mansour Khalid
de Mabior, John Garang. 2005. “PanAfricanism and African Nationalism: Putting the African Nation in Context The Case of the Sudan.” In B. F. Bankie and K. Mchombu (eds.) PanAfricanism and African Nationalism: Strengthening the Unity of Africa and its Diaspora. Asmara and Toronto: Red Sea Press. (pp. 211221)

في هذه المؤلفات، وغيرها، تناول قرنق مجمل القضايا الأساسية التي تعني السودان، إضافة لبعض القضايا ذات الشأن الافريقي العام. بجانب أطروحة السودان الجديد، التي استخلصها ورتّبها، لقرنق آراء منهجية في التنمية الريفية، والاقتصاد السياسي، وفي مسألة اللغة، وفي ترتيب المقاومة المسلحة المعاصرة على نهج حركات التحرر الوطني الافريقية، وفي موضعة الديمقراطية في السياق المحلي. في تناوله يتضح المجهود الذهني والتقديم الأصيل، سواء أتفقنا معه أم لم نتفق.

أيضا، وبنفس القدر من الأهمية، فعند قراءة ما كتبه قرنق، يتضح أيضا أنه كان قارئا متابعا، أي كان ينفق من الوقت والجهد في القراءة وفي تتبع الأفكار ومقاربتها. منذ التحاقه بالدراسات العليا في جامعة دار السلام بتنزانيا (ثم لاحقا أكمل الدكتوراة بجامعة أيوا، الولايات المتحدة، مُبتعثا رسميا من دولة السودان، والتي عاد لها بمجرد الفراغ من غرض بعثته)، كان قرنق منخرطا في قراءة ومتابعة ونقد الأدب السياسي والتنموي، الافريقي والعالمي. كان يقرأ لحلفائه ولأعدائه، ويدقق ويلاحظ في النقد. أيضا، كان على المستوى الفكري والبحثي مسؤولا، إذ أنه مثلا تعامل مع أطروحة مؤتمر الوطني السوداني المتحد (مانفستو كوش)، والتي صدرت أول مرة في النصف الثاني من التسعينات، باهتمام، وبعد اطلاع وتداول أشاد بها واعتبرها رسالة مكمّلة ومعضدة لأطروحة السودان الجديد.

أعلاه معلومات، إجمالا، وليست رأيا أو مساهمة في جدال. توثيق للتاريخ فحسب، بغض النظر عن مواقفنا السياسية من مشروع قرنق، أو مواقفنا الشخصية من ما يمثّله قرنق…. وللحديث شجون

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *