“موسم الرياح” يأذن باستغلال القدرات التقنية في محطة الطاقة “بوجدور2”
بالتّزامن مع انطلاق محطّة بوجدور2 حديثاً، بجهة العيون الساقية الحمراء، تستعد الرحبة الريحية لبوجدور حاليا لتشغيل جميع توربيناتها لتوليد الطاقة النظيفة انطلاقا من موسم الرياح الذي تشهده المنطقة، بقدرة 300 ميغاواط؛ مع التّشغيل النّهائي لمركز التحويل 400/200 كيلو فولط لشبكة نقل وتوزيع الكهرباء بالأقاليم الجنوبية؛ وهذه الرحبة تشكل نموذجا ضمن الاستراتيجية المغربية الطاقية، بحيث تمثّل المشروع الثّامن الذي تمّ إطلاقه في الأقاليم الجنوبية للمغرب، والسابع عشر على المستوى الوطني.
ويمثل هذا المشروع نقطة تحول جديدة في التحسين الملحوظ للبنية التحتية الكهربائية، بحيث بدأ المغرب في هذه الأوراش مبكرا، على اعتبار أن تعزيز السيادة الطاقية طموح له سياقاته محليا ودوليا في ظل ارتفاع أسعار الطاقة والتحذيرات الأممية المتواترة بخصوص ضرورة الاتجاه نحو الطاقات البديلة والمتجددة لصيانة الكوكب وحمايته من التدمير النسقي والبطيء الذي يمكن أن تقوم به التغيرات المناخية التي يشهدها العالم اليوم.
إنعاش للطاقة
محمد السحايمي، رئيس جمعية زهور للبيئة والتنمية المستدامة، قال إن “إنعاش موسم الرياح لهذه الرحبة الريحية وتشغيلها هو تأكيد على دقة اختيار الفضاء، وكذلك علامة على تعميم السياسة الطاقية النظيفة على المناطق الداخلية للمملكة.. وحين نتكلم عن مناطقنا الجنوبية فإننا نستحضر التموقع المناسب للاستثمار الطاقي سواء حاليا أو مستقبلا، واستغلال كل الإمكانات المتوفرة”، مشيرا إلى أن “الحقل الجديد لإنتاج الطاقة الكهربائية الريحية ببوجدور يتماشى مع ما تشهده المدن الجنوبية للمغرب من استثمارات كبرى”.
وذكر السحايمي، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الأقاليم الجنوبية ما فتئت تشهد سرعة تنموية تتطلب تنوعا طاقيا يُساير متطلبات تلك المشاريع وذلك التزايد السكاني؛ ومشروع محطة “بوجدور2″ ما هو إلا خطوة أولى نحو مشاريع طاقية متنوعة وموزعة على باقي مناطقنا الجنوبية الأخرى”.
وأضاف رئيس جمعية زهور للبيئة والتنمية المستدامة أن “المغرب انتبه إلى ضرورة الاستثمار في الصحراء المغربية؛ بالنظر إلى الخصوبة التي تقدمها وتمثلها، وخصوصا في احتواء مشاريع الطاقة الريحية التي كانت في السابق متمركزة في المناطق الشمالية”.
وشدد المتحدث على أن “هذه المشاريع تساعد في الحفاظ على النظم البيئية والتنوع الإيكولوجي الذي يتمتع به المغرب”، لافتا إلى أن “المغرب سيكون من ضمن البلدان السباقة لتطبيق توصيات اتفاقيات الأطراف، وخصوصا فيما يتعلق بالانتقال من استعمال الوقود الأحفوري الملوث للبيئة والمتسبب في الانبعاثات، نحو استراتيجية الطاقات الخضراء؛ وهي تصورات تقود المغرب رأسا صوب تنزيل مقتضيات الاقتصاد الأخضر وتحقيق مشاريع النموذج التنموي الجديد الذي ينبني على التنمية المستدامة والحفاظ الموارد الاقتصادية والطاقية”.
طموحات راهنية
اعتبر مصطفى العيسات، الباحث في المناخ والتنمية المستدامة، أن “تشغيل المحطة بالكامل دال، ويوضح أن هذه الخطوة لا تخرج عن الاستراتيجية الطاقية التي دخل غمارها المغرب لتحقيق السيادة الطاقية وتخفيض كلفة الطاقة، بحيث هناك رهان استراتيجي لتوفير 50 في المائة من الطاقة مغربيا وبشكل متجدد ومستدام”، موضحا أن “الطاقات الريحية جزء مهم في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية. ولذلك، بدأ المغرب في هذا المجال مبكرا، بتشييد محطات في شمال البلاد”.
وأفاد العيسات بأن “هذه المشاريع طموحة لكونها تندرج في السعي الكوني إلى التخلص من الطاقات الملوثة وإلى الحد في الانبعاثات، خاصة الكربون، التي تتسبب في ارتفاع درجة حرارة الأرض.. ونحن ما فتئنا نعاني من تبعاتها، بحيث بلغنا درجات حرارة قياسية هذه السنة”، مشيرا إلى أن “المغرب صار يحظى بسمعة طيبة في المنتظم البيئي الدولي؛ واليوم مع شركائه الدوليين ومع الشركات التي أصبحت تثق بالشراكات مع المغرب، الذي صُنفَ ضمن الدول الأربع التي خاضت تجربة رائدة في التحول الطاقي”.
وأكد الباحث في المناخ والتنمية المستدامة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذه المشاريع تغدو ذات راهنية وجدوى، بحكم المستقبل الذي يراهن فيه المغرب على إنتاج الهيدروجين الأخضر، والذي يتطلب طاقات نظيفة شمسية وريحية ستساهم في خفض الكلفة؛ وبالتالي في تسويقه على المستوى الدولي”.
وأبرز المتحدث ذاته أن هذه المشاريع “تعكس الفلسفة المغربية لتوقيف استيراد الطاقة، بحيث نستورد حوالي 85 في المائة من حاجياتنا الطاقية؛ وهذا التوجه سيمكن المغرب من التخلص من تبعات ارتفاع أسعار الطاقة وتأثيرها على الاقتصاد الوطني، وتوفير ميزانيات مهمة يمكن استثمارها في التعليم والصحة والخدمات والبنية التحتية”.
المصدر: هسبريس