اخبار السودان

اعتقال المتطوع «مؤمن ود زينب».. عقلية الحرس القديم تعود للواجهة

المتطوع مؤمن ود زينب يسار

في حادثة جديدة لم تكن الأولى اعتقلت الإستخبارات التابعة للجيش السوداني الناشط في العمل الطوعي والإنساني مؤمن ود زينب أثناء تجواله بدراجته الهوائية من شارع الوادي بأم درمان وهو يجمع في الأدوية للمرضى في “مستشفى النو” بأم درمان ليعطلوا نشاط أحد رسل الإنسانية ظل يقدم عطائه اللامحدود ويسد ثغرات عجزت الجهات المسؤولة في الإيفاء بأقل المتطلبات وتوفير الأدوية مع ظروف الحرب الحالية، وعقب اعتقال دام لحوالي يوم و بعد ضغوط من المتطوعين وحملة مناصرة أسفرت عن إطلاق سراح مؤمن مساء اليوم الأحد.

الخرطوم : التغيير

خرج مؤمن ود زينب كعادته باكراً على دراجته الهوائية تحت القصف المتبادل بين الجيش وقوات الدعم السريع، لم يرهبه الرصاص أو دوي الإنفجارات والقصف العشوائي للطائرات والمسيرات التي راح ضحيتها العديد من المدنيين في السودان.
نذر مؤمن ود زينب نفسه للعمل الطوعي منذ وقت مبكر ولم ينقطع نشاطه رغم ظروف الحرب فأصبح واحد من رُسل الإنسانية بذل روحه ووقته وماله متنقلاً بين أحياء أم درمان لتوفير الأدوية للجرحي وكبار السن بعد تعطل المستشفيات، وبمعية رفاقة أعادوا تشغيل مستشفى النو الذي يكاد الوحيد يقدم الخدمة للجرحي و المصابين شمال المدينة.

 

موجة من السخط

 

و أثار اعتقال المتطوع مؤمن ود زينب موجة غير مسبوقة من الانتقادات للمخابرات العسكرية للقوات المسلحة السودانية بسبب ما تردد عن احتجازه على الرغم من إلتزامه الراسخ بخدمة المحاصرين في الحرب وطلب المساعدة الطبية في مستشفى النو.
و سريعاً ما وجدت الحملة و الدعوة للتضامن مع ود زينب تفاعلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي والأحياء والصيدليات وحتى بعض سائقي الحافلات الذين ساعدهم ود زينب في تلقي الدعم الطبي عندما أصيبوا برصاص طائش بالقرب من المستشفى في الأسبوعين الأولين من الحرب.

و يرى ناشطون في العمل الطوعي إن مثل هذه الممارسات و الدعوات لاحتجاز النشطاء والمتطوعين تشير إلى سيطرة الإسلاميين على الجيش، ودعواتهم للتضيق على الناشطين و اعضاء لجان المقاومة وهو ما انتقده ود زينب وآخرون علنًا منذ بدء الحرب.

 

انتقاد صريح

 

وكتب ود زينب على صفحته التي تحظى بمتابعة كبيرة على فيسبوك ، أن الصيدلية في المستشفى التي كانت تعمل بالمجان في المستشفى أصبحت فارغة تمامًا واتهم عناصر نافذة من النظام البائد _ الإسلاميين _ بأخذ جميع الأدوية على الرغم من التبرع بها للمستشفى لتقديم الدعم الطبي المجاني.
وكتب ود زينب “أين أختفت صيدلية مليانة بالدواء داخل مستشفي النو ؟
وهي منذ بداية الحرب ممتلئة بالدواء و مقفلة حتى مكيفات الصيدلية لا تعمل لتوفر مناخ آمن لحفظ الدواء” و أضاف “لمن سألنا عن المفتاح قيل لنا أنه غير موجود و عندما قررنا كسر الباب و إخراج الدواء من الصيدلية و وجرده و تحويله لصيدلية الطورائ لأن الناس تموت، بعدها أتت إلينا قوات نظامية منعتنا و وعدت بأنها ستفتح الباب بدون كسر و لكن تفاجأنا بأنهم غادروا بكل الدواء لخارج المستشفي”.
وطرح ود زينب العديد من التساؤلات المشروعة، أين ذهب الدواء خاصة و أنه لا يوجد مستشفي غير النو تعمل في أم درمان، هل سيتم تخزينه مرة أخرى، أم سيباع للصيدليات بي سعر اليوم الغالي ؟ أم سيباع إلى المستشفيات الخاصة التي تجري فيها العمليات بي مليار ونصف و إتنين مليار، و تابع “يبدو أنه مازال هناك كيزان ماسكين البلد أو ناس تمارس سلوك كيزاني؟ ارجعوا لنا الدواء لأن مستشفى النو في حوجة شديدة له و الناس هنا بتموت”، و في نهاية منشوره كتب ود زينب “شير عشان الدواء يرجع والفساد يقيف وننقذ حياة الناس اللسه في الخرطوم وما قادرة تطلع”.

 

اعتقال و تضامن

 

وعقب هذا المنشور داهمت قوات نظامية تابعة للاستخبارات العسكرية من طرف الجيش “مستشفى النو” و ومن ثم اعتقلت المتطوع ود زينب أثناء أداء واجبه التطوعي في شارع الوادي بأم درمان وهو يجمع في الأدوية بدراجته الهوائية.
وعقب اعتقال مؤمن سارعت العديد من الجهات و أطلقت حملة مناصرة مُطالبة بإطلاق سراح المتطوع و الفاعل في النشاط الإنساني.
و قالت غرفة طوارئ أم درمان القديمة إنه منذ قيام الحرب بين القوات المسلحة ومليشيا الدعم السريع واعتداءات المليشيا وانتهاكاتها الموجهة ضد المؤسسات الصحية والمستشفيات والمراكز والصيدليات وفي ظل غياب مؤسسات الدولة وانقطاع الإمداد ونقص الكوادر الطبية ظلت غرف الطوارئ والمتطوعين تقوم بدور كبير و واجهت الكثير من الصعاب التي التي وقفت في سبيل المساهمة ومساعدة المدنيين، ونوهت إلى أن لمتضرر الوحيد هو الشعب السوداني.
و أعتبرت غرفة طوارئ أم درمان أن ما اقدمت عليه قوات الجيش من اعتقال الترس مؤمن ود زينب اثناء أداءه مهامه في شراء بعض الأدوية والاحتياجات للمرضي يعتبر اجراماً ومواصلة في استعداء الشعب السوداني، وقالت في بيان “لا يعقل أن يتبجح رموز النظام البائد ومجرميه علانية في شتي الولايات وعلي مرئى ومسمع القوات المسلحة بينما يتم اعتقال المتطوعين والتضييق عليهم”، و أضاف البيان “إننا في غرفة طوارئ امدرمان القديمة نضم صوتنا لرفقائنا في غرفة طوارئ كررى ونحمل القوات المسلحة المسؤولية الكاملة عن سلامة وصحة مؤمن ونطالب بالإفراج عنه”.

 

من هو ود زينب

 

مؤمن ود زينب من الناشطين في العمل الطوعي و الإنساني، جاء من مدينة بحري قبل شهرين بسبب الحرب و استقر في أم درمان حب الثورة، ومنذ وصوله تطوّع في مستشفى النو.
و مؤمن هو مهندس جلود معروف في مجال الصناعات الجلدية الصغيرة، و يمتلك محل مشهور للمنتجات الجلدية في السودان باسم بلاك كرافت للمشغولات الجلدية Black Craft
شاب متطوع و متفاني الحدود، وهو أيضاً عضو بارز في لجنة مقاومة ، ولم يفته احتجاجاً مناهضاً لانقلاب قائد الجيش الجنرال عبد الفتاح البرهان منذ الخامس وعشرين من 2021 أكتوبر ، وله أراء و اضحه ضد طرفي الحرب الجيش و الدعم السريع متمسكاً بشعار الثوار “العسكر للثكنات و الجنجويد ينحل” و تأخر عن بعض مواكب الثوار لأسابيع قليلة فقط عندما كسرت يده اليسرى على يد جندي بشرطة الاحتياطي المركزي بالقرب من مستشفى الجودة في الخرطوم.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *