اخبار المغرب

إدمان ألعاب الفيديو في العطلة الصيفية يثير مخاوف من الإدمان والعزلة

في العطلة الصيفية، وأمام تنامي أوقات الفراغ، يلجأ العديد من الشباب إلى تزجية الوقت في ألعاب الفيديو”، لمقاومة الملل، سواء في الهاتف المحمول أو في التلفاز أو “البلاستيشن” أو الحاسوب؛ وهو ما أثار مخاوف بعض الباحثين، معتبرين أن هناك حدا معينا من الساعات إذا تم تجاوزه في اللعب فإن الأمر يصبح إدمانا خطيرا على نفسية الطفل أو الشاب وسلوكه المجتمعي أيضا.

وصار الإقبال على ألعاب الفيديو في المغرب خلال السنوات الأخيرة لافتا، بحيث ارتفعت احتياجات الإنسان المغربي من حيث خلق بدائل للترويح عن النفس والاستمتاع والانتشاء خارج الوسائل التقليدية المعروفة؛ ولكن ممارسة ألعاب الفيديو ليس شيئا سلبيا بإطلاق، وإنما مسؤولية الأسرة ارتفعت للحرص على تسخير ألعاب الفيديو فيما هو “جيد” بالنسبة للطفل ونموه.

لعب… لكن بشروط

محسن بنزاكور، أخصائي في علم النفس الاجتماعي، شرح لنا كيف أن “الطفل في مرحلة النمو، خصوصا بين 6 سنوات و15 سنة، إذا اعتاد على 3 ساعات من اللعب في اليوم، فهو في وضعية إدمان”؛ ومن ثمّ، “هذا الإدمان صعب التخلص منه، فإذا صار اللعب تلقائيا، فالعواطف بدورها تصبح تلقائية، ويصبح الطفل باحثا باستمرار عن الإشباع وعن الدوبامين وعن الارتياح الذي يجده في اللعب، وتلك الثلاث ساعات تتضاعف. ومن ثمّ، لا يكون النمو طبيعيا”، وفق تعبير الأخصائي ذاته.

وشدد بنزاكور، ضمن دردشة مع جريدة هسبريس، على أن الإشكال يكمن في أن الطفل، خلال مرحلة المراهقة، يحتاج إلى تطوير آليات أخرى؛ كالذكاء الاجتماعي، والعلاقة مع الآخر، والتطور الحسي الحركي من خلال السباحة وتسلق الجبال وبعض الأنشطة البدنية التي تزدهر في الصيف تحديدا”، مفيدا أنه “حين يتم تخريب هذه الآليات بقضاء وقت طويل أمام الشاشة في اللعب، فهذا يشكل خطرا واضحا على الذكاء الاجتماعي للطفل. ولهذا، صرنا نرى أطفالنا يتسمون بهشاشة نفسية. لكن، يجب ألا نفكر في منع الأطفال من اللعب؛ بل أن نعقلن تعاملهم مع هذه الألعاب، التي معظمها متسم بالعنف”.

وأوضح الأخصائي في علم النفس الاجتماعي أن “العديد من الأطفال الذين يلعبون هذه الألعاب باستمرار يمكن أن يشعروا بالكآبة ببساطة أو أن ينهزموا في أي رهان”، مشيرا إلى أن “هذه الألعاب لها خطر على المستوى البيولوجي؛ فنمو الدماغ يتأثر حسب العديد من الدراسات العلمية لمنظمة الصحة العالمية، فحين يُكثر الطفل من اللعب في الجهاز الإلكتروني فهو يهدر العديد من المعلومات والكفايات التي تكتسب من الممارسة. كما أن قضاء وقت طويل في اللعب يضيع زمنا مهما ويرهق ذهنيا وبدنيا”.

العزلة أفقا؟

من جانبه، اعتبر زكرياء أكضيض، الباحث في علم الاجتماع، أنه “وفق الملاحظة فقد تبين أن الطفل أو الشاب أو المراهق لا ينعزل بالمعنى الحرفي للكلمة، لكونه إذا انعزل ماديا عن محيطه فهو حاضر في روابط جديدة تتمثل في أولئك الذين يتقاسمونه اللعبة افتراضيا، ويتحدث معهم ويناقش معهم”، مبرزا أن “هذا الوضع لا يُشعر الطفل أو الشاب أنه وحيد. ومن ثم، نحن لسنا أمام الألعاب بشكلها التقليدي، بل نحن أمام تقنية توسع الرابط الإلكتروني حتى خارج المجتمع الذي ينتمي إليه الطفل”.

وأفاد أكضيض بـ”أننا إزاء كائنات مرقمنة، تحاكي نوعا من الانفتاح على الآخر رغم أنه غير حاضر في ذات الفضاء الذي نوجد فيه؛ وممارسات الألعاب الإلكترونية مختلفة، وهي في أحيان كثيرة تكون في شكلها الجماعي، لكون العديد من الأطفال يذهبون إلى الفضاءات التي تقدم خدمة اللعب بمقابل مادي جماعة ويلعبون في أجواء جماعية”، مؤكدا أن “هناك أيضا شبابا يلعبون داخل بيوتهم رفقة أفراد عائلاتهم، إلخ.. وإذا كانت الممارسات لها طبيعة جماعية، فهنا نحافظ على روابط اجتماعية معينة”.

وأجمل قائلا: “شخصيا، أحتاط أن أسمي خلوة الشاب للعب بـ”العزلة”، لكونها تقلص العلاقات المادية مع الغير، وتوسع العلاقات الافتراضية معه.. وهذه الأخيرة يمكن أن تنتقل إلى الواقع الموضوعي، وأن تساهم في خلق نواة للعديد من العلائق المجتمعية”، خاتما بالقول بأن تداعيات الألعاب الإلكترونية على السلوكات الاجتماعية للطفل أو الشاب أو المراهق موضوع يستدعي النبش وتسليط المزيد من الضوء، لكونها موضوعا يبقى دائما راهنيا، بحكم ما نعيشه من تحولات قيمية عميقة وكبيرة.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *