اخبار السودان

الحرب في شهرها الرابع.. فشل الحل العسكري

بقلم: تاج السر عثمان بابو 

«1»
دخلت الحرب في السودان شهرها الرابع بفشل الحل العسكري، بعد أن توهم كلا الطرفين أنه يمكن حسمها في أيام معدودات ، واصبح واجبا وقف الحرب ، ووضع حد لخرابها ، وارتفاع عدد القتلى والاصابات جراء القصف الجوي، والاستمرار في تدمير البنيات التحتية وقصف المستشفيات ومحطات المياه والكهرباء والمصانع ، وتوقف العام الدراسي العام والجامعي، وتدهور الأوضاع المعيشية والزيادات في الأسعار، وحرق الأسواق ، وتدمير الإنتاج الزراعي حتى اصبحت البلاد مهددة بالمجاعة ، وعدم فتح المسارات الآمنة لوصول الأغاثات للمواطنين تحت وابل الرصاص والقنابل ، مع عدم صرف العاملين لمرتباتهم لمد ثلاثة أشهر، كما جاء في مطالب الجبهة النقابية لوقف الحرب، وجرائم الجنجويد في الابادة الجماعية في غرب دارفور، وتزايد عدد النازحين كما اشارت منظمة الهجرة العالمية بلغ عدد النازحين (3,1) مليون الي داخل وخارج السودان.

هذا اضافة لفتح المحكمة الجنائية تحقيقا في جريمة حرب وإبادة جماعية نفذها الجنجويد حدثت بالجنينة ضد المساليت كما أشار المدعى العام للمحكمة الجنائية كريم خان حول مقتل (87) من المساليت على يد قوات الدعم السريع ( الجنجويد)، وطالبت المحكمة الجنائية بتفاصيل من حكومة الخرطوم ، كما ادانت واشنطن جرائم الحرب التي قام بها الجنجويد ، التي لا تنفصل عن جرائم الحرب السابقة في دارفور، فالتراخي والافلات من العقاب شجع على المزيد من ارتكاب الجرائم ، فضلا عن نهب ممتلكات الناس واحتلال مساكنهم ومراكز الخدمات الأساسية من مؤسسات تعليمية وعلاجية وخدمية ،واتخاذ الناس دروعا بشرية في الأحياء، مما أدى لقتلى وجرحي، كما في مطالب المتضررين بخروج الجنجويد من منازلهم ومن الأحياء السكنية ووقف قصف الجيش للمدنيين ، وغير ذلك من جرائم الحرب التي تأثر بها المدنيون في الخرطوم ومدن دارفور والأبيض. الخ، اضافة للجهود الخارقة التي بذلها الأطباء والعاملون في الحقل الصحي بتقديم الخدمات للمتضررين رغم شح الامكانيات وتوقف حوالي 70% من مستشفيات العاصمة، كما يبذل العاملون في المياه والكهرباء جهدا كبيرا في اصلاح اعطال خدمات المياه والكهرباء تحت وابل القصف والرصاص ، وتأثر بعض الأحياء لفترات طويلة بانقطاع المياه والكهرباء والاتصالات والانترنت، وهجوم الجنجويد على منازلهم لنهب وعرباتهم وبقية ممتلكاتهم.

«2»

من الجانب الآخر تزايدت الضغوط الشعبية للسودانيين في الخارج، والمحلية والعالمية لوقف الحرب ، كما في : منابر جدة ، والآلية الرباعية لدول “الايغاد” التي دعت للوقف الفورى للحرب ، وقاطع الجيش اجتماعها الأخير احتجاجا على رئاسة كينيا للاجتماع لانحيازه للجنجويد ، ومنع سلاح المدفعية الثقيلة ، وفتح ممرات آمنة للمساعدات، واقترحت نشر قوة لحماية المدنيين.

ايضا جاء اجتماع دول الجوار الأخير في مصر لوقف الحرب وحل الأزمة، علما بأنها متأثرة مباشرة بالحرب ولها مصلحة في استقرار السودان ، لأن استمرار الحرب وتحويلها الي عرقية وأهلية ، سوف تؤثر على المنطقة بأسرها جراء التداخل القبلي مع دول الجوار، فضلا عن مشاكل سد النهضة بين مصر والسودان واثيوبيا، والعلاقات التجارية مع السودان.

كما تم فرض عقوبات امريكية وبريطانية على شركات الجيش والدعم السريع ، وتهديد بعقوبات على جرائم حرب ، مع اشتداد حدة القتال هذه الايام.
اضافة لعمل فوقي لا جذور له وسط الجماهير ، كما زيارات وفد من قوى الحرية والتغيير(قحت) لعواصم اقليمية مجارة (كمبالا، انجمينا، ، اديس ابابا .الخ) ، للمطالبة بوقف الحرب ، والوصول لحل سياسي شامل يقود لجيش قومي مهني موحد، مع مطالبة أطراف من (قحت) بالبداية مع القوى السياسية (الحزب الشيوعي، الكتلة الديمقراطية والحركات المسلحة في دارفور قبل لقاء القوى الاقليمية.

كما تجلت أزمة الطرفين العسكريين المتحاربين والضغوط الداخلية والخارجية عليهما جراء جرائم الحرب المسؤولين عتها والدمار الكبير الذي الحقته بالبلاد ، كما تجلى ذلك في تصريح الفريق الكباشي لوقف الحرب وقيام حوار سياسي واسع وشامل يفضي لتكوين حكومة مدنية ، كما شكل (حميدتي) لجنة اتصال مع القوى السياسية والحركات المسلحة للوصول لحل سياسي شامل.

وهي تصريحات وتحركات مع اشتداد حدة المعارك تهدف لتحسين موقف كل طرف على الأرض مع دخوله المفاوضات في منبر جدة القادم ، ولكن بعد كل الجرائم التي ارتكبها طرفا الحرب، فلا مكان لهما في السياسة والاقتصاد ، ولا بديل غير وقف الحرب ، ورجوع العسكر للثكنات ، وحل الجنجويد ، ومليشيات “الكيزان” وجيوش الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد ، مما يشكل البدابة الحقيقية لقيام الحكم المدني الديمقراطي، اضافة لتقديم مجرمي الحرب والجرائم ضد الانسانية للمحاكمات.

«3»
كما تؤكد التطورات الاقليمية والعالمية المتسارعة ضرورة الاسراع بوقف الحرب، لأن طول أمدها يؤثر على المنطقة بأسرها ، اضافة لخطورة تحولها لحرب بالوكالة بين امريكا وحلفائها، وروسيا وحلفائها، من أجل نهب موارد وثروات البلاد ، كما يجرى الآن في الحرب الروسية الاوكرانية المستمرة لأكثر من عام ،التي ادت لخراب ودمار كبير تأثر به الشعبان الروسي والاوكراني ، وأدي لأزمة عالمية في الطاقة وارتفاع أسعار القمح ، اضافة لتزايد دعم حلف الناتو لاوكرانيا كما في اجتماعه الأخير الذي قرر دعم اوكرانيا عسكريا، اضافة لمناطق التوتر الدولية الأخرى التي تهدد بحروب كونية ، كما في دعم امريكا عسكريا لتايوان ضد الصين.
مما يتطلب توسيع قاعدة الجبهة الداخلية لوقف الحرب ، واستدامة السلام والديمقراطية واصلاح ما دمرته الحرب.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *