اخبار السودان

الحرب عندما تغرب شمس العدالة

الحرب عندما تغرب شمس العدالة

د. وجدي كامل

مطبخ هذه اللعنة ومصدر فكرة الحرب التي حلت بالسودان، وبما صار مستوعبا ومفهوما للأغلبية كان مقره سجن كوبر الذي استهدفته الفوضى (الخلاقة) في الساعات الاولى لاندلاع المعارك بالإفراج عن نزلائه بنحو اثار الشكوك منذ البداية عمن المستفيد من ذلك الفعل الاجرامي المغرض، الرامي لتأجيج الفتنة.

الآن يتحول النزلاء من اصحاب السوابق الجنائية الى نهابين للبيوت والبنوك ضمن جمهور عريض ومتنوع.

أما أولئك من ذوى السوابق السياسية فيتحولون وبعد ضرورة حتمها فقه الاختباء بعد الهروب، ودونما حياء الى خطباء مطالبين باستمرار الحرب وعدم القبول باية حلول تفاوضية مما يضع اجابة وان جاءت متأخرة للسؤال الحائر القديم.

فبعد ظهور قيادات انقاذية ممن كانوا معتقلين بسجن كوبر بتهم متعددة يظهر وبمدينة كسلا أحمد هارون، وعوض الجاز، والفاتح عز الدين، وآخرين بمدن سودانية أخرى ضمن مخاطبات واجتماعات تحريضية لاستمرار القتال، وتحت ستار الوقوف خلف القوات المسلحة في معركة (الكرامة).

على أنه وبمختلف المعايير سيبدو أن ظهور هذه الأسماء الضالعة في ارتكاب الكثير من الانتهاكات إبان حكم الإنقاذ ومنهم أحمد هارون المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية كمتهم في حرب الإبادة بدارفور، والجاز المتهم بالفساد في عدد من القضايا، وكذلك الفاتح عز الدين بما هدد به الثوار من مصير إذا ما تمادوا في مطالباتهم بالتغيير سيبدو كل ذلك تهديداً لآمال السلام والسلم السياسي والمجتمعي.

فمن ضمن ما أصبح بديهياً أن هذه القيادات للحركة الإسلاموية المنبوذة ما كان لها الخروج علناً وعلانية دون تنسيق وموافقة من قيادات الجيش واللجنة الأمنية الحاكمة التي لم تكف في اعطاء الضوء الأخضر لأفراد ومؤسسات الإنقاذ منذ انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر على العودة إلى الحياة بما فيها كتائب البراء بن مالك ومتولدات الدفاع الشعبي، وكتائب الظل بتوفير الحماية الأمنية المطلوبة والتأمين السياسي والغطاء العسكري.

هذا المشهد المستفز للثورة السودانية المجيدة، الاستثنائية العظمة. النادرة المثيل والتي خرجت من شتى المدن السودانية مطالبة بإسقاط نظام الإنقاذ ورموزه كأنما يتكلم بلسان مصالح النظام القديم وحرسه الذين كأنما أرادوا إرسال رسالة مفادها أن هذه هي حربهم دونما منازع، والبرهان وزمرته من عسكريين أدواتهم، ولن يتمكن أحد من مقاضاتهم أو محاسبتهم طالما أن الجيش والأمن والشرطة والاقتصاد والإعلام بأيديهم وأنهم عائدون بأمر الحرب والسلاح لحكم الشعب الذي لفظهم شاء من شاء وأبى من أبى.

الأستاذ المحامي المعز حضرة الناطق باسم هيئة الاتهام في قضية انقلاب الثلاثين من يونيو 1989 خاطب إعلامياً النيابة العامة مطالباً إياها بالقبض على الفارين، وأن ما يجري مخالف للقوانين التي لا تحمي الهاربين أو الفارين من العدالة.

الظرف الآن ليس بظرف الندم، أو جلد الذات للثورة، والمحاسبة ولكنه وقت الانتباه لضرورة إعادة رص الصفوف في مواجهة العدو الأساسي للثورة ومن ثم اتباع السبل القانونية المدنية لمحاكمة قوة الدعم السريع بما اقترفت من جرائم مثبتة وترويع وهتك للأعراض ونهب للممتلكات.

وحدة السودانيين في الأهداف هي عنوان المرحلة ليس فقط لإيقاف الحرب ولكن لكسب معركتهم ضد فلول النظام السابق وتطوير قدرات ثورتهم بإرساء الدعائم الحقيقية للحكم المدني الديمقراطي.

[email protected]

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *