العقارب تهدد حياة الأطفال وفعاليات تتساءل عن وجود الأمصال في المستشفيات
توفيت طفلة بسبب لسعة عقرب بمنطقة الخملية نواحي مرزوكة، قبل أسبوعين، وتناقلت فعاليات خبر وفاة طفل عمره سنة بقصر تيكرنا بجماعة ألنيف بإقليم تنغير، قبل يومين، متأثرا بمضاعفات لسعة عقرب باغتته حين كان نائما في ساحة البيت. الخبران أعادا سؤال “ضعف” توفر الأمصال بالمغرب الشرقي إلى الواجهة، واستدْعَيا أيضا الجهود الرسمية المبذولة لحماية الطفولة وحق براعم جهة درعة تافيلالت في الحياة.
وتعليقا على الموضوع، قال جمال أقشباب، فاعل جمعوي بالجنوب الشرقي، إن “هذه الحالات تحاكي مشاكل صحية حقيقية تعرفها مناطق الجنوب الشرقي سنويا، خصوصا أقاليم ورزازات وزاكورة وميدلت والراشيدية”، مضيفا أن “محنة لسعات العقارب، هي ظاهرة صيفية نعاينها مرارا، بحكم أن ارتفاع درجة الحرارة يدفع العقارب والأفاعي للخروج من مخابئها، وتعرض سلامة ساكنة المغرب الشرقي للخطر، لاسيما الأطفال”.
وصرح أقشباب لهسبريس بأن هذه الإشكالية تسببت في معاناة كبيرة بالنسبة للعديد من الأسر، وسط ضعف العرض الصحي بالجهة، التي تعاني على كافة الأصعدة، وتضع المواطن تحت رحمة العقارب، رغم تنبيهات المجتمع المدني منذ سنوات”، مبينا أن “الوضع مازال متأزما، حتى بعد تسجيل حالات كثيرة للسعات العقارب، منها وفيات، لكون توفير الأمصال مازال ضعيفا”.
ونبه المتحدث إلى أن “هذه المسألة ليست مشكلة متعلقة بالجنوب الشرقي بشكل حصري، لكون العديد من جهات المغرب تسجل أيضا حالات كثيرة للسعات العقارب ولدغات الأفاعي، لكن مشكلة الجنوب الشرقي أنه لا يتوفر على حصة من الأمصال بالمقارنة مع مناطق أخرى، وهذا يعكس نوعا من اللاعدالة المجالية”، مؤكدا أن “وزارة الصحة عليها أن تعالج هذا الخلل وأن تفكر في مواطني المنطقة الذين يتضررون بشكل مستمر جراء الصيف”.
وأوضح الفاعل الجمعوي أنه “يجب التفكير في سبل فك العزلة عن هذه المناطق، خصوصا العالم القروي، عبر توفير سيارات الإسعاف لنقل المصابين بشكل مستعجل نحو المراكز الصحية الجهوية لتلقي العلاجات اللازمة”، مؤكدا ضرورة أن “يتم التنسيق بين فعاليات المجتمع المدني والجهات الرسمية لحماية الأطفال بالجنوب الشرقي ومختلف المناطق المعرضة لهذا الخطر الصيفي، لكونه يشكل تهديدا حقيقيا للحق في الحياة في حالات كثيرة”.
في المقابل، أكد محمد خصال، المدير الجهوي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بجهة درعة تافيلالت، أنه “متتبع بشكل يومي للمخزون المتوفر من الأمصال في المستشفيات الإقليمية والجهوية”، موضحا أنها “متوفرة بشكل كاف، لكنها تتبقى منحصرة في المستشفيات الإقليمية، لكون الأمصال مهمة حصرية للأطباء المتخصصين ولقسم المستعجلات ومصلحة الإنعاش والتخدير، والعديد من المراكز الصحية ليس فيها أطباء، فقط ممرضون”.
وأفاد خصال، في تصريح لجريدة هسبريس، بأن “هناك تحديات كبيرة، تتعلق بلجوء الساكنة إلى التداوي التقليدي، وعدم نقل المصابين إلى المستشفى في الحين، علما أن التعاطي المتأخر مع الإصابة يجعل مهمة الإنقاذ صعبة”، مفسرا أن “من يصل في الوقت المناسب، هناك حظوظ جد مرتفعة بأن يعرف الأطباء شكل التدخل، ولذلك نوصي دائما بعدم اختيار سبل قديمة في التداوي عوض الطب الحديث”.
وشدد المتحدث على أن “التطور في تشخيص اللدغات واللسعات صار يتيح للمختصين معرفة نوع العقرب أو الأفعى، دون الحاجة إلى قتلها وإحضارها، نظرا لكون الدينامية التي نسهر عليها خولت توفير معطيات دقيقة عن المناطق وأشكال الزواحف والحشرات السامة المنتشرة فيها”، مضيفا أن “حتى التدخل يكون عبر مراحل، بحيث هناك مرحلة أولى للإصابة بلسعة العقرب، لا تسجل خطورة، وتُسبب فقط ألما أو انتفاخا أو احمرارا، وهذه يتم التعامل معها محليا”.
المرحلة الثانية، يورد المسؤول الصحي، يمكن أن يحدث فيها اضطراب على مستوى الضغط الدموي أو دقات القلب، وهذه تستدعي النقل المستعجل إلى المستشفيات الجهوية أو الإقليمية، لكي تتم محاصرة السم والتحكم في الوضع الصحي للمصاب”.
وختم خصال بأن “الجهات الرسمية تقوم بجهودها في هذا الصدد، ووفرنا الأمصال الكافية، لكن الأمر يحتاج دائما إلى تعاون من طرف المواطنين في المنطقة وانخراطهم في أنظمة الطب الحديثة، باعتبارها منقذا وخيارا ناجعا”.
المصدر: هسبريس