المكانة الروحية للملك محمد السادس بإفريقيا .. الإصلاح الديني ومواجهة التطرف
قال خالد الشرقاوي السموني، مدير “مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية”، إن المملكة المغربية لم تتخل يوما عن دورها الديني والروحي في إفريقيا، بل أولت هذا الدور اهتماما كبيرا خلال العشرين سنة الماضية بفضل رعاية أمير المؤمنين الملك محمد السادس للشأن الديني بهذه القارة.
وتطرق السموني، في مقال له، إلى عدد من المبادرات الدينية التي أطلقها المغرب تحت الرعاية الملكية السامية، مضيفا أنه “نظرا للمكانة الروحية لأمير المؤمنين الملك محمد السادس في إفريقيا، فقد لعب المغرب دورا مهما في تقديم تجربته في مجال الإصلاح الديني، بل صار نموذجا يحتذى به من قبل دول إفريقية للاستفادة منه في التحصين من الفكر المتطرف العنيف، ونشر القيم المثلى للإسلام”.
هذا نص المقال:
لعل ما أسهم في ترسيخ العلاقة الروحية المتينة بين المملكة المغربية ودول إفريقيا وتوطيدها وحدةُ المرجعية الروحية والدينية التي تجمع بين المغرب وإفريقيا، والتي تتمثل في المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية. وبالتالي لم تتخل المملكة يوما عن دورها الديني والروحي في إفريقيا، بل أولت هذا الدور اهتماما كبيرا خلال العشرين سنة الماضية بفضل رعاية أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس للشأن الديني بهذه القارة، خدمة لقضايا الإسلام والمسلمين، والكشف عن مقاصده النبيلة في ترسيخ النموذج الديني المعتدل، من خلال العديد من الأنشطة الدينية والفكرية، كإرسال بعثات من العلماء إلى دول إفريقيا، وتنظيم مؤتمرات علمية وورشات ودورات تكوينية لفائدة الخطباء، وبناء مراكز دينية وعدد من المساجد في بعض الدول الصديقة مثل السنغال، مالي، غينيا، بينين والكوت ديفوار…
وقد كثف المغرب جهوده لتقوية مركزه الديني بعد انتشار الفكر المتطرف وظهور جماعات إرهابية في بعض الدول الإفريقية بالساحل جنوب الصحراء تدعو إلى العنف وتكفير المجتمع وتهدد الأمن والسلم والحريات، حيث بوأ المغرب في هذا الخصوص دبلوماسيته الدينية مكانة معتبرة، بفضل العناية الملكية، خدمة للدين الإسلامي في جميع ربوع القارة، والتعريف بقيمه الأصيلة السمحة، وإشاعة روح التسامح والتعايش وخدمة الأمن والاستقرار والتنمية، خصوصا أن المغرب يعتبر نموذجا للاستقرار ويشترك في هوية دينية وروحية مع عدد من دول إفريقيا.
ومن المبادرات الدينية المهمة في هذا الإطار نذكر إحداث معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات سنة 2014 بغرض تكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، من المغرب ومن خارجه، لبيان مقاصد الشريعة الإسلامية، وإبراز سماحتها ووسطيتها واعتدالها، والمساهمة في الحفاظ على الوحدة الدينية للمجتمع وتماسكه.
كما تم إحداث مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة لتجسيد عمق الأواصر التاريخية والصلات الروحية التي تربط إمارة المؤمنين بالشعوب الإفريقية. ولعل إعلان السلام بأبيدجان، الذي كان من ثمرات تعاون هذه المؤسسة مع شركائها في إفريقيا، يجسد قواعد العيش المشترك وصيانة أمن المجتمعات وكذا ضرورة التعاون لحل العديد من الأزمات التي تشهدها القارة .
لقد اختار المغرب الانخراط، تحت الرؤية المتبصرة لجلالة الملك وانطلاقا من مسؤوليته التاريخية، في توحيد وتنسيق جهود العلماء المسلمين في أرجاء القارة الإفريقية ودعم جهود التنمية والسلم والإسهام في مكافحة التطرف وتعزيز السلم في منطقة الساحل جنوب الصحراء ومواجهة الحركات الانفصالية والإرهابية، التي تعمل جاهدة على نشر الفكر المتطرف واستقطاب الأفراد، خاصة الشباب منهم، للانخراط في تنظيمات إرهابية، تعددت تسمياتها ومشاربها، حتى ينأى بهذه الفئة عن الانجراف وراء التيارات الفكرية الهدامة .
ونظرا للمكانة الروحية لأمير المؤمنين الملك محمد السادس في إفريقيا، فقد لعب المغرب دورا مهما في تقديم تجربته في مجال الإصلاح الديني، بل صار نموذجا يحتذى به من قبل دول إفريقية للاستفادة منه في التحصين من الفكر المتطرف العنيف، ونشر القيم المثلى للإسلام من جهة، والإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار من جهة أخرى، وعيا منه بأهمية إحلال السلم والأمن في هذه القارة، حيث يجسد الانتماء إليها جزءا من الهوية المغربية، ولأن إفريقيا صارت تمثل العمق الاستراتيجي والأمني للمملكة.
المصدر: هسبريس