الحسابات المستعارة بوابة هرب لمخالفي «التواصل».. والقانون يتصدى بعقوبات صارمة
أكد قانونيون أن الأحكام الصادرة بالمنع من استخدام الـ«سوشيال ميديا» صعبة التنفيذ، نظراً لإمكانية إنشاء المحكوم عليه حسابات أخرى بأسماء مستعارة وكلمات مرور جديدة للعودة إلى منصات مواقع التواصل الاجتماعي، موضحين أن التدابير الجزائية والقانونية تضمن للمشرّع الدفاع عن المجتمع وحمايته من أي ضرر.
وأشاروا إلى أن الجرائم الإلكترونية تتم مواجهتها في الدولة بكل حسم وبعقوبات صارمة، فالمشرّع الإماراتي كان مواكباً لواقع العالم المتغير الذي أوجد جرائم مستحدثة لم تكن في الماضي.
وتفصيلاً، قال المحامي والمستشار القانوني عبدالمنعم بن سويدان، إن الأحكام القضائية التي تنص على معاقبة متهمين في جرائم متعلقة بالإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي، لمنعهم من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو إغلاق حساباتهم لفترات محددة، صعب تحقيقها في الواقع.
وأضاف: «الإنترنت المفتوح يصعّب عملية السيطرة على المعلومات والحسابات على منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما يجعل الأحكام القضائية في هذا الشأن صعبة التنفيذ، فمن غير الممكن إغلاق حساب مستخدم على أي منصة، لأنه بكل تأكيد سينشئ غيرها بأسماء وهمية، ويمكنه استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بسهولة».
وأشار إلى أن القضايا المتعلقة بالإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي، كلها قضايا تقنية تثبت فيها الجريمة بالتقنيات الحديثة التي تملكها جهات البحث والتحقيق والتحري في المؤسسات الشرطية، لذلك نجد أنه من الممكن إنشاء مستخدم لإحدى منصات التواصل الاجتماعي مثل «إنستغرام» حساباً على المنصة باسم شخص مختلف تماماً، ويبدأ هذا المستخدم بنشر محتوى مسيء ويكتب ما يشاء.
وتابع: «في هذه الحالة تتدخل الجهات المختصة بناءً على بلاغ من المتضررين، سواء من تم سبهم أو من الشخص الذي تم انتحال اسمه في إنشاء هذا الحساب، وتفحص الجهات المختصة الحساب لتكتشف أن مستخدم الحساب ليس الشخص نفسه الذي تم إنشاء الحساب باسمه، وهنا توجه النيابة العامة للمتهم تهماً عدة، منها انتحال الشخصية، والسب والتشهير من خلال وسيلة تقنية معلومات، واستخدام حساب مصطنع يسيء إلى من اصطنع عليه، وهي جرائم تصل عقوبتها إلى الحبس مدة لا تقل عن سنتين وغرامة تبدأ من 250 ألف درهم، ولا تزيد على 500 ألف درهم، وفق المرسوم بقانون اتحادي رقم (34) لسنة 2021، في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية».
فيما أفاد المحامي والمستشار القانوني أحمد الزرعوني بأنه «من السهل إغلاق أي حساب على منصات التواصل الاجتماعي، بعد صدور الأحكام القضائية، حيث تتم مخاطبة الشركات المالكة لهذه المنصات، لكن لا أحد يستطيع منع المجرم من العودة إلى استخدام منصات التواصل الاجتماعي، وإنشاء حسابات أخرى عليها».
وأوضح أن هناك نصوصاً قانونيةً من الصعب تطبيقها في عصرنا الحالي، كما أن كل قانون يصدر لابد أن تتبعه لائحة تنفيذية تشرح كيفية تنفيذ نصوص القانون في الواقع، مشيراً إلى أن الجرائم الإلكترونية تتم مواجهتها في الدولة بكل حسم وبعقوبات صارمة وشديدة.
بدوره، قال الباحث القانوني الدكتور محسن الخباني، إن التدابير الجزائية تعتبر إجراءات مانعة تطبق بعد ارتكاب الجريمة، ولا تهدف إلى إيلام الجاني بالدرجة الأولى، ولكن تسعى لدرء خطره، حمايةً للمجتمع.
وأضاف: «المشرّع الإماراتي أكد في مرسوم بقانون اتحادي رقم (34) لسنة 2021، في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية في المادة (59) الخاصة بتنظيم التدابير الجزائية على أنه (يجوز للمحكمة عند الحكم بالإدانة في أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها بهذا المرسوم بقانون أن تقضى بأي من التدابير الآتية: الأول، بوضع المحكوم عليه تحت الإشراف أو المراقبة الإلكترونية أو حرمانه من استخدام أي شبكة معلوماتية، أو نظام المعلومات الإلكتروني، أو أي وسيلة تقنية معلومات أخرى، أو وضعه في مأوى علاجي أو مركز تأهيل للمدة التي تراها المحكمة مناسبة، والثاني، إغلاق الموقع المخالف إغلاقاً كلياً أو جزئياً متى أمكن ذلك فنياً، والثالث حجب الموقع المخالف حجباً كلياً أو جزئياً للمدة التي تقررها المحكمة)».
وتابع: «ويأتي التدبير الجزائي المتمثل في الحرمان من استخدام أي شبكة معلوماتية، أو نظام المعلومات الإلكتروني، أو أي وسيلة تقنية معلومات أخرى من ضمن التدابير الجزائية التي نظمتها المادة، لذلك نجد العديد من الأحكام القضائية في الدولة تقضي بهذا النوع من التدابير الجزائية، كالمنع من استخدام برامج التوصل الاجتماعي لفترة محددة، حيث إن أغلب الأحكام كانت عن برامج التواصل الاجتماعي، وهي النطاق المكاني لوقوع الجرائم الإلكترونية فيها؛ نظراً للانتشار الواسع لها في المجتمع؛ فالمشرع الإماراتي كان مواكباً لواقع العالم المتغير الذي أوجد جرائم مستحدثة لم تكن في الماضي».
وواصل: «ولعل الهدف الأهم من وجود هذه التدابير الجزائية تشريعاً وقضاءً الدفاع عن المجتمع وحمايته من الضرر؛ ويلزم إنزال هذه التدابير دون إيقاف التنفيذ فيها؛ لحماية المجتمع وتأهيل المحكوم عليه؛ فالهدف هو مواجهة الخطورة الإجرامية، ولا يتحقق ذلك إلا بالتنفيذ الفوري للحكم، وتجوز مراجعة هذه التدابير بعد إقرارها، لتعلق هذه التدابير بفكرة الخطورة الإجرامية، فالقاضي يمكن له تعديل النوع والمدد وإعادة النظر في هذه التدابير كلما اقتضى الحال ذلك».
قضايا وأحكام
أصدرت محكمة جنايات أبوظبي، أخيراً، حكماً بإدانة مؤثرة اجتماعية، في واقعة نشر فيديو من شأنه إثارة خطاب الكراهية باستخدام الشبكة المعلوماتية، حيث تضمن الحكم إلى جانب الحبس والغرامة والإبعاد عن الدولة عقب تنفيذ العقوبة، مصادرة الهاتف النقال المضبوط المستخدم في ارتكاب الجريمة، ومحو المقطع المرئي محل الجريمة منه ومن الحساب الذي ارتكبت فيه، وغلق الحساب كلياً، وحرمانها استخدام أي شبكة معلوماتية، أو نظام معلومات إلكتروني، وأي وسيلة تقنية معلومات أخرى نهائياً.
وفي وقت سابق، قضت محكمة جنح دبي بمعاقبة آسيوي وصديق له بالغرامة والمنع من استخدام برامج التواصل الاجتماعي لمدة ثلاثة أشهر، بسبب تبادل محادثات عنصرية مسيئة لزملائه من جنسية أخرى.
• استخدام حساب مصطنع تصل عقوبته إلى الحبس مدة لا تقل عن سنتين وغرامة تبدأ من 250 ألف درهم.
• المشرّع الإماراتي يواكب واقع العالم المتغير الذي أوجد جرائم مستحدثة لم تكن في الماضي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
المصدر: الإمارات اليوم