لقاء يدرس علاقة تزويج القاصر بالهدر المدرسي
أوصى المشاركون في لقاء دراسي نظمته اللجنة المحلية للتكفل بالنساء ضحايا العنف بالمحكمة الابتدائية لأزيلال حول موضوع “تزويج القاصر والهدر المدرسي.. أية علاقة؟” باعتماد مقاربة تشاركية للحد من الهدر المدرسي، وبضرورة حماية حقوق القاصر والحيلولة دون انتشار هذه الظاهرة؛ من خلال تفعيل دور النيابة العامة والقضاء والأسرة وباقي المتدخلين.
عبد الإله الحسني، نائب وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية لأزيلال، الذي ترأس اللقاء، قال، في كلمة افتتاحية، إن “موضوع الهدر المدرسي في علاقته بزواج القاصر يكتسي راهنيته وأهميته من كونه يروم مقاربة الظاهرة من طرف عدد من المتدخلين؛ ما يسمح برصد بعض الحلول للظاهرة”، وطرح الإشكاليات المرتبطة بها من رؤى مختلفة.
وأبرز المتحدث أن النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية لأزيلال واللجنة المحلية للتكفل بالنساء ضحايا العنف تقومان بمجهودات جبارة ومتواصلة في هذا الإطار، عبر تدخلهما لمعالجة الحالات التي يكون فيها الأطفال عرضة للهدر المدرسي بسبب الخلافات الأسرية أو زواج القاصرات.
وفي الصدد ذاته، أوصى المشاركون في اللقاء بضرورة التدخل على المستوى التشريعي لتجريم زواج القاصر وتحديد سن 17 سنة لمنح الإذن بزواج القاصر دون جعل الاستثناء قاعدة (السن المناسب للزواج هو 18 سنة ما فوق)، وبمنح الحق للنيابة العامة في الطعن بالاستئناف في حالة الإذن بزواج القاصر (علما أن الإذن بزواج القاصر غير قابل للطعن) والتصريح برفض الإذن بزواج القاصر في حالة عدم موافقة الولي القانوني.
كما دعا المتدخلون إلى تشجيع التواصل مع النيابة العامة في قضايا الأسرة لحماية النظام الأسري، وإلى مراجعة مفهوم الخبرة الطبية بالتنصيص على الخبرة النفسية وإجراء بحث اجتماعي دقيق، مع مراجعة مفهوم الإكراه على الزواج في المادة 63 من مدونة الأسرة انسجاما مع الفقرة الثالثة من المادة 57.
وأوصى اللقاء بمراجعة الفصل 503.2.1 من القانون الجنائي؛ بتمكين النيابة العامة من المتابعة بالرغم من عدم وجود شكاية، وبضرورة فتح نقاش عمومي حول المادة 16 حتى لا تشكل مدخلا لزواج القاصر، وبضرورة تعزيز حقوق الطفل ومنظومة الحماية الخاصة به، ومواصلة الانضمام إلى مختلف الاتفاقيات الدولية التي تتماشى مع مصلحته الفضلى.
وطالب المشاركون في اللقاء برفض جميع طلبات زواج القاصر المرتبط بالتلميذات على اعتبار أن مكانهن الطبيعي في هذا السن هو المدرسة، وبحرص النيابة العامة على تمدرس التلاميذ في سن الإلزامية، وبضرورة انخراط الجميع في محاربة الهشاشة والفقر والأمية وكل أشكال العنف، منوهين بالدور التي قامت به السلطات الإقليمية بتنسيق مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتعليم ومؤسسات الرعاية الاجتماعية في الحد من الهدر المدرسي من خلال ببناء الحجرات الدراسية والفرعيات ودور الطالبة والطالب.
وخلال النقاش، أبرزت فعاليات محلية أن ظاهرة تزويج القاصرات مُنتشرة أكثر في العالم القروي المطبوع بالفقر والهشاشة وبموروث ثقافي يرى في الفتاة عبء على الأسرة، لافتة إلى أنها كإشكالية تتداخل في استمرارها عوامل عديدة؛ من بينها التقاليد والجهل والفقر، ما يتطلب إعداد استراتيجية واضحة لمحاربتها من خلال تشخيصها والوقوف عند أسبابها (الفقر والهشاشة، ضعف الدعم الاجتماعي للأسر، وعدم اهتمام المجتمع القروي بتمدرس الفتاة، تأهيل البنيات التحتية).
وفي السياق ذاته، أكدت مداخلات عديدة، بعد الإشادة بالجهود التي تبذلها السلطات الإقليمية والدرك الملكي والأمن والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين وباقي الشركاء في هذا الإطار على أهمية تعزيز البنيات التحتية للقرى الجبلية بالإقليم، والمقاربات التشاركية وتعزيز التنسيق بين مختلف الفاعلين في المجال بهدف خلخلة البنيات التقليدية وتصحيح بعض التمثلات الاجتماعية التي تشجع على استمرار تزويج القاصرات.
المصدر: هسبريس