فعاليات تحذر من حرائق واحات الجنوب الشرقي وسط مخاوف اقتصادية واجتماعية
تواصل درجات الحرارة في الارتفاع خلال الصيف، ويرتفع معها منسوب الخوف داخل الفعاليات البيئية والمدنية بالجنوب الشرقي من الحرائق التي تعرفها المنظومة الواحية بشكل سنوي وتهددها نتيجة تراكم جريد النخيل اليابس الذي يمكن أن يلتهم مئات الهكتارات من الأراضي؛ ما يمكن أن يؤدي تلقائيا إلى بوار الواحة وتفكك النسيج المرتبط بها.
ويعتبر النشطاء البيئيون أن الواحة صمام أمان يضمن اقتصادا وقيما ووجودا بالنسبة لساكنة المجتمعات الواحية، خصوصا بالمناطق المهددة كواحات أوفوس وتنجداد بالرشيدية وواحة مزكيطة بزاكورة وواحة سكورة بورزازات…
التهيئة والتعويض
محمد لمين لبيض، الفاعل الجمعوي والناشط البيئي، قال إن هناك توقعات عالية بأن يحدث حريق ما في إحدى واحات درعة أو واحات زيز بالجنوب الشرقي، مؤكدا أن “التخوفات الرسمية التي نسمعها بشكل يومي عن الغابات، لا نسمع نظيرا لها فيما يخص الواحات، وهذا يعكس نوعا من التهميش، رغم أن الجفاف بلغ مبلغا خطيرا وندرة المياه وارتفاع درجة الحرارة بالمنطقة يزيدان المخاوف”.
وقال لبيض، ضمن تصريحه لهسبرسس، إن “هذه العوامل الطبيعية تؤثر على نخيل الواحات، وبالتالي من شأنها أن توفر الحطب لتأجيج أي لهيب مشتعل في الواحات”، منبها إلى “السلوكات البشرية أيضا ودورها في ما يمكن أن تتسبب فيه، خلال هذه الظرفية البيئية الصعبة، من ضرر للمنظومة الواحية وللتنوع الإيكولوجي بالجنوب الشرقي”.
وشدد الفاعل الجمعوي والناشط البيئي على أن “الواحات عرفت، منذ حوالي ست سنوات، حرائق عديدة في جهة درعة تافيلالت.. ولم تستفد الساكنة المتضررة من أي تعويض من طرف صندوق الكوارث الطبيعية”، مبرزا أن “واحات زاكورة بالتحديد تعرف صعوبة من حيث البنية التحتية الطرقية، ما يجعل مهمة الإطفاء صعبة، لكون الوقاية المدنية تكابد للوصول إلى نقط الحرائق، فيضطر أبناء المنطقة إلى التدخل المستعجل في انتظار وصول رجال الإطفاء”.
وتوقع المتحدث: “بما أننا في أوج الصيف وآلاف النخيل يابسة وقابلة للاشتعال، فالساكنة تتخوف بشكل يومي على نخيلهم وعلى سلامتهم واقتصادهم”، موضحا أن “جريد النخيل، الذي كان يستعمل في طهي الخبز في الأفران الطينية وفي تشييد المنازل، تم العدول عنه. لذلك، ظل هذا الجريد في وسط الواحة، ليشكل تهديدا عمليا”.
جهود غير كافية
من جهته، قال الفاعل البيئي نجيب عبد الوهاب إن “الجهود التي بذلتها الجهات الرسمية المختصة لحماية الواحات من الحرائق تستحق الثناء؛ لكنها للأسف غير كافية”، مشددا على أن “موضوع الحرائق بجهة درعة تافيلالت يحتاج حلولا جذرية وليس ترقيعية، والتي ينبغي أن تبدأ بتهيئة المسارات داخل الواحات لتسهيل عملية التدخل السريع، نظرا لكون المرحلة الإنذارية التي وصلت إليها الواحات لم تعد مسألة ظرفية فقط”.
وأفاد نجيب بأن المجتمع المدني بالمنطقة أطلق إنذارات كثيرة وتوصيات عديدة، تأكيدا لحقيقة أن وتيرة التدخل ضعيفة للغاية بالمقارنة مع الحالة المتدهورة للواحة وبالمقارنة أيضا مع حالة النخيل الذي تعرض للتلف بشكل كبير، فبمجرد إشعال فتيل من المحتمل أن يلتهم الأخضر واليابس”، مشيرا إلى أن “الدولة يجب أن تعي بأن الخطر مركب في هذه الحالة؛ فهو خطر على الإنسان وعلى الواحة والتوازن البيئي”.
وشدد المتحدث على أن هناك حاجة عاجلة إلى أن تتم إعادة إحياء المنظومة الواحية، ضمن استراتيجية وطنية دائمة، عبر الحفاظ عليها وتنقيتها بشكل دوري، خصوصا الأعشاش التي تتضمن جريدا يابسا يمكن أن يشتعل في أية لحظة”، موضحا أن “علينا أن نضع نصب أعيننا أن المساحة الإجمالية للواحات كبيرة جدا، ولهذا يجب أن يكون تفكيرنا بهذا الحجم، تفاديا لأية خسائر أو كوارث بيئية أو بشرية”.
وأجمل الفاعل البيئي بجهة درعة تافيلالت أن الواحة تعد فضاء اقتصاديا واجتماعيا وإيكولوجيا، وهذه الأمور مترابطة فيما بينها”، مشيرا إلى أن “المواطن بدوره يجب أن يساهم في هذه الظرفية الحرجة بيئيا، عبر عدم رمي الزجاج في الوسط الواحي، وكذلك الفلاح يجب أن يدرك أن خراب الواحة سيعني التدمير النسقي للسلم الاجتماعي بالمجتمعات الواحية بالجنوب الشرقي”.
يشار إلى أن وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أحدثت، منذ سنتين، فوهات مائية بعدد من الواحات. كما وضعت الوزارة ذاتها لوحات تحسيسية لتجنب أسباب الحريق، بالإضافة إلى برمجة العديد من المشاريع لتنقية أعشاش النخيل مع إعطاء الأولوية للمناطق التي تعرف حرائق متكررة بشكل سنوي، فضلا عن توزيع فسائل أنبوبية للنخيل بالمجان على الفلاحين المتضررين من الحرائق.
المصدر: هسبريس