رسالة مفتوحة للقيادات المتقاتلة السودانية , اخبار السودان
د.حيدر إبراهيم على
أكتب لكم والمشهد السوداني قد أصبح سريالياً بإمتياز وغير قابل لمقايسة المنطق أوالعقلانية وليس أغرب من أن ينبرى الوسطاء بدعوة المسلحين تحت حجة الاحتكام ” لصوت العقل ” !! وهو عقل لا يتوفر بمواصفات الصحة لدى المتقاتلين حتى نتحدث عن صوت إفتراضي له. فحقيقة الحرب كونها فعلا غريزياً لا يخضع لأحكام العقل، وهي وبذات الدرجة سلوك أدني من السلوك الإنساني، اذ انك تقتل أناساً لا تعرفهم ولم تدخل معهم في علاقات مباشرة أياً كانت طبيعتها !!..
سنبدأ بسؤال هام ومحوري للسيد قائد قوات الدعم السريع: ما هي الجدوى الإستراتيجيه والمكسب السياسي لإحتلال البيوت والمرافق الخدميه والمستشفيات؟؟وهل إعطيتم الموافقة على خطة إحتلال المستشفيات ومنع الإمدادات الطبيه وإغتيال الكوادر الطبيه ؟؟ هذا فعل إجرامي يحرمه القانون والأخلاق السوية ويجب التراجع عنه فورا” .
أما الجيش السوداني الذي يرتكب جرائم حرب بسبب القصف الجوي والمدفعي والذي يصيب المدنيين عشوائيا” لماذا يخون وظيفته الأساسية لحماية المدنيين العزل بدلا” عن قصفهم؟الجيش السوداني، ووفقا” للوقائع الكارثيه ، عليه أن يتجنب الإدانة ثم العقوبة الدوليه بالوقف الفوري للقصف العشوائي وقتل المدنيين الأبرياء . ثم نتساءل من الذي سمح للضابط النظامي بتطبيق خطة هوجاء بهدم المنازل في أم درمان في عملية تشبه تماما” سلوك المستوطنين الصهاينه في مخيم جنين الفلسطيني !! لابد من توقيف من أمر بذلك ومحاسبته.
تعرف العلوم السياسية الدولة بأنها التنظيم الإجتماعي الوحيد الذي يتمتع بشرعية إحتكار العنف في المجتمع.والآن في السودان تتنازل الدوله عن شرعيتها حين تقوم بتسليح المدنيين والتحريض على الإقتتال بين المواطنين بدعوى تنظيف العاصمه من جنود العدو حسب إفادة الجيش.هذه دعوة ليست سوى دعوة صريحة إلى الفتنة والحرب الأهليه ؛ لأن المواطن العادي سيقوم بقتل الآخر بالإشتباه بالسحنة واللون واللسان بآعتباره جنجويديا” أو من قوات الدعم السريع !!! إن ما ياخذ مسمى التعبئة العامة ليس أكثر من التعبئة الخاصة التي تسمح بشرعية عودة جيش وكتائب الإسلاميين والمجاهدين تحت تسمية (الوطنيه). هنا يمكن سماع تسجيلات وقراءة ما يكتب كل من صلاح كرار، وحسن رزق، وعلي كرتي،والتي تطالب بعودة الدفاع الشعبي والمجاهدين وكتائب الظل. هذه دعوة علنية لإحلال الإسلامويين على نحو صريح محل قوات الشعب المسلحه .
ان اللجوء للتعبئة إعتراف ضمني بتراجع دور الجيش السوداني وعدم قدرته على الدفاع بنحو مهني مستقل. عليه فإن ما هو مطلوب وعلى الفور ، وقف دعوة الشباب للإكتتاب بغية الإنخراط في صفوف الجيش ووقف القصف الجوي،والجلوس في مفاوضات مباشرة يلتزم عبرها الطرفان بتنفيذ شروط الهدنة على الأرض تحت رقابة مدنية وعسكرية صارمة، وإنسحاب الدعم السريع من المستشفيات والمنازل ومحطات المياه والكهرباء ومواقع الخدمات الضروريه على أن يتم إيقاف القصف الجوي وما يسمى التمشيط وإتاحة المسارات الآمنة لإنسحاب الدعم السريع.
لا بد من وقف زحف الإسلامويين على المشهد السياسي السوداني والتي تتعزز بدخول أطراف دولية جديدة كتركيا ، ولذلك نرفض المبادرة التركيه ونطالبها بطرد كل العناصر الإخوانيه ووقف الحملات الإعلامية من تركيا وآسترداد الأموال السودانيه المنهوبة من البنوك التركيه، والآستثمارات الإخوانيه في العقارات والشركات،ثم بعد ذلك يمكن أن تقدم تركيا نفسها كوسيط محايد ومقبول.
حقيقة الحرب في السودان هي محاولة لإستقلال الجيش السوداني كقاعدة جديدة للإسلاميين في السودان الذي آستضاف في الماضي بن لادن ومنح جوازات سفر سودانية لعناصر إرهابيه يتجولون بها في كل دول العالم ، وهي نوع من ممارسة الترويع والإرهاب على المدنيين. هذه حرب الحركة الإسلامية العالميه لملء الفراغ السياسي الذي يدعم إستمرار الحرب.
لا بد أن تعمل القوى المدنيه لوقف الزحف الإسلاموي والوقف الفوري للحرب بلا شروط بتوحيد نفسها وأن تمنع عسكرة المجتمع السوداني المدني وتوقف القذف به نحو المحرقه.
د. حيدر ابراهيم علي
مبادرة المرصد القومي للسلام واعادة البناء والتنمية
مركز الدراسات السودانيه
الخميس ١٣ يوليو ٢٠٢٣
المصدر: صحيفة التغيير