اخبار المغرب

تعديلات تنتظر مراجعة “التعريفة الصحية”.. ومهنيون يشتكون “تسميم الأجواء”

لا تزال مراجعة التعريفة المرجعية في القطاع الصحي “حجر عثرة” أمام النهوض بالقطاع الصحي، إذ يؤكد المختصون أن الوضع الحالي يؤدي إلى تجاوزات من قبل المهنيين لا يمكن معاقبتهم بشأنها، ناهيك عن “تسميم الأجواء بين المواطن والطبيب”.

وأقر خالد آيت طالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خلال مثوله بالبرلمان الاثنين، بأن عدم مراجعة التعريفة يفتح المجال أمام تجاوزات المصحات، قائلا إن الأمر راجع بالأساس إلى كون “التعريفة المرجعية الحالية متهالكة وفاتت صلاحياتها، ما يجعل هذه السلوكيات في بعض المصحات الخاصة”.

وذكر الوزير بدراسة أفادت بأنه “لا توجد مصحة تستطيع إدخال مصاريفها من التعريفة المرجعية، لأنها قديمة، وبالتالي يطلبون من الزبون أداء زيادات أو وضع شيك ضمان، وهو أمر يرفضه القانون”، متحدثا عن عزم الحكومة القيام بإصلاح ومراجعة التعريفة المرجعية، موردا أن “المراجعة خرجت من الأمانة العامة للحكومة وستتم فيها تصحيحات وتعديلات قبل إخراجها للوجود”.

وقال إن الأمر يهم “تعريفة لا غبار عليها لا يمكن من بعدها التعامل بطريقة أخرى، وهو ما سيحد من السلوكيات السابقة وسيخلق نوعا من الشفافية، ناهيك عن خلق نظام معلوماتي نطلب من القطاع الخاص الانخراط فيه، والمواطن المغربي حينما يدلي بملفه، سواء الهيئة المدبرة أو وزارة الصحة، سيكون هناك وضوح تام”.

في هذا الإطار، قال سعيد عفيف، رئيس التجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين بالقطاع الخاص، إن “القانون 56.00 الذي ينص على ضرورة مراجعة التعريفة كل ثلاث سنوات لا يزال ساري المفعول، لكن للأسف لم تتم المراجعة لمدة 17 سنة، رغم أنه كان لزاما أن نكون اليوم في إطار المراجعة الخامسة”.

وأضاف عفيف، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الاستشارة الطبية التي تعد المدخل الأول للتطبيب لا تزال تعريفتها 80 درهما للطبيب العام”، متسائلا: “هل يوجد اليوم طبيب عام في القطاع الخاص يقوم بالاستشارة بـ80 درهما؟”.

وذكر أنه سبق أن تم توقيع اتفاقية في يناير 2020 بين وزارة الصحة والوكالة الوطنية للتأمين الصحي والهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء والضمان الاجتماعي والنقابات الثلاث الأكثر تمثيلية وجمعية المصحات الخاصة، من أجل رفع تعريفة الاستشارة الطبية إلى 150 درهما، و250 درهما للطب الاختصاصي، و2500 درهم للإنعاش، و800 درهم للسرير بالإنعاش، إلا أنه “مرت ثلاث سنوات وهذه الاتفاقية لم تفعل”.

وأبرز عفيف أنه “في ظل الوضع الحالي، يؤدي المريض حوالي 54 بالمائة من ثمن العلاجات دون تعويض”، مشددا على أنه “يجب مراجعة التعريفة الوطنية ليكون الباقي المؤدى عنه قليل”.

وتابع بأن “3 بالمائة من المؤمنين اليوم يستهلكون 50 بالمائة من ميزانية التعويض الإجباري عن المرض، ويهم الأمر المصابين بأمراض السرطان والقلب والشرايين وأمراض الكلى والسكري”، مؤكدا أن “الوقاية عبر الاستشارة الطبية ستحد من الإصابة بهذه الأمراض ومن مضاعفاتها الخطيرة، وهو أمر لن يتأتى إلا عبر توفير ظروف التطبيب”.

وشرح قائلا: “اليوم الاستشارة الطبية لا تمثل إلا 4 بالمائة فقط من مجموع التعويضات، وهو رقم يمكن رفعه في حال تمت مراجعة هذه التعريفة”.
ودعا عفيف أيضا إلى مراجعة مدة الرد في حالات التكفل (prise en charge) لتصل إلى 48 ساعة على الأكثر، وهو ما سيساهم في الحد من طلبات وضع “شيك ضمان” للمصحات الخاصة.

وطالب كذلك بوضع تحفيزات للأطباء الذين يحترمون التعريفة المرجعية، قائلا: “فرنسا مثلا تصل إلى 99 بالمائة تؤديها عن الطبيب للضمان الاجتماعي لأنه يحترم هذه التعريفة”.

من جانبه قال الطيب حمضي: “اليوم يجري العمل بتعريفة مرجعية تم اعتمادها سنة 2006 وتم التوقيع عليها أمام الملك، آنذاك النقابات الممثلة للقطاع الخاص لم تكن راضية عن التعريفة، لكن بما أنها كانت تحت إشراف ملكي وبما أن القانون ينص على مراجعتها كل ثلاث سنوات، تمت الموافقة عليها”.

وأكد حمضي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “مراجعة التعريفة اليوم هي حجر الزاوية بالنسبة لتعميم التغطية الصحية الشاملة والنهوض بالمنظومة الصحية”.

وشدد على أنه “في ظل الوضع الحالي والاشتغال بتعريفة متقادمة، لا يمكن للوزارة الوصية أو وكالة التأمين متعاقبة مقدمي الخدمات الذين لا يحترمون تعريفة 2006”.

واعتبر حمضي أن هذه التعريفة “تفسد العلاقة ما بين المواطن والمنظومة الصحية عبر تغييب الشفافية والمصداقية”، وشرح بالقول: “مثلا، المواطن يعرف أنه يمكن أن يجري إجراء طبيا بثمن معين فإذا به يؤدي ثمنا آخر بطرق ملتوية، وهذا ما يسمم العلاقة ما بين المواطن والمنظومة الصحية”.

وتابع: “بما أن الدولة لا تحترم المراجعة، فلا يمكن للوزارة أو الوكالة أن ترتب عقوبات، وهناك بعض مقدمي الخدمات الذين يستغلون هذه النقطة”.

وأكد حمضي أن “القطاع العام بدوره يخضع للتعريفة المرجعية، وبالتالي هذا ما يؤدي إلى خلل في معاملاته وتوازناته المالية، إذ لا يسترجع الكلفة الحقيقية لخدماته من قبل صناديق التأمين”.

وختم بأنه “غير معقول أن تكون للمواطن التغطية الصحية ويؤدي من جيبه ما بين 30 و50 بالمائة من التكلفة المتبقية للعلاجات، هذا أمر لا يساعد في إنجاح ورش التغطية الصحية الشاملة، وهو يساهم في هروب مهنيي القطاع إلى الخارج”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *