تربويون ينادون باعتماد مهارات التعلم بدل الشحن في الإصلاح البيداغوجي

ينتظر فاعلون تربويون أن يحمل الموسم الدراسي المقبل مستجدات بيداغوجية وتشريعية هامة بعد الآراء التي عبر عنها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، الذي دعا إلى تجاوز النظام البيداغوجي القائم على الشحن إلى نموذج يقوم على مهارات المتعلم ومكتسبات التعلم.
وشدد المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، في رأيه حول مشروع القانون رقم 59.21 المتعلق بالتعليم المدرسي، على أن إصلاح منظومة التربية والتكوين يقتضي مراعاة المصلحة الفضلى للطفل.
الدورة الاستثنائية للمجلس المذكور وما تمخض عنها من آراء تتعلق بالإحالات الأولى لنصوص قانونية متعلقة بتنزيل مقتضيات القانون الإطار 1751، “ستحدث نوعا من الارتباك في تعاطي الحكومة مع مخططاتها التحضيرية للدخول المدرسي والمهني والجامعي المقبل”، بحسب خالد الصمدي، كاتب الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي سابقا.
في هذا الإطار، قال الصمدي في تصريح لهسبريس: “إذا تعاملت الحكومة بنوع من البرود مع آراء المجلس، فإن ذلك يعني تنزيل العديد من المشاريع الجديدة خارج التأطير القانوني وخارج المنهجية المتدرجة التي دعا إليها المجلس، مما سيعرضها للمراجعة، كما سيعني استمرار الارتباكات التي سجلها المجلس في مسار الإصلاح، خاصة في المخطط التشريعي والبرامج والمناهج والهندسة اللغوية، لسنة أخرى، وهو ما يعني مزيدا من هدر زمن الإصلاح الذي تم تجاوز منتصفه”.
أما إذا تعاملت الحكومة إيجابيا مع آراء المجلس، يضيف المتحدث، فـ”الأمر يتطلب وقتا لإعادة تحيين النصوص التي سجل المجلس ملحوظات وقدم فيها توجيهات استشارية في الجوهر قبل الشكل، وهذا يعني أن عددا من المشاريع التي كان من المنتظر أن يتم تنزيلها ابتداء من الدخول المقبل سيتم تأجيل تنزيلها إلى الموسم الدراسي والتكويني والجامعي لشتنبر 2024، ما دامت مرتبطة بالنصوص القانونية التي طالب المجلس الحكومة في إطار صلاحياته الدستورية بإعادة بنائها في إطار مخطط تشريعي تراتبي منسجم قبل أن تسلك مسارها التشريعي وتدخل حيز التنفيذ، وهذا يعني أن الموسم الدراسي المقبل لن يحمل جديدا ما عدا التحضيرات العادية التي تتخذها الحكومة في قطاعات المنظومة الثلاثة التي تتعلق في العادة بتطوير البنيات التحتية وتوفير الموارد البشرية وتنويع العرض البيداغوجي لاستيعاب تلاميذ التعليم المدرسي ومتدربي التكوين المهني وطلبة الجامعات والمدارس العليا التابعة للقطاعات الحكومية الأخرى، بالإضافة إلى الاستمرار في بذل مجهودات إضافية لتوسيع وتجويد الخدمات الاجتماعية التي تحتاجها المنظومة للتخفيف من الهدر المدرسي والجامعي”.
بالإضافة إلى هذه الملفات التي وصفها الصمدي بالتقليدية، هناك “تحديات تواجهها الحكومة في الدخول الدراسي المقبل وتعد امتدادا لهذا الموسم، أهمها الاستمرار في تنزيل الإصلاحات الهيكلية التي انطلقت منذ أربع سنوات، مثل توسيع الاستفادة من التعليم الأولي وإدماجه في التعليم المدرسي، والاستمرار في تحقيق أهداف التربية الدامجة، وتوسيع عرض التكوين المهني بفتح ما تبقى من مدن المهن والكفاءات، وتطوير الخريطة الجامعية لتحقيق العدالة المجالية وتكافؤ الفرص”.
بالنسبة للصمدي، سيحمل الدخول المقبل تحديات “تسريع إخراج الأنظمة الأساسية لأطر التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي بما يستجيب لطموحاتهم في الرقي الاجتماعي والمهني ويحفزهم للانخراط في تنزيل مقتضيات الإصلاح الذي تعد الموارد البشرية صلبه وعمقه، والحد من الاحتجاجات والوقفات والإضرابات التي تؤثر على المسار الدراسي والجامعي”.
وتدل المؤشرات الحالية، بحسب المسؤول الوزاري السابق، على “وجود صعوبات في إخراج هذه من النصوص القانونية التي تحتاج إلى مرحلة التوافقات بين الحكومة والفرقاء، ثم مراحل المسطرة الاستشارية فالتشريعية قبل دخولها حيز التنفيذ، مما يتطلب مزيدا من الوقت للتدقيق بمنظور شمولي يستدمج هندسة التكوين والتكوين المستمر، وتطوير المسار المهني والخدمات الاجتماعية ونظام التقييم والجودة، وغيرها من الملفات ذات الصلة بالموارد البشرية التي ينبغي أن ينظر إليها بمنظور شمولي يتجاوز المقاربة التقليدية التي ترتكز على جوانب دون أخرى كما نبه إلى ذلك القانون الإطار”.
وخلص الصمدي إلى أن كل هذه الملفات تعني أن “السنة لن تخرج عن المعتاد، ولكنها ستكون حاسمة في التحضير لتحولات كبرى خلال الموسم الدراسي 20242025، حيث سيكون ملف المراجعة الشاملة للبرامج والمناهج، بما فيها الهندسة اللغوية وتطوير وتنويع العرض البيداغوجي المدرسي والمهني والجامعي، بما في ذلك إعداد منظور جديد لنظام الباكالوريا وتطوير النظام البيداغوجي الجامعي بأسلاكه الثلاثة وفق مخطط متدرج كما دعا إلى ذلك المجلس”.
مسؤول تربوي
في دردشة مع مسؤول تربوي أكد أن “مجموعة من المديريات من المرتقب أن تطلق عددا من المشاريع التربوية في إطار مشروع مؤسسات الريادة، باعتباره إطارا منهجيا للأجرأة الميدانية لرزنامة مشاريع خارطة الطريق (20222026) داخل المؤسسات التعليمية الابتدائية العمومية وفق محاورها الثلاثة، حيث ستعمل هذه المؤسسات على مشاريع مندمجة تستجيب للأهداف الاستراتيجية لخارطة الطريق، وتمكين المؤسسات التعليمية من الاعتمادات اللازمة لتمويل مشاريعها”.
وعلى المستوى التربوي، أفاد المتحدث بأنه “سيتم اعتماد برنامج مكثف للتدريس وفق المستوى المناسب TaRL في مواد الرياضيات، العربية والفرنسية ابتداء من شتنبر 2023 بجميع مؤسسات الريادة لتجاوز التعثرات المسجلة، على أن يتم ابتداء من شهر أكتوبر 2023 اعتماد هذه المقاربة في إطار الدعم التربوي خارج الحصص الدراسية المبرمجة، كما سيتم تكوين الأساتذة حول التدريس الفعال قصد مأسسة الممارسات الجيدة في مجال التدريس، وتمكين الأساتذة من عدة بيداغوجية متكاملة، مع استثمار أكبر للوسائل الرقمية، كما سيتم العمل على مواكبة ميدانية وتأطير عن قرب لهذه المؤسسات من قبل فريق من المفتشين المواكبين الذين تم تكوينهم”.
وبالنسبة للغات، سيتم، بحسب المسؤول ذاته، “تعزيز تدريس الأمازيغية عبر استكمال التعميم التدريجي على مستوى جميع المؤسسات التعليمية، بما في ذلك الفرعيات، ابتداء من الموسم الدراسي 20222023، وتحقيق نسبة تغطية تصل إلى 50 في المئة خلال السنة 20252026، على أن يتم بلوغ التعميم التام خلال السنة الدراسية 20292030”.
أما بالنسبة للغة الإنجليزية، فسيتم تعميمها بالتعليم الإعدادي، حيث “سيتم خلال الموسم الدراسي 20232024 إرساء اللغة الإنجليزية بالسنة الأولى من التعليم الإعدادي بنسبة تغطية تصل إلى 10 في المئة، وبالسنة الثانية بنسبة تغطية تصل إلى 50 في المئة. وبالنسبة للموسم الدراسي 20242025، سيتم توسيع تدريس اللغة الإنجليزية بنسبة تغطية تصل إلى 50 في المئة بالسنة الأولى من التعليم الإعدادي، وبنسبة 100 في المئة بالسنة الثانية من التعليم الإعدادي، فيما سيتم خلال الموسم الدراسي 20252026 تعميم تدريس هذه اللغة بجميع مستويات السلك الإعدادي”.
المصدر: هسبريس