نازحة بمدني لـ«التغيير»: الموت كان يحيطنا من كل مكان وأحلم بالعودة

«ربيعة»، نازحة من الخرطوم إلى مدينة ود مدني بالجزيرة، حالها كحال كثيرين، غير أنها كانت أكثر قرباً لمناطق الاشتباكات، ولازالت كوابيس تلك الأيام القاسية تروادها، ولكنها تحلم بالعودة للخرطوم.
التغيير ود مدني: عبد الله برير
دفعت الحرب في العاصمة السودانية الخرطوم آلاف السكان إلى مغادرة منازلهم، بحثاً عن الأمان ليستقر بعضهم في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط البلاد في دور الإيواء المخصصة للنازحين.
ومن إحدى دور الإيواء بمدني تحدثت لـ«التغيير» ربيعة عيسى يحيى، وهي من حي الإنقاذ مربع 2 جنوب الخرطوم والتي جاءت لمدينة ود مدني في الثامن والعشرين من رمضان الماضي.
وقصة «ربيعة» تتشابه وكثيراً من قصص الذين دفعتهم حرب الجيش والدعم السريع منتصف أبريل الماضي، إلى ترك منازلهم وممتلكاتهم للنجاة بأرواحهم من القصف المدفعي والاشتباكات المستمرة حتى اليوم دون بارقة أمل في وقف القتال.
في مرمى النيران
وقالت ربيعة لـ«التغيير» إن بداية الاشتباكات كانت قريبة منهم في منطقة المدينة الرياضية وحي المجاهدين وأرض المعسكرات بضاحية سوبا مما جعلهم في مرمى النيران.
وأشارت إلى أن اخبار الموت كانت تحيط بهم من كل مكان وقالت:
«توفي صبي عمره 13 عاماً وهو طالب بالمرحلة المتوسطة، أصيب بطلق ناري في التاسعة صباحاً ولم يستطع ذووه مواراة جثمانه إلا في الثالثة عصراً».
وأضافت: «توفي كذلك شقيق صديقتي في مربع 1 وترك أطفاله الأربعة، كما أن صديقة ابنتي توفيت وهي نائمة في سريرها بعد أن أصابتها طلقة وما زلنا نسمع أخبار الموت حتى اليوم».
واسترجعت ربيعة شريط بداية الاشتباكات قائلة: «أيقظتني أمي وهرعت للمدرسة لإنقاذ ابنتي التي كانت تخضع للامتحانات، وبالفعل أحضرتها معي وبرفقتها خمس من زميلاتها من ذات الحي الذي نقطن به.. بعض الطلقات النارية أصابت سطح المدرسة والتلميذات كن في حالة هلع».
وتابعت: «كنا نشاهد ونسمع الطيران يضرب منطقة سوبا والمدينة الرياضية حيث تبدأ الاشتباكات بحلول أذان المغرب ولم نستطع يوماً أن نتناول فطور رمضان بسبب الرعب الذي عشناه».
قرار الرحيل
وأوضحت ربيعة أنهم قضوا خمسة أيام صعبة لم يتذوقوا فيها طعماً للنوم والراحة بالإضافة إلى ظروف الصيام حتى قرروا في نهاية الأمر السفر إلى ولاية الجزيرة مع رفض الوالد للمغادرة.
وقالت: «مع انتهاكات قوات الدعم السريع حسمنا أمرنا أنا وأبنائي وشقيقتي وأولادها وامتطينا عربة (بوكس) وسط الدبابات والأشجار المحترقة وكنا معرضين لخطر الموت وسمحوا لنا بالمرور بسبب وجود الأطفال معنا».
وأضافت: «كلما استحضرنا الأيام التي قضيناها هناك قبل المغادرة أحس أن الأمر كان كابوساً ولم يكن حقيقة.. كانت لحظات عصيبة».
وبعد الوصول لمدينة ود مدني مكثت ربيعة عيسى مع ذويها إلا أنها سرعان ما فكرت في الرحيل، ونوهت إلى أنها في بداية الأمر اصطدمت بأسعار إيجارات المنازل التي وصلت إلى 700 ألف جنيه وأحيانا 900 ألف مما دفعها لمقابلة المسؤولين في وزارة الشباب والرياضة وصولاً لتتبيعها إلى إحدى دور الإيواء.
وعن المعسكر الحالي قالت ربيعة: «لم تصلنا أي منظمة سوى جمعية الهلال الأحمر ونعتمد على الشباب المتطوعين ودعومات أهل الحي».
وأضافت بأنها تحلم بالعودة إلى الخرطوم، وختمت بالقول: «نتمنى أن تتوقف هذه الحرب ونعود لديارنا».
المصدر: صحيفة التغيير