أحزاب سياسية إسبانية تخوض غمار الانتخابات بحضور المغرب وتجاهل الجزائر
أفرجت القوى السياسية بإسبانيا عن برنامجها السياسي لخوض غمار الانتخابات المرتقبة. وكما كان متوقعا، جاء المغرب ضمن النقاط الرئيسية، في وقت غابت فيه الجزائر تماما.
ويعتزم حزب العمال الاشتراكي بإسبانيا مواصلة تعزيز العلاقات مع المملكة المغربية، في إشارة واضحة إلى “استكمال خارطة الطريق الموقعة خلال القمة الثنائية بين البلدين، وكذا الحفاظ على الموقف الإسباني التاريخي من مخطط الحكم الذاتي بالصحراء المغربية”.
وتجاهل برنامج الحزب الحديث عن الجزائر، مكتفيا بذكر “مواطن القوة” في العلاقات المغربية الإسبانية في ملفات الهجرة والاقتصاد والتعاون الأمني، مؤكدا أن “مواصلة التعاون وبناء العلاقات الفريدة بين الجانبين، أهم نقاط الحزب في سياسته الخارجية”.
في المقابل، خرج الحزب الشعبي اليميني بمفاجأة “قوية” في برنامجه الانتخابي، إذ على الرغم من لغة زعيمه فاييخو “الهادئة” تجاه الجار الجنوبي، إلا أن الحزب شدد على “فرض رسوم جمركية على المنتوجات الزراعية المغربية”، معتبرا أن “الاتفاق الزراعي الذي يجمع بروكسيل بالرباط غير متكافئ”، وذلك في “تناقض” واضح مع نظيره البحري الذي تغيب فيه الخسارة الاسبانية، باستفادة أسطول مدريد من غالبية السواحل المغربية.
موقف متجدد
حفيظ الزهري، محلل سياسي، يرى أن “تجاهل سانشيز للجزائر في برنامج حزبه الانتخابي، موقف معبر عنه منذ وقت طويل، وفي العديد من المناسبات”.
وقال الزهري، في تصريح لهسبريس، إن “موقف حزب سانشيز من العلاقات مع المملكة المغربية واضح للغاية، وتم الإفراج عنه على لسان الحكومة الحالية التي تسعى لمواصلة العلاقات المتميزة بين البلدين”.
المحلل السياسي عينه اعتبر أن “البلدين حاليا عازمان على مواصلة التعاون في شتى المجالات، خاصة فيما يتعلق بالمشروع الثوري لتنظيم كأس العالم 2030، الذي سيمكن إسبانيا من لعب دور الربط بين أوروبا والمغرب، كما سيمكن الأخير من أن يكون صلة وصل بين القارتين الإفريقية والأوروبية”.
وفيما يخص البرنامج الانتخابي اليميني، قال المتحدث عينه إن “فاييخو يعلم أن تغيير موقف بلاده من الصحراء غير ممكن بتاتا، لأن ذلك سيجر على بلاده الكثير من الخسارة، لكون إنهاء هذا الموقف يعني فشل الاتفاقات الأخرى وتأزم العلاقات من جديد”.
لا فائدة مع الجزائر
من جانبه، سجل نبيل دريوش، محلل سياسي مختص في الشأن الإسباني، أنه “قد كان هنالك تقارب كبير بين حكومة سانشيز والجزائر في عهد وزيرة الخارجية آرانتشا غونزاليث لايا، وهو ما قاد في منتصف عام 2021 إلى أزمة غير مسبوقة مع المغرب، لأن أي محاولة جزائرية للتقرب من إسبانيا يكون هدفها الإضرار بالعلاقات بين الرباط ومدريد بحكم افتقار السياسة الخارجية الجزائرية لرؤية في علاقاتها مع إسبانيا تخدم من خلالها مصالحها”.
وصرح دريوش لهسبريس بأن “النخبة الإسبانية الموجود في السلطة باتت مقتنعة بأن أي تقارب مع الجزائر يجب ألّا يكون على حساب الإضرار بعلاقات إسبانيا مع المغرب الذي تربطها به مصالح استراتيجية كبيرة”، قبل أن يوضح أن “التجاهل يعني أن سانشيز مدرك أن الجزائر ليس لها ما تقدمه لإسبانيا غير الجانب الطاقي، ومدريد تدرك من خلال التقارير والتحاليل التي تنجزها أن الجزائر باتت بلدا خارج التحولات الدولية الراهنة، إذ شاهد العالم كيف ذهب عبد المجيد تبون إلى روسيا وكيف تملق لبوتين”.
“وجود الجزائر علانية في المعسكر الروسي جر عليها غضب الغرب، وأكد أنها لا يمكن أن تكون شريكا موثوقا”، يتابع المتحدث عينه، مبينا أن “هذا يأتي عكس ما يحصل اليوم مع المغرب الذي بنى سياسة خارجية متوازنة وذكية، تخدم مشروعا وطنيا ومصالح وطنية، وفق رؤية واضحة رسمها الملك محمد السادس منذ ربع قرن وأعطت ثمارها بشكل جلي”.
المصالح
“يجب ألّا ننسى أن الحزب الشعبي هو حزب يميني يمثل أصحاب المصالح واللوبيات داخل إسبانيا، بما فيها الفلاحية، خصوصا أنه يحكم إقليم الأندلس، أحد أكبر الأقاليم الفلاحية في إسبانيا، وطبيعي أن يغازل هذه الكتلة الناخبة التي ترى أن مصالحها مهددة بسبب وجود بلد فلاحي في الضفة الجنوبية بإنتاج ذي جودة وبأقل تكلفة وقدرة تنافسية أكبر، كما يجب ألّا نغفل أن تدبير شؤون الدولة يختلف عن تدبير الحملات الانتخابية ونعي هذا الأمر جيدا”، بحسب المحلل السياسي ذاته أثناء تبيانه دلالات البرنامج الانتخابي لحزب فاييخو.
ولفت دريوش إلى أنه “في البداية، كان زعيم الحزب الشعبي يطلق تصريحات تعد بتحسين العلاقات مع الجزائر، وكانت تصريحاته بخصوص المغرب باردة، بل تنم عن جهله بأهمية الملف، لكن لاحظنا مراجعات عندما تحدث على أن العلاقات بين الرباط ومدريد استراتيجية، بل ذهب أبعد من ذلك عندما أعلن أنه سيحترم تقليد القيام بأول زيارة خارجية له (إذا فاز برئاسة الحكومة) إلى المغرب”.
وخلص دريوش إلى أن “هذا التصريح يستبق به فاييخو حتى فوزه في الانتخابات التشريعية. فعادة لا يصدر مثل هذا الأمر إلا بعد إعلان الفوز، ما يشي بأن زعيم الحزب الشعبي بات يدرك حجم المصالح مع المغرب ويريد من خلال تصريحه هذا التطمين، وأيضا إخبار الجزائر التي تنتظر تغييرا في الموقف الإسباني من قضية الصحراء، وهو أمر يتأكد لها كل يوم أنه صعب المنال”.
المصدر: هسبريس